رئيس التحرير
عصام كامل

والقضاة اللي أيدوا السيسي هتعملوا معاهم إيه؟!


السؤال سببه تحويل 15 قاضيًا إلى التحقيق بناءً على قرار من وزير العدل، واتخاذ إجراءات عقابية ضدهم. وذلك على خلفية تأسيسهم لحركة اسمها قضاة من أجل مصر وعملهم بالسياسة والترويج لجماعة الإخوان المسلمين. وهناك تهم أخرى حسبما نشر موقع المصريون "تكدير السلم والأمن" و"عدم اللياقة" و"عدم الصدق".. إلخ.


ليست هناك بالطبع أية مشكلة في أن يتم محاسبة أي قاض يعمل بالسياسة أو حتى يعلن رأيًا سياسيًا. بل هذا في غاية الأهمية، لأن انحياز القاضي كارثة تعني تدمير جوهر العدل، وهو أن يكون المتهمين أمامه سواسية. ولأنه اختار موقفًا سياسيًا محددًا، فهذا معناه أنه قرر الانحياز لصالح متهمين، والانحياز ضد آخرين. وحتى إذا لم يفعل، فقد أصبح مشكوكًا في نزاهته. ومن ثم فمكانه ليس في القضاء.

لكن في حالة الـ 15 قاضيا، لدينا العديد من الكوارث:
•إذا كان صحيحًا أن هؤلاء القضاة انحازوا للإخوان، فهناك قضاة آخرون انحازوا لخصوم الإخوان ولم يصبهم أي ضرر، ولم يتم احالتهم لأي تحقيق. فعلى سبيل المثال هناك قضاة من بين الـ 15 أيدوا الإعلان الدستوري الذي أصدره الرئيس الأسبق مرسي، وهذه تهمة وجهها لهم قاضي التحقيق. في حين أن هناك قضاة آخرين أعلنوا أنهم ضد هذا الإعلان الدستوري.

•الذي أحال القضاة للتحقيق وعين قاضي للتحقيق هو وزير العدل، وهو بالضرورة خصم سياسي، لأنه عضو في حكومة سياسية منحازة وهذا أمر طبيعي. ومن المستحيل أن يكون محايدًا. وإذا طلبنا منه ذلك، فهذا ضد السياسة، بل وضد الطبيعة الإنسانية. لذلك كان طبيعيًا عدم إحالة من ناصروا ثورة 30 – 6 وما بعدها من القضاة إلى أي تحقيق. رغم أنهم كانوا وما زالوا ضد الإخوان، أي لهم موقف سياسي.

•للأسف ما زال القضاء عندنا غير مستقل. والمؤسف أكثر أن من حكموا البلد بعد ثورة يناير لم يحاولوا أن يفعلوا ذلك. المجلس العسكري ومن بعده الإخوان ومن بعدهم من يحكمون الآن. فما زال التفتيش القضائي تابع لوزارة العدل. أي تابع للسلطة التنفيذية. وما زالت لدى الوزير وحكومته صلاحيات تنتهك وتدمر استقلال القاضي وتضع رقبته تحت رحمتهم.

الأمر هنا لا يتعلق بأن تكون مع الإخوان أو ضدهم. ولا علاقة له بأن تكون من معارضي السيسي ومن معه أو من مؤيديه. لكن له علاقة بالدولة التي نريدها. أظنها يجب أن تكون دولة قاعدتها الأساسية العدل. ولتحقيق ذلك يجب أن يكون القضاء مهنيًا مستقلًا تمامًا عن أي سلطة من سلطات الدولة. لا يحكمه سوى القانون والدستور. فإذا كان يتم استخدام أدوات قضائية للعصف بالإخوان ومناصريهم، فليس هناك شك في أنه قد تقصف رقبتك بذات الأدوات غدًا، حتى لو كنت من مؤيدي السيسي. فإذا ساد قانون الغابة لا أمان لأحد. 
الجريدة الرسمية