رئيس التحرير
عصام كامل

خبراء: حدود مصر في مرمى الخطر!

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

أكد عدد من الخبراء الأمنيين على مدى خطورة الحدود المصرية على الأمن القومى لا سيما الحدود الغربية المتمثله في ليبيا، كما أكدوا على ضرورة استمرار التنسيق بين الأجهزة المخابراتية سواء أكانت عامة أو حربية وبين الأمن العام والأجهزة الأمنية الأخرى، بجانب تعاونهم مع القوات المسلحة لكشف أي مخطط إرهابى محتمل حدوثه على الحدود المصرية، كما أكدوا على خطورة الأنفاق غير المشروعة على أمن حدود الدول من خلال استغلال الجماعات الإرهابية والتكفيرية هذه الأنفاق في التنقل بين الدول أو تهريب الأسلحة وتوصيلها للأماكن المراد تفجيرها، وأوضحوا أن هناك مجموعة من الخطط والاحتياطات الأمنية التي يجب أن يتم أخذها في الاعتبار في تأمين الحدود منها استمرار الكشف عن البؤر الإرهابية في المناطق الصحراوية وجمع المعلومات بشكل مستمر حول الجماعات التكفيرية وما يتم نشره على مواقع التواصل الاجتماعى، كما نوه عدد من أساتذة العلوم الجغرافية إلى ضرورة أن تدرك كل دولة طبيعة موقعها الجغرافى لا سيما مصر، والتي تعد مطمعا للدول الأخرى، وذلك في ظل الغليان الذي تشهده الدول المجاورة خصوصا ليبيا.



تهريب السلاح
في البداية يقول اللواء «زكريا حسن» الخبير الأمني، إن الحدود المصرية تشكل خطرًا كبيرًا على الأمن القومى لا سيما حدود مصر مع ليبيا والسودان، مشيرًا إلى أن الأوضاع المضطربة التي تحدث بتلك الدولتين قد تهدد استقرار حدود مصر وأمنها.

وحذر «حسن» من عمليات تهريب السلاح التي تتم بكميات كبيرة عبر الحدود المصرية قائلًا: «إن تهريب الأسلحة بين الدول يهدد في حقيقة الأمر العمق في الداخل المصرى، لا سيما تهريب الأسلحة عبر الحدود الليبية من خلال الأنفاق غير المشروعة وتوصيلها للجماعات التكفيرية».

وأكد «حسن»، أن الأمر الصعب يكمن في أن كل دول العالم يتم تأمين الحدود المشتركة من خلال واجبات مشتركة، وهذا الأمر مختلف في الحالة المصرية حيث تواجه القوات المسلحة المصرية وحدها مسئولية تأمين الحدود حيث لا يقوم الجانب الآخر بأى ترتيبات أمنية أو يقوم بواجبه الأمني، وهذا الأمر يمثل خطرا داهما على الأراضي المصرية.
واستطرد أن ممارسات حركة حماس والتنظيمات الفلسطينية الأخرى على الحدود تمثل أيضًا تهديدًا مباشرًا للأمن القومى واختراقًا للحدود من خلال حفر الأنفاق لتسهيل عمليات التهريب للسلع والبضائع المدعومة، وأن سعى تلك الجماعات للحصول على الأسلحة بتمويل إيرانى بالدرجة الأولى يجعل سيناء منفذا لعبور مختلف أنواع الأسلحة.
وأشار «حسن» إلى أن إسرائيل تتدخل بالضرب عسكريا في حال إذا ما وجدت ارتفاعا في سقف ونوعية السلاح الداخل إلى القطاع، وهذا الأمر دفع بهذه التنظيمات إلى أن تقوم بتخزين سلاحها في سيناء لتدريب عناصرها في تلك المنطقة ومن ثم تمركز هذه العناصر داخل الأراضى المصرية في سيناء.
ونوه «حسن» إلى أن هناك مجموعة من الاحتياطات والخطط الأمنية لحماية الحدود التي لا بد من الأخد بها في الاعتبار طول الوقت وعدم إهمالها، من بينها جمع المعلومات عن التنظيمات الإرهابية ومتابعة شبكات التواصل سواء "فيس بوك" أو غيرها لرصد أي بيانات منشورة، وأكد على ضرورة عدم تجاهل أي معلومات تنشر عن أي جماعات تكفيرية مهما كانت بسيطة.

