رئيس التحرير
عصام كامل

"الكنيسة الأرثوذكسية" تحيي الذكرى الـ43 لتتويج "البابا شنودة" بطريركًا.. من قرية سلام خرج "نظير" ليصيـر راهبًا بدير السريان.. ومن ألقابه "بابا العرب" و"حكيم الزمان"

فيتو

«14 نوفمبر».. تاريخ لن تنساه الكنيسة الأرثوذكسية، لارتباطه بذكرى يحتفى فيها المصريون باعتلاء بابا العرب السدة المرقسية، ويكون البطريرك الـ117 للكنيسة القبطية الأرثوذكسية، إنه "البابا الراحل.. شنـودة الثالث".


وتتزامن اليوم ذكرى تتويج البابا الراحل وتجليسه الـ43 على السدة البابوية، وإن كان مضى عليه أكثر من عامين في رحاب السماء وسط الملائكة والقديسين، فإذا بالكنيسة والأقباط كل منهما يحتفل بتلك الذكرى على طريقته الخاصة.

ما جعل من صفحات مواقع التواصل الاجتماعى طريقة ووسيلة، حتى تكتظ من صور ومواقف البابا الراحل، فيما قام بعض الأساقفة أعضاء المجمع المقدس بكتابة كلمات رثاء وذكرى للبابا عبر حسابهم الخاص بمواقع التواصل الاجتماعى.

غاب عن العالم، وذكراه تبقى ولهذا لقبوه بـ«حبيب الملايين»، واشتهر في العالم بـ«بابا العرب» لمواقفه الوطنيـة، إنه ابن قرية سلام بجنوب الصعيد بمحافظة أسيوط، ولد في 3 أغسطس عام 1923 وحمل اسم نظير جيد روفائيل، توفيت والدته بعد مولده بساعات، فالتصق "نظير" بشقيقيه روفائيل الأخ الأكبر، وشوقى الذي أصبح فيما بعد المتنيح القمص بطرس جيد، وخمس من الأخوات البنات.

تنقل ما بين الإسكندرية ودمنهور وارتبط بشقيقه الأكبر، نظرًا لترحاله بطبيعة عمله، فكان دائمـًا شغوفا للمعرفة وحب الاطلاع، وفى المرحلة الجامعية التحق بجامعة فؤاد الأول، في قسم التاريخ، وبدأ بدراسة التاريخ الفرعوني والإسلامي والتاريخ الحديث، وحصل على الليسانس بتقدير (ممتاز) عام 1947.

وفي السنة النهائية بكلية الآداب التحق بالكلية الإكليركية، وحصل على الليسانس بثلاث سنوات، وبعدما تخرج من الكلية الإكليريكية عمل مدرسًا للغة العربية ومدرسا للغة الإنجليزية، وحضر فصولا مسائية في كلية اللاهوت القبطي وكان تلميذًا وأستاذا في نفس الكلية في نفس الوقت.

وانطلق في خدمته في مجال مدارس الأحد عام 1939 م في كنيسة السيدة العذراء بمهمشة والتي كانت كنيسة الكلية الإكليريكية في ذلك الوقت وكانت في فناء الكلية، في عام 1940 - 1941 م، أنشأ فرعا لمدارس الأحد في جمعية الإيمان بشبرا، ونظرا لنشاطه الكبير ضمه الإرشيدياكون حبيب جرجس للجنة العليا لمدارس الأحد.

واشتهر بخدمته للشباب بكنيسة الأنبا أنطونيوس بشبرا حيث كان مستخدمًا لباقة الحديث وثقافته، كان شغوفًا بالكتابة والقصائد الشعرية وعمل لمدة سنوات محررًا ثم تولى رئيسًا لتحرير في مجلة "مدارس الأحد" وفي الوقت نفسه كان يتابع دراساته العليا في علم الآثار القديمة، دخل الخدمة العسكرية وخرج منها برتبة ملازم أول.

