رئيس التحرير
عصام كامل

السيسي يعتقل الجامعات


أصابني اليأس من عدم وجود رد فعل على جريمة إلغاء انتخابات القيادات الجامعية. لكن أخيرًا أصدرت حركة 9 مارس بيانًا وقع عليه 110 من أعضاء هيئة التدريس بالجامعات، أكدت فيه أن ما فعله الرئيس هو اعتداء على الدستور، حيث تنص المادة 21 على استقلال الجامعات. وأشار الموقعون إلى أن الشهور الأخيرة شهدت ممارسات تنتقص من الحريات الشخصية وحريات التعبير والتجمع السلمي والتنظيم.

لابد من الإشادة بالبيان وبمن وقعوه. ليس لأنه يعارض أو يؤيد ولكن لأنه يخاصم حالة التواطؤ الواسعة مع كل ما يفعله الرئيس. فهذا المكسب الذي حصلت عليه الجامعات بعد ثورة يناير يتم الإطاحة به. وللأسف لم يتم نقاش واسع أو ضيق للأمر ولا تناولته الصحافة والإعلام بشكل كاف، رغم خطورته الشديدة. 

الخطورة هنا هي وظيفة الرئيس لا تعني أبدًا أنه رئيس كل المؤسسات في البلد. أي يتحكم في القضاء وفي الأجهزة الرقابية وفي الجامعات وفي الأحزاب وكل شيىء. وإذا حدث هذا، فمعناها أننا نبني دولة ديكتاتورية على رأسها ديكتاتور، وليس دولة مؤسسات تضعنا على طريق الديمقراطية والتقدم.

فالرئيس هو مجرد موظف لمدة محددة لتنفيذ برنامج أو مهام محددة. ووظيفته لا تعني أكثر من أنه يرأس السلطة التنفيذية ولا يجب ولا يجوز أن يتغول على باقي سلطات الدولة، منها مثلًا السلطتان التشريعية والقضائية. وحتى صلاحياته في رئاسة السلطة التنفيذية ليست مطلقة ولكنها مقيدة بالقانون والدستور.

لماذا استقلال الجامعات مهم؟ 
لأسباب كثيرة أولها أن قرار السيسي يعني أنه سيختار مثلما كان يحدث من قبل على أساس الولاء لنظامه، وهذه الاختيارات ستتم كما كان يحدث من قبل عن طريق جهاز أمن الدولة. وهذا يعني أيضًا إجهاض الجامعات ووقف دورها التعليمي والعلمي. فمن المستحيل أن تقوم بدورها إلا إذا كانت مستقلة تمامًا. وهذه ليست أعجوبة، فهكذا كل الجامعات في الدول الديمقراطية المحترمة.

فأرجو محبي السيسي قبل معارضيه أن يرفضوا رفضًا قاطعًا أن تصبح كل مؤسسات الدولة تحت أمر الرئيس. أيًا كان اسم الرئيس. وأن يرفضوا أن يتحول السيسي إلى ديكتاتور. فعندما كانوا يروجون له ويدافعون عنه، كانوا يعدوننا بدولة الحرية والعدل، وليس دولة الاستبداد والقمع. 
الجريدة الرسمية