رئيس التحرير
عصام كامل

"الشباب التونسي" يتجاهل الانتخابات التشريعية

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

ينتظر برلمان تونس المقبل معالجة كثير من الملفات المرتبطة بالشباب، مثلا مواضيع سوق العمل والبرامج التعليمية والثقافية، غير أن الوعود التي تقدمها الأحزاب المتنافسة قبيل الانتخابات لا تجد دعم كل الشباب بمواقفهم المتباينة.

فمع انطلاق الحملة الانتخابية التشريعية التي ستجرى في 26 من الشهر الجاري، يلاحظ وجود فتور ولا مبالاة لدى الشباب في الجامعات والمؤسسات المهنية وفي صفوف العاطلين، عدا لدى بعض الشباب المنخرطين في الأحزاب السياسية والذين يتحركون من خلال توزيع المنشورات الخاصة بالبرامج الانتخابية لأحزابهم وتعليق القائمات أو المشاركة في الاجتماعات الشعبية.

ومن بين هؤلاء الشباب التقت DW عربية بفوزي الدعاسي وهو ناشط سياسي وحقوقي مستقل من مدينة قابس جنوب تونس، إذ إنه درس الهندسة المدنية ولكنه عاطل عن العمل، شارك في أحداث الثورة في العاصمة قبل ثلاث سنوات، عندما كان طالبًا.

الأمر بالنسبة إليه لا يتعلق بالتطلع إلى برلمان جديد، بل بإصلاح منظومة الحكم في تونس وهي منظومة لم تقطع نهائيا مع المنظومة القديمة، فالنظام الحالي، كما يوضح الدعاسي، يعتمد على الديمقراطية التمثيلية والمركزية، وهو يعتبر أن هذا النموذج أثبت فشله حتى في الديمقراطيات العريقة ولم يحل المشاكل الحارقة التي انطلقت منها الثورة منذ 2011 ونادى الشباب بها، بالخصوص في مواضيع التشغيل والتنمية ومحاسبة المتورطين في الفساد في النظام السابق.

ويعبر الدعاسي عن اعتقاده أنه من الأنسب التوجه إلى طرح بديل للديمقراطية بالشكل الحالي، مثلا نهج الديمقراطية التشاركية أو الديمقراطية المباشرة. لكن إلى حين مراجعة نظام الحكم من طرف السياسيين قرر فوزي الدعاسي الاستمرار في مقاطعة الانتخابات كما فعل دائما قبل الثورة وبعدها.

ويجد موقف فوزي صدى لدى عدد من الشباب الذين يتبنون خيار مقاطعة الانتخابات، ويبدو ذلك من خلال موجة النكات التي تجتاح مواقع التواصل الاجتماعي والشارع التونسي بشأن الخطابات اليومية والمفعمة بالوعود السياسية غير الواقعية لمرشحي البرلمان من خلال التليفزيون الحكومي.

كما اختار عدد من الشباب نهج المقاطعة الفعلية للانتخابات عبر المشاركة في ملتقى على الصعيد الوطني حضرته منظمات من بينها الهيئات الثورية المستقلة وحزب الكادحين الوطني الديمقراطي وحزب النضال التقدمي ورابطة النضال الشبابي.

ويشير بشير السيد الحامدي عضو بالهيئات الثورية، أن غالبية التونسيين لم يقوموا بتسجيل أنفسهم في الانتخابات أو أنهم لن يذهبوا يوم الاقتراع إلى صناديق التصويت، فالانتخابات في رأيه لن تساهم في تشغيل مليون عاطل عن العمل من بين الشباب ولن تحسم ملف شهداء الثورة، الذي مازال معلقًا حتى اليوم.

ويضيف الحامدي أن انتخاب برلمان لن يضيف شيئا جديدا؛ فهو لا يمثل حلا ولكنه يعطي انطباعًا بأن العملية السياسية في تونس تدار بشكل سليم، خلافًا لما يصرح به الخبراء من وجود أزمة اقتصادية خانقة، كما يلاحظ أن "الشباب لا يحتاجون إلى برلمان بل إلى خبز وتشغيل وحريات حقيقية وإذا ما استمرت الأزمة في تفاقم فإنه لن يسكت".

أما الطالبة في المعهد العالي لمهن التراث خولة الجملي، والتي تحضر للسفر إلى فرنسا، فعبرت عن اعتقادها بأن مشاكل الشباب لن يتم حلها بين عشية وضحاها، مباشرة بعد انتخاب برلمان جديد. فقد يحتاج الأمر إلى سنوات، كما تضيف، وهي تعتقد أيضا أن "هجرة الكفاءات الشابة قد تمثل حلا زمنيًا محدودا يلبي طموح الشباب ويتيح فرصا أوسع بدل استنزاف الوقت في الانتظار".

من جهته يؤكد الشاب العضو بالجمعية التونسية لجرحى الثورة عادل بن حزاز، في حديثه مع DW عربية، على أنه "لا خيار للشباب سوى المشاركة في الانتخابات، حيث سيساهم ذلك فعليا في محاسبة من انتخبهم الشعب على برامجهم وسياساتهم".

ويشير أن محاسبة الحكومات المتعاقبة منذ الثورة في 2011 لم تكن متاحة، مثلا عند فشلها في إنصاف جرحى الثورة من خلال الكشف عن المتورطين في إصابتهم أو تسوية ملفات علاجهم. كما لاحظ أن عددًا من الأحزاب يحاولون استثمار تلك الملفات في حملاتها الانتخابية، كما حصل في انتخابات 2011.

يعتبر المحلل السياسي الجمعي القاسمي في حديثه مع DW عربية، أن فئة الشباب كانت ولا تزال الفئة الأكثر تهميشًا في تونس، ولا يلوح في الأفق حسب رأيه ما يؤشر على أن هذا التهميش سينتهي، أو على الأقل، سيتراجع قريبا بالنظر إلى الانتخابات المقبلة.

ويشير المحلل السياسي إلى "خطأ السياسيين الذين يتعاملون مع هذه الفئة على أنها مجرد خزان انتخابي ينتهي الاهتمام بها بمجرد انتهاء عمليات الاقتراع".

كما يعتقد المحلل الجمعي أن "عزوف نسبة هامة من الشباب عن المشاركة في عمليات التسجيل للانتخابات خلال الفترة الماضية، واللامبالاة التي تبديها هذه الفئة تجاه الحملات الانتخابية، هو خير دليل على عدم وجود ثقة في السياسيين الذين أكثروا من بيع الأوهام". وتابع قائلا: "أخطأت الأحزاب السياسية ومازالت تخطئ في تعاملها مع هذه الفئة من خلال إبعادها عن مراكز صنع القرار، وعدم تمكينها من المشاركة الفاعلة في الحياة العامة، ما عمق الإحباط والخيبة في صفوفها".

هذا المحتوى من موقع شبكة إرم الإخبارية اضغط هنا لعرض الموضوع بالكامل

الجريدة الرسمية