وأضاف «حسن» أن من ضمن الاحتياطات الأمنية استخدام الطائرات الهليكوبتر في مراقبة سيناء من أعلى ومراقبة المناطق الصحراوية لرصد أي تحرك غير طبيعى، مضيفا أنه لا بد أن يكون هناك تنسيق دائم بين وزارة الداخلية والقوات المسلحة في تأمين مداخل ومخارج مصر والاستعانة بالقوات الخاصة المدربين على أعلى مستوى في مواجهه الإرهاب بجانب الأفراد العاديين، كما أشار إلى أنه لا توجد خطة أمنية محكمة في العالم بنسبة 100%، ولكن على الأجهزة المخابراتية السعى دومًا لسد الثغرات التي قد يستغلها العدو في تنفيذ عملياته الإرهابية.

دول حوض النيل
من جانبه قال الخبير الأمني اللواء «محمد عبد الفتاح»، إن الحدود المصرية لا سيما الحدود الليبية والسودانية تشكل خطرًا كبيرًا على الأمن القومى المصرى، مشيرًا إلى الخطر الذي يأتى دول حوض النيل وتتمثل أولا في إقامة إثيوبيا عددا من السدود على منابع نهر النيل، ومنها سد النهضة المتوقع الانتهاء منه في 2017 والذي يعتبر أكبر سد في أفريقيا على الإطلاق وواحد من أكبر عشرة سدود على مستوى العالم وسيخزن نحو 74 مليار متر مكعب من المياه بما يسبب أزمة كبرى لمصر حيث سيؤثر على تدفق المياه إليها خاصة في ظل تجربة بناء سد تانا عام 2010 الذي أدى إلى التأثير على تدفق المياه الواردة لمصر.

اتفاقية عنتيبي
وأشار «عبد الفتاح» إلى أن مصر تواجه أيضًا توقيع ست دول من دول المنبع، هي إثيوبيا وكينيا وأوغندا ورواندا وتنزانيا وبوروندى ما يسمى اتفاق عنتيبى الذي يسمح لها بالحصول على نحو 90% من مياه النيل التي تستخدمها كل من مصر والسودان وإعادة توزيعها على دول الحوض مرة أخرى، ويجب على مصر العمل على دعم دعوة وزير الخارجية التنزاني برنار كاميليس دول حوض النيل إلى بحث إمكانية تعديل اتفاقية عنتيبى بما يراعى المصالح المائية المصرية.

وثالثا تواجه مصر خطر تقسيم السودان الشمالى مرة أخرى في ظل الحرب الأهلية الدائرة في دارفور، كما يمر السودان باضطرابات عديدة بين دولتى الشمال والجنوب في ظل الصراع الدموى على الحدود خاصة منطقة أبيى الغنية بالنفط، كما زادت احتمالات عودة الحرب الأهلية لجنوب السودان في ضوء الصراع بين رياك مشار وسيلفا كير بما يزيد من مخاطر تهريب السلاح إلى مصر ومن مخاطر تهديد تدفق مياه النيل إليها.

الموقع الجغرافي
كما شدد الدكتور «أحمد شحاتة» أستاذ الجغرافيا السياسية بجامعة القاهرة، على ضرورة أن تدرك كل دولة أهمية موقعها الجغرافى وتستغلها بأفضل شكل ممكن وتتخذ الإجراءات الوقائية حيال مواطن الضعف فيها حتى لا يصبح تأثيرها سلبيًا في الأمن الوطني.
وأشار «شحاتة» إلى العنصر الجغرافى قائلًا: إن موقع مصر الجغرافى وضعها محط أنظار وأطماع العالم، كما فرض عليها دور الدولة المحورية في منطقتها مدافعة عن حقوق شعوبها، وتبدو مصر منذ ثورة 30 يونيو في مواجهة شاملة مع مصادر متعددة تهدد أمنها القومي، مؤكدا أن العبء الأكبر فيها على المشير عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية في الحفاظ على أمن مصر.