ليبدأ في حياة "نظيـر" منحنى آخر، بعدما كتب آخر قصائدة، بعنوان "يا سائح " فذهب إلى طريق الصحراء " بدير العذراء السريان" حيث الهدوء والصلاة، ترهبن باسم (أنطونيوس السرياني) في يوم السبت 18 يوليو 1954، وعاش حياة الوحدة من عام 1956 إلى 1962 في مغارة تبعد نحو 7 أميال عن مبنى الدير مكرسًا فيها كل وقته للتأمل والصلاة.

ومن ثم نال درجة القسيسية، وأسند إليه الأنبا ثاؤفيلس ــــ رئيس الدير آنذاك ــــ الإشراف على المكتبة الاستعارية والمخطوطات في دير السريان بعد أن تركها القس مكاري السرياني "الأنبا صموئيل أسقف الخدمات العامة ـــ الذي قتل مع السادات".

وبعد عشرة أعوام شغل منصب سكرتير خاص لقداسة البابا كيرلس السادس في عام 1959؛ ومن ثم رُسِمَ أسقفًا للمعاهد الدينية والتربية الكنسية، وكان أول أسقف للتعليم المسيحي وعميد الكلية الإكليريكية، وذلك في 30 سبتمبر 1962.


وبعد رحيل البابا كيرلس السادس أجريت انتخابات للبابا الجديد، وجاء بالقرعة الهيكلية الأنبا شنودة أسقف التعليم ليكون بطريركًا للكنيسة، يوم الأحد 31 أكتوبر 1971 م، بدأ القداس الذي يسميه الأقباط قداس "القرعة الهيكلية"، بحضور رجال الدولة وسفير إثيوبيا وعدد من الشخصيات العامة، وجاء في الورقة التي اختارها الطفل أيمن منير كامل غبريال من بين الأسماء، البابا شنودة بطريركًا.

وفي 14 نوفمبر 1971، أقيم حفل تتويجه وتجليسه على الكرسي البابوي، بحضور وفود من كنائس متعددة ورجال الدولة، ومن بين الحضور كان مار أغناطيوس يعقوب الثالث بطريرك أنطاكية للسريان الأرثوذكس، ومار خورين الأول كاثوليكوس الأرمن الأرثوذكس، ووفد من الكنيسة الهندية السريانية الأرثوذكسية، ووفد من الكنيسة الإثيوبية برئاسة ثاؤفيلس بطريرك إثيوبيا.
وكذا الكنيسة الروسية وممثل عن الأزهر وعن الدولة.

وشهدت الحقبة البابوية نهضة في التعاليم الكنسية والكرازة، حيث دشن وافتتح عددًا من الكنائس القبطية بالمهجر، وقام بسيامة أكثر من 100 أسقف، واشتهر بموقفه الرافض للتطبيع مع إسرائيل.

إلى أن وافته المنية ليترك فراغًا وقتها في 17 مارس 2012، ليظل ثلاثة أيام جالسًا على الكرسى البابوي يتوافد عليه الملايين لإلقاء نظرة الوداع وفقا للتقليد الكنسى، والذين احتشدوا من كل دول العالم، مسلمين ومسيحيين، وتباكوا على فراق بابا مصر والعرب بعد حقبة بابوية اجتازت الأربعين عامًا.

ودفن في تابوت أهداه إليه البابا بندكتوس السادس عشر بابا الفاتيكان، ويرقد جثمانه بدير الأنبا بيشوى ليتوافد عليه الزوار للتبارك منه، وتحيي الكنيسة ذكرى رحيله كل عام بإهداء جائزة باسمه للعلماء وسبق وفاز بها العام الأول لرحيله الدكتور مارتن شرايبر، الطبيب الأمريكى المعالج للبابا شنودة ورئيس قسم مركز الكلى بجامعة كيلفيلاند بأمريكا، والعام الثانى فاز بها المهندس هاني عازر وحصل على جائزة البابا شنودة في شهر مارس الماضي مناصفة مع المهندس إبراهيم سمك، أحد رواد الطاقة الشمسية.
الجريدة الرسمية