رئيس التحرير
عصام كامل

جدل حول زواج الأرملة من شقيق المتوفى فى غزة

فيتو

ظاهرة تزويج الأرملة لشقيق زوجها المتوفى تؤثر سلبيا على نفسية الأرملة والأطفال على السواء، خصوصا أن الزوج البديل كان مُحرما خلال حياة الزوج الأول، وأثار هذا الموضوع جدلا كبيرا حول هذه الظاهرة المجتمعية في غزة.

تذهب الأرملة منال إلى مقر مؤسسة "رعاية اُسر الشهداء" للمطالبة بصرف المخصصات الشهرية لزوجها المتوفى في الحرب، وتعاني منال من انقطاع شبه تام بينها وبين أسرة زوجها المتوفى، حيث لا تود الدخول في نزاعات بشأن الميراث.

تقول منال: "أنا وأبنائي الثلاثة نعيش على راتب شهري متواضع لزوجي الشهيد بعد أن رفضت الزواج من شقيق زوجي الذي أعتبره بمثابة أخ لي، لم أكن أتخيل أن أصبح في يوم ما زوجة له بعد أن كان مُحرما على، ولديه أيضا سبعة أطفال".

وللأرملة صفاء تجربة بهذا الشأن، فهي وافقت على الزواج من شقيق زوجها المتوفى الذي يكبرها بـ18 عاما، وتشير الزوجة صفاء أن "العادات والتقاليد المُجتمعية والخوف من المشاكل العائلية جعلتني أوافق على الزواج".

مثل هذا الخوف دفع أيضا ببعض أشقاء الزوج المتوفى للزواج من زوجة المتوفى، وبذلك يصبح الزوج والزوجة والأبناء في حلقة صراع نفسي واجتماعي "لا يلمسه المجتمع بل من يعيشون التجربة المفروضة عليهم" كما يؤكد المختصون الاجتماعيون.

النسيج المجتمعي

تلعب الطفلة آلاء مع أشقائها الخمسة وأبناء عمها الأربعة في فناء المنزل، بينما تراقب زوجتان هؤلاء الأطفال من زوج واحد، الزوجة الثانية "مها" وهى الأرملة السابقة لشقيق الزوج الحالي، تشير أنها قبلت الزواج من شقيق زوجها المتوفى لحماية أبنائها ولرعايتهم. مضيفة أن "العم والجد أحرص الناس على رعاية أبنائي والحفاظ على حقوقهم بغض النظر عن أي مشاعر، كانت بداية التجربة صعبة، لكننا تفهمنا الأمر".

الزوج عبد الله يشير إلى أن فقدان شقيقه في الحرب كان له وقع الصدمة الشديدة عليه وعلى أسرته، مضيفا أن إصرار والديه على ضرورة الحفاظ على أبناء أخيه "دفعه لقبول الزواج من أرملة أخيه حتى لا يضيع الأطفال في متاهات الحياة".

ويري الشيخ أحمد جلال أن ذلك ضروري " لحماية الترابط والنسيج المجتمعي ولإعادة التوازن والتكافل والاستقرار في لأسرة التي فقدت الزوج، وأيضا حتى تشعر الأرملة بأنها ليست غريبة في بيت أهل زوجها ".

حق المرأة في اختيار شريك حياتها

الرغبة في الحفاظ على النسيج الاجتماعي أو فكرة الترابط الأسري بهذا المفهوم لاتجد ترحيبا كاملا لدى كل الناس، الباحثة الاجتماعية في مركز شئون المرأة في غزة هداية شمعون اعتبرت أن مثل هذه الأفكار" تغفل حياة امرأة وأحلامها وتخرق حقها في اختيار زوج مناسب لها، قد لا يكون أخ الزوج بالضرورة".

وعن المواقف المؤيدة لمثل هذا الزواج الذي قد تُمليه الضرورة لمعالجة مشاكل عويصة، تجيب الباحثة هداية قائلة "قد يكون أحيانا حلا مثاليا إن كان هنالك توافق بين الزوجين وملائمة في المستوى التعليمي والاقتصادي أو تراضي بينهما للحفاظ على الأبناء في ذات العائلة وذات الأعمام والأجداد، ولكل حالة خصوصيتها ولا يجب تعميم المسألة".

مواجهة الصراعات المجتمعية

تركت منال بيت أهل زوجها لتعود مجددا للعيش مع والديها بعد رفضها الزواج من شقيق زوجها المتوفى لأسباب تتعلق بالإرث.

وتلاحظ الباحثة شمعون قائلة: " إذا كان الحفاظ على الميراث خلف إكراهها على الزواج فهذا لم يعد زواجا بل يعد امتلاكا، وهو أمر مرفوض جملة وتفصيلا ".

غير أن الشيخ جلال يعتبر أن " المجتمع الفلسطيني له خصوصيته بسبب الحروب التي قضت على آلاف الشباب والأزواج ولكل عائلة الحق في الحفاظ على التركة، الأعمام والأجداد هُم احرص الناس على حقوق الأرملة وأبناء الفقيد المتوفى، حيث إن للجد حضانة الأيتام ومن الضروري التوفيق بين كل ذلك"، حسب الشيخ جلال.

بين الواقع والمشاعر

الأرملة عواطف لها ستة أطفال تزوجت شقيق زوجها المتوفى ولديه خمسة أطفال وأنجبا طفلا من هذا الزواج، وبدأ الزواج بخلافات كبيرة بين الزوجة الأولى والثانية، وبعد الاحتكام سكنت "الزوجتان في بيتين منفصلين".

تؤكد الباحثة الاجتماعية هدي أن لهذه التجربة تداعيات نفسية واجتماعية متسائلة: "كيف يتصور المجتمع أن تصبح الزوجة بين عشية وضحاها مهيأة لنسيان حزنها وألمها لفراق زوجها المتوفى الذي تجمعها به ذكريات وحياة بأكملها، وتهيئ نفسيتها لشقيق المتوفى الذي قد يعتبر هو الآخر نفسه مضحيا بهذا الزواج لإرضاء المجتمع، وليس لأنه يريد ذلك؟".

هذا المحتوى من موقع شبكة ارم الإخبارية اضغط هنا لعرض الموضوع بالكامل

الجريدة الرسمية