منطقة القرن الأفريقى
واستكمل «شحاتة» حديثة قائلًا: تمثل منطقة القرن الأفريقى مصدرا لتهديد الأمن القومى المصرى في ظل غياب دولة قوية في الصومال وتفتيت هذه الدولة لعدة أقاليم منفصلة عن بعضها البعض ومتحاربة منذ بداية تسعينيات القرن العشرين وحتى الآن، ويتمثل هذا التهديد في عرقلة الملاحة في البحر الأحمر وقناة السويس بما يؤثر بالسلب على مصر من خلال عمليات القرصنة، كما أن التواجد العسكري المباشر لأمريكا وفرنسا من قواعدها العسكرية في جيبوتى أو في قاعدة دييجو جارسيا وأساطيلها في المحيط الهندى يمثل تهديدا خطيرا لأمن مصر والدول العربية المطلة على البحر الأحمر، كما أن التحرك الصينى الجديد في هذه المنطقة والذي يعتمد على فكرة التغيير الناعم مقابل هيمنة الاقتصاد والمصالح النفعية البحتة هو الدافع الرئيسى للموقف الراهن ضد مصر من قبل دول مثل كينيا وإثيوبيا وأوغندا فيما يتعلق بحقوق مصرفى نهر النيل.

ليبيا وأمن مصر
وأضاف «شحاتة» إن الوضع الحالى في ليبيا يمثل أيضًا خطرا كبيرا ليس فقط على أمن مصر وأنما على مستقبل ليبيا كدولة حيث أصبحت التنظيمات المسلحة المنتشرة خاصة في شرق وجنوب غرب البلاد بارتباطاتها بتنظيم القاعدة في بلاد المغرب والصحراء الكبرى تحكم قبضتها على الأرض الليبية في ظل ضعف الدولة المركزية هناك، كما قال إن لتلك التنظيمات معاقل في درنة وبنغازى في شرق البلاد ويتراوح عدد أعضاء كل جماعة بين 1500 و3500 مقاتل، وورثت ترسانة ضخمة من مخازن أسلحة نظام العقيد الراحل معمر القذافى يتجاوز تعدادها عدة ملايين من الأسلحة الخفيفة والثقيلة، وأخطرها مستودعان كبيران للأسلحة بمدينة درنة بها الآلاف من قطع أسلحة فردية وثقيلة وعربات مدرعة ومدافع هاون ومضادات الطائرات والدبابات مثل آر بى جى وصواريخ مختلفة الطراز مثل سكود وجراد واستربلاه فضلا عن سيطرتها على العديد من القواعد والمطارات العسكرية.

تقسيم ليبيا لدويلات
وأضاف: هذه العمليات هي التي استهدفت وزير الداخلية ومديريتى أمن الدقهلية والقاهرة وبعض الكنائس، كما أن هناك خطورة تقسيم ليبيا إلى ثلاث دويلات هي برقة، وفزان، وطرابلس، أو تغيير تركيبتها الجغرافية والسكانية في ضوء إعلان بعض الجماعات في ليبيا عن توجهات انفصالية بما سيكون له نتائج اجتماعية سيئة على مصر، خاصة أن قبائل أولاد على تعيش في المناطق الحدودية بين مصر وليبيا ويتوزعون بين الدولتين ما يعرض مصر وليبيا على حد سواء لعدم الاستقرار، كما أن وجود دويلات ضعيفة على أنقاض ليبيا يعطى فرصة للتدخل الأجنبى في شئونها وتهديد أمن مصر واستقرارها، لذا فالتوجه الإستراتيجي لمصر خلال المرحلة المقبلة هو ضرورة دعم عملية الكرامة التي يقوم بها اللواء خليفة حفتر باعتبارها مطلبا شعبيا ليبيا عكسته المظاهرات الشعبية في مدن ليبية عدة، وكذا دعم تأسيس جيش ليبى موحد وقوى قادر على مواجهة التنظيمات الإرهابية وضبط الحدود والعمل على منع تقسيم ليبيا بكل الطرق من خلال تأسيس نظام حكم وطنى يشمل كل الليبيين.
الجريدة الرسمية