رئيس التحرير
عصام كامل

"دواء مغشوش" خطر يهدد حياة المصريين.. "الصحة تصدر 140 منشوراً سنوياً يطالب بسحب أدوية مزيفة من الأسواق بعد نفادها.. نتائج تحاليل العينات تظهر بعد شهرين.. تخفيضات مصانع "بير السلم" تجذب الصيدليات

وزارة الصحة والسكان
وزارة الصحة والسكان

لا يوجد أغلى من صحة المواطنين، التي من المفترض أن تكون على رأس أولويات الدولة، ولكن ما يحدث في الواقع هو أنها آخر شيء يتذكره المسئولون.

فمن فترة لأخرى تطل علينا الإدارة المركزية لشئون الصيدلة بوزارة الصحة بمنشور دوري يتم توزيعه على كل مديريات الصحة، تطالب فيه بسحب صنف دوائي معين من السوق المحلية والجهات الطبية الحكومية، والسبب هو خطأ في التصنيع أو الدواء مغشوش ويشكل خطورة على صحة المواطنين، ولكن بعد فوات الأوان، فعندما يستيقظ المسئولون تكون كل كميات الأصناف الدوائية انتهت من السوق واشتراها المرضى وهم على ثقة في فعالية وأمان الدواء، فكيف للشركة أو مصنع أدوية أن تصدر أصنافا دوائية إلى السوق دون التأكد من سلامتها وأمانها، خاصة وهى أحداث تتكرر بصفة دورية يصفها الصيادلة بالمهزلة !

الصيادلة يطالبون بضرورة إحكام الرقابة والتفتيش على مصانع الأدوية، وإجراء تحليل لعينات عشوائية باستمرار كل فترة قبل خروجها للأسواق، وتطبيق عقوبات رادعة على كل المصانع التي يصدر عنها أخطاء في صناعة الأدوية. 

وفي الآونة الأخيرة تم إصدار منشورات دورية بسحب بعض الأدوية من السوق، ومنها على سبيل المثال حقن تنشيط التبويض "مريونال" و"الكوريمون" و"فوستيمون"، " فولوموكس " استنادا لوجود عبوات مغشوشة من هذه الأصناف. 

الإدارة المركزية لشئون الصيدلة أصدرت أيضا منشورا بسحب مستحضرات "أبيمول" و"فنتولين"، وهى أدوية أطفال، نتيجة خطأ في التصنيع من خلال استبدال إحدى المواد الداخلة في التصنيع، وتحديدا وضع صوديوم سلفات بدلا من بوتاسيوم سترات. 

والأمر نفسه أصاب عقار آخر، هو المضاد الحيوى " أمبيسيلين"، فتبين أنه غير مطابق للخصائص الطبيعية بعد نزوله للأسواق، وتقريبا نفاد الكميات بالصيدليات، كذلك عقار " لكلاريميكس"، وهو مضاد حيوي للبكتيريا، فصدر منشور بسحبه لعدم مطابقة بعض التشغيلات للخواص الطبيعية. 

مصادر بإدارة التفتيش على الأدوية بوزارة الصحة أكدت " لفيتو " أن مصر تفتقر لصناعة الدواء، وأن ما يحدث بالمصانع مجرد تعبئة للدواء فقط، فالمادة الخام يتم استيرادها من الخارج ليتم تعبئتها هنا بمصر، ورغم أن داخل كل مصنع يوجد غرفة تحكم في الجودة لمراقبة الأصناف الدوائية قبل خروجها للأسواق، هناك كثير من الأخطاء والعيوب في الصناعة، أغلبها نتيجة زيادة في الرطوبة، أو أن الصنف غير مناسب من حيث الخواص الفيزيائية والكيميائية. 

وكشفت المصادر عن وجود كم هائل من الأدوية المغشوشة مجهولة المصدر، والسبب في ذلك هو المورد الذي يذهب لمخزن أدوية ويعرض عليه صنف دوائي بخصم 36%، مع العلم أن خصمها الحقيقى في الشركات 12% فقط، فيشتريها على الفور ويصدرها لمخازن أخرى بخصم 30% ليربح سريعا، فنسب الخصم المرتفعة هي التي تدفع أصحاب الصيدليات إلى شراء الأدوية المغشوشة، فيتم توزيعها في يوم واحد في السوق المحلية دون أن تستطيع إدارة التفتيش الوصول إلى مصدرها.

ولفتت إلى أنه من المفترض أن الشركة أو المصنع الذي يصدر منه تشغيلة خاطئة في الدواء يتم تحميله غرامة مالية كبيرة، فضلا عن وقف إنتاج الصنف الدوائي وإعطاء الترخيص لمصنع آخر، فإذا تم تطبيق هذه العقوبات الرادعة ستفكر كل شركة ومصنع كثيرا قبل خروج الدواء إلى السوق والمريض.

أما ما يحدث على أرض الواقع لا يعدو كونه فصلا من فصول الكوميديا السوداء، فإدارة التفتيش ترسل كثير من العينات العشوائية إلى الهيئة القومية للرقابة والبحوث الدوائية لتحليل محتواها، حيث تظهر نتائج التحاليل بعد أكثر من شهرين، ويكون حينها الدواء انتهى من السوق وتناوله للمواطنين. 

ووفقا للمصادر، يأتى للمفتشين أربعة أو ثلاثة منشورات أسبوعيا من الإدارة المركزية لشئون الصيدلة، تطالب بضبط وتحريز ما يوجد بالسوق من أصناف دوائية، بما يصل سنويا إلى نحو 140 منشورا، نصفها أدوية مغشوشة، والنصف الآخر تشغيلات خاطئة وعيوب في التصنيع، كما يقتصر دور الإدارة المركزية على إرسال المنشور ومطالبة إدارات التفتيش بالمحافظات بحصر الكميات التي تم تحريزها، فضلا عن أن المنشور يأتى متأخرا بعد انتهاء الصنف من السوق. 


الجريدة الرسمية