رئيس التحرير
عصام كامل

عودة للجذور


الاستقبال الحار الذي حظي به الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، من الرؤساء والقادة الأفارقة في قمة الاتحاد الأفريقي، يعكس الأشواق لعودة مصر إلى جذورها بعد طول غياب. وبالرغم من تسابق دول عديدة لمحاولة ملء الفراع إلا أن مصر لها مكانة خاصة بحكم التاريخ والجغرافيا.

وليس معنى ذلك أن لا شيء تغير في السنوات الماضية التي جرت خلالها في النهر مياه كثيرة.. فقد أصبح لإيران ٢٣ سفارة في ٢٣ دولة - ولإسرائيل ١٣ سفارة.. والقائمة تطول، مما يفرض على السياسة المصرية إعادة حساباتها، ومراجعة مواقفها مما يجري في القارة السمراء.

والرحلة الأولى التي قام بها الرئيس بعد ولايته، تمثل خطوة على طريق «تضميد الجراح» مع الدول العربية والأفريقية.

فلم يكن اختيار الجزائر كمحطة أولى للزيارة عشوائيا، وإنما خطوة ضرورية لإعادة المياه بين البلدين إلى مجاريها، بعد أن انهارت العلاقات في عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك بسبب مباراة في كرة القدم.. تسببت في قطيعة بين الحكومتين امتدت آثارها إلى الشعبين.. كان من نتائجها إلغاء الجزائر للعديد من المشروعات التي تنفذها شركات مصرية.. ونجحت الزيارة في تجاوز تلك المرحلة من الخلافات والاتفاق على رؤية واحدة من الإرهاب خاصة بعد أن اجتذبت ليبيا موجات الإرهابيين الذين استولوا على ترسانة السلاح الليبي وقاموا بتهريبها إلى الجماعات الإرهابية في مصر والجزائر.

واستهدفت الزيارة الأولى للرئيس خارج مصر، «تضميد» الجرح الإثيوبي الذي فجره الاجتماع «المهزلة» الذي عقده المعزول مرسي مع عدد من رؤساء الأحزاب لمناقشة كيفية مواجهة الإصرار الإثيوبي على استكمال سد النهضة الذي سيؤثر بالضرورة على نقص حصة المياه التي أقرتها الاتفاقات الدولية، وتبارى المشاركون في الاجتماع بتقديم خطط ساذجة حول كيفية تأديب إثيوبيا، ودعم المعارضين لنظامها لإثارة القلاقل.. بل وصل الأمر إلى التهديد بالحرب.

ولم يراع المشاركون في الاجتماع أن اللقاء يذاع عبر التليفزيون.. وأن تلك الاقتراحات الساذجة ستدفع الجانب الإثيوبي إلى المزيد من التشدد، ورفض أي تفاهمات مع نظام يهدد بالعنف.

وتسبب هذا اللقاء "الفضيحة" في تعقيد الأمور.. وإصرار إثيوبيا على استكمال بناء السد دون مراعاة للمصالح المشتركة مع مصر.

وقد أعاد اللقاء بين الرئيس المصري ورئيس الوزراء الإثيوبي الأمور إلى وضعها الصحيح، وأسفر عن اتفاق على محورية نهر النيل كمورد أساسي لحياة الشعب المصري، ومراعاة مدى احتياجات الشعب الإثيوبي التنموية واتخذت خطوات مهمة لإعادة الحوار بين البلدين.

وكانت خطوة زيارة الرئيس للسودان، في طريق عودته إلى مصر، بالغة الأهمية لإعادة الدفء إلى العلاقات المصرية السودانية التي شهدت تدهورا بالغا خلال الفترة الماضية، بسبب وعد المعزول بالتنازل عن حلايب وشلاتين للسودان، وما تبعه من ردود أفعال مصرية غاضبة، وزاد من حدة التوتر بين الدولتين تراجع المواصفات التي ستلحق أبلغ الأضرار بمصر.

ونجحت الزيارة في تجاوز تلك الأزمات، كما نجحت في باقي الملفات الأخرى المصرية الأفريقية.
الجريدة الرسمية