رئيس التحرير
عصام كامل

صدأ العقل العربي


تتقدم الأمم وترتقي الشعوب ومازال المواطن العربي المسلم مشغولا ببول البعير، وإرضاع الكبير، ونكاح الصغيرات، ومعاداة النساء، وتكفير أهل الذمة، وتحريم ميكي ماوس، وتكبيل نفسه بحزمة من الخزعبلات والهرطقة والفتاوى المثيرة للجدل، التي تغل قدمه عن التقدم نحو المستقبل، مكتفيًا بالاستغراق في الماضي والسير عكس الطريق الذي تسلكه البشرية في سعيها الدائم للبحث عن كل ما يفيدها، بهدف جعل الحياة أكثر أمنًا واستقرارًا، وبما يضمن سهولة للتعامل بين الحضارات، ونشر ثقافة المحبة بعيدًا عن التمييز على أساس الدين والجنس واللون.


الشعب العربي منذ البداية اختار الانزواء والاكتفاء بلعب دور المفعول به دومًا، ولم تكن لديه شجاعة الفاعل يومًا، أو أن يكون عنصرًا نافعًا في ظل ما يشهده العالم من انفتاح وثورات معلوماتية وتكنولوجية، بل بالعكس تسبب في إيذاء هذا العالم بما أخرجه من جماعات الفاشية الدينية التي شوهت الإسلام وجعلت منه مرادفًا للإرهاب.

سيكولوجية المواطن العربي تم برمجتها على إلغاء العقل أمام تابوهات ظل أسيرًا لها قرونًا طويلة، دون أن يجرؤ على التفكير في ماهيتها، وما جدوى التمسك بها، طالما كانت السبب في تأخره وتخلفه، فضلًا عن أنها صنعت منه كائنا اتكاليا غير قادر على الإبداع، ولا يملك القدرة على الابتكار فقط يستهلك وينتفع بما ينتجه الغرب من أجهزة وسيارات وإنترنت وغيرها، ثم يتهم الغرب بالكفر.. والحقيقة لا أعلم ماذا قدم الشرق المؤمن للعالم حتى يتبجح ويوزع صكوك الإيمان والكفر على بني الإنسان؟!

العرب منحوا عقولهم أجازة مفتوحة حتى علاها الصدأ، وأغلقوا باب الاجتهاد، واستسلموا لإرث من الموروثات الفكرية التي سنها الأسلاف من أئمة المذاهب وشيوخ الفقه والتفسير، الذين نزلوا عند العرب منزلة الملائكة المنزهين واتخذوا من أقوالهم آيات مصدقة، رغم أنهم بشر وما يقولونه ويفتون به يحتمل الصواب والخطأ، ويخضع للنقاش لأنه ليس قرآنا مُنزلا من السماء.

نحن كعرب بحاجة إلى الإيمان بفكرة التجديد وضرورة الإصلاح، وأقصد هنا إصلاح النفس الذي ينبغي أن يأتي في المرتبة الأولى في سلسلة الإصلاحات التي علينا القيام بها، ومن ثم يستتبع ذلك إصلاح ديني يستلزم تنقيح العقيدة مما شابها - على مدى الـ 14 قرن- من أفكار مغلوطة، ورؤى عقيمة، وتشريعات تتنافي مع جوهر الإسلام الوسطي الحقيقي الذي ينادي بالسلام والتحلي بـ الأخلاق والتسامح ويدعم القيم الإيجابية، ويدعو الناس بالحكمة والموعظة الحسنة، كما نحتاج إلى أن ننفض عن أرواحنا تراب الخرافات، وترك التدين الظاهري المتمثل في اللحية والجلباب والنقاب، ونذكي في أنفسنا قيم العمل وإتقانه والأمانة وعدم الكذب، لأن الله لا ينظر إلى صورنا، ولكن إلى قلوبنا وأعمالنا ونياتنا.. الدين علاقة بين العبد والرب لا يجوز لأحد التدخل فيها، أو قهر الآخر بدعوى الإسلام ،لأنه جاء في القرآن الكريم {فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُر}{ لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} { لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِين}.
الجريدة الرسمية