رئيس التحرير
عصام كامل

التحضر والتصحر


صوتت غالبية اسكوتلاندا على الاستمرار في المملكة المتحدة لبريطانيا الكبري وشمال أيرلندا. وتنفس السياسيون الصعداء. جرى هذا الاستفتاء أخيرًا في اسكوتلاندا وسط جو هادئ متحضر لم نسمع فيه عن ضرب الأحذية أو اتهامات بالعمالة أو تلميحات بالخيانة.. 

كانت الصحافة تنقل بكل صدق وأمانة آراء الناس في مدن اسكوتلاندا في ذلك الاستفتاء ما بين موافق على الاستقلال أم معارض له والاستمرار في المملكة المتحدة..لم تتحرك الجيوش ولم يرفع السلاح ولم تتفجر المظاهرات..كل كان متقبلا ما تسفر عنه الصناديق.. مع أن مخزون الترسانة الذرية البريطانية وقواعد الصواريخ العابرة للقارات تحتوي عليهم اسكوتلانده..كما تتركز فيها قاعدة صناعية ضخمة منذ أيام الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس..

وتمثل اسكوتلاندا ثلث الجزر البريطانية وبها نفط الشمال وتعدادها نحو خمسة ونصف مليون وتتمتع باستقلالية والتعليم والصحة أحسن وأرخص من إنجلترا.. وكونت اسكوتلاندا وإنجلترا وويلز وشمال أيرلندا المملكة المتحدة لإنجلترا الكبرى.. وإنجلترا هي الشريك الأقوى والأغنى والأكبر في المساحة والتعداد..والإنجليز ذو دهاء سلبي وإيجابية..وهم في الأغلب سبب مشاكل العالم ونادرا ما نجد مشكلة لم يضع بذورها الإنجليز..وهذا اقتناعي الشخصي منذ زمن حتى أنني حاولت أن أدرس دكتوراه في العلوم السياسية لكي أثبت أن كل مشكلة في العالم أصلها إنجليزي وقبلت في جامعة بوسطن على هذا الأساس لكني تراجعت وعدت إلى الهندسة لأحصل على الدكتوراه في الطين..طين نهر النيل.

المهم أنه جرى هذا الاستفتاء الذي كاد أن يكسر ظهر بريطانيا يضربها في مقتل دون صراخ وعويل في هدوء واحترام لكافة الآراء وتقبل الآخر.. انظر إلى حالات التصحر من الأخلاق التي تسود في مجتمعنا عند الاختلاف..مع أن المولي عز وجل يوجهنا... وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا... أليس التعارف هو التعايش والتعاون والنقاش المثمر وتقبل الآخر في حدود مكارم الأخلاق وكل ذلك تحت مظلة سنة سيد الخلق(ص) أليست سنة الرسول الكريم (ص) هي التحضر بعينه!!..

واستقال سالموند رئيس وزراء اسكوتلاندا لأنه فشل في تحقيق أحد وعوده باستقلال بلده وبقيت ضمن الاتحاد وذهب بلا إهانة أو تجريح لأنه رجل شريف وعد فاخلف فذهب..كم من المسئولين عندنا يفعل هذا؟؟ هل تذكرون حادثة القطار؟ والعبارة؟ هل تذكرون انفصال سوريا؟ هل تذكرون هزيمة يونيو؟ هل استقال أحد? لك الله يا مصر
الجريدة الرسمية