رئيس التحرير
عصام كامل

تكلم يا وزير الصحة !


توقعت أن يبادر الدكتور عادل عدوى، بالرد على ما أثاره الدكتور محمد عبد الوهاب المشرف على برنامج زراعة الكبد بجامعة المنصورة.. وأحد مؤسسى مركز المنصورة لعلاج الجهاز الهضمى.. صاحب الشهرة المحلية والعالمية، من تحفظات على فاعلية دواء «السوفالدى» في القضاء على مرض فيروس «سى».


وصف الدكتور عبد الوهاب، العقار الجديد على صفحات «فيتو»، بأنه كذبة كبرى ويكلف مصر ٢٠ مليار جنيه.. وأشار إلى أن إعلان وزير الصحة أن العقار يصلح لمرضى التليف الكبدى، كلام مطاطي.

وعندما تصدر تلك التصريحات عن عالم كبير حصل على سمعة عالمية في مجال تخصصه، وقامت المجلات العلمية والعالمية المتخصصة بنشر الأبحاث التي أعدها عن أمراض الكبد، فيجب أن تجد تحفظاته الاهتمام البالغ، وكان يجب ألا يتأخر وزير الصحة في الرد بدلًا من أن يعمل بالحكمة السائدة بين الوزراء «أذن من طين وأخرى من عجين»، ويعلن أن توفير العقار في السوق المصرية بداية حقيقية للقضاء على هذا الوباء اللعين.. وأن بدء العلاج بـ«السوفالدى» كان الخميس الماضى، ما يعد فتحًا جديدًا ويضع مصر على الطريق السليم، متجاهلًا التحفظات التي أوردها الدكتور عبد الوهاب من أن الإعلان عن الدواء قبل إجراء الاختبارات اللازمة خطأ.. ووصف الإسراع في تسجيله بأنه يثير الريبة!

وكان على وزير الصحة أن يقطع الشك باليقين، ويشكل لجنة من المتخصصين الذين لم تتلوث سمعتهم بالحصول على رشاوى من شركات الأدوية الأجنبية التي حولت العديد من الأطباء إلى مندوبى إعلانات مقابل تلقى أموال طائلة دفعتهم للتغاضى عن مدى فاعلية الدواء.

المشكلة أن دور هيئة الرقابة الدوائية قد تقلص منذ سنوات تحت ضغوط شركات الدواء الأجنبية؛ ما أدى لاستبعاد عدد من أفضل الخبراء في هذا المجال وفى مقدمتهم الدكتور رءوف حامد، الذي كشف منذ سنوات عن الأساليب التي تتبعها الشركات في الحد من تأثير الهيئة، وهى المخولة بإقرار سلامة الدواء أو منعه من التداول.

وقد تصدت الهيئة مرات عديدة لمساعى شركات الأدوية العالمية بتجريب منتجاتها على المصريين وكأنهم فئران تجارب، ما أزعج وكلاء تلك الشركات ودفعهم لمحاولة الإساءة إلى الهيئة من خلال حملات إعلانية تكلفت ملايين الجنيهات، ولم تتوقف مساعيهم عن اجتذاب عدد من خبراء الهيئة في التعاون معهم.. ما أذكى الصراع بين العناصر التي ترفض هذا النهج وتعتبره رشاوى واضحة، وبين الذين يتحججون بأنهم يمارسون مهنتهم دون انحياز للشركات التي يعملون معها في مجال الأبحاث وتوفر لهم إمكانيات لا تستطيع أية جهة حكومية توفيرها.. ما يصب في صالح المريض المصرى.

والنتيجة أن الشركات الأجنبية كانت الفائز الوحيد في تلك المعركة التي لم تسفر عن إضعاف هيئة الرقابة فقط.. إنما ما زال المريض المصرى يدفع تكلفتها الباهظة بسبب غياب المؤسسة الوطنية الحائدة عن أداء مهامها الرقابية.
لذلك نقول لوزير الصحة تكلم.. فالأمر لا يحتمل التأجيل.
الجريدة الرسمية