رئيس التحرير
عصام كامل

الحكومة توافق على تعديل قانون الحبس في العقوبات قصيرة المدة..حقوقيون: ينتصر للنظم العقابية الحديثة..خليل: 82% محبوسون بعقوبات قصيرة..الفقي:ضررها أكبر من نفعها.. والقرار يهدف لتفريغ السجون

مجلس الوزراء - صورة
مجلس الوزراء - صورة ارشيفية

وافق مجلس الوزراء خلال اجتماعه أمس الأربعاء على مشروع قرار رئيس الجمهورية بتعديل بعض أحكام قوانين العقوبات والإجراءات الجنائية والقانون رقم 369 لسنة 1956 بشأن تنظيم السجون. وينص التعديل على إبدال العقوبات البسيطة بواجبات أخرى أو الإفراج عنه تحت شرط، بما يساعد على تجنب اختلاط مرتكبى العقوبات البسيطة بغيرهم من الجناة.


تعد العقوبة القصيرة المدة من العقوبات السالبة للحرية الأكثر تطبيقا في أغلب الدول، حتى أن نسبتها بلغت في مصر على سبيل المثال 82 % من مجموع الأحكام الصادرة بعقوبات سالبة للحرية حسب أحدث الإحصاءات.

ولاقى هذا المشروع استحسان رجال القانون والنشطاء في مجال حقوق الإنسان، خاصة أنهم طالبوا مرارا بإلغاء تلك العقوبة وإبدالها بتدابير غير احتجازية أخرى.

تدابير غير احتجازية
قال عبد الله خليل استشارى القانون الدولى لحقوق الإنسان "يطلق على هذا القرار مصطلح "التدابير غير الاحتجازية" كبدائل لعقوبة الحبس وهو النمط الحديث السائد في النظم العقابية الحديثة، ولقد طالبنا كثيرا بتعديل هذا القانون".

وتساءل استشارى القانون الدولى لحقوق الإنسان عن آليات تطبيق هذا القانون قائلا "ما البدائل التي وضعها القرار وهل البدائل هي العمل لصالح المجتمع ؟ يجب أن نعرف ما المؤسسات التي تتولى الإشراف على تنفيذ هذه التدابير؟ وهل هي مهيئة لاستخدام هذا التدبير لتقويم السجين والاستفادة منه لصالح المجتمع؟".

تفريغ السجون
وأضاف خليل "عند وضع التشريع يجب أن نحدد مدى ملاءمة آليات تنفيذه لكن قد يكون هذا القرار الغرض منه هو تفريغ السجون من أصحاب عقوبات الحبس البسيط فأعداد المحكوم عليهم بحبس بسيط مثل عقوبات الضرب والشيكات أو جرائم التبديد كبيرة جدا"، وربما كان ذلك وسيلة من الحكومة الانتقالية لإخلاء السجون.

الإفراج الشرطى
وأضاف خليل أن "الإفراج الشرطى يضع المسجون تحت ملاحظة لفترة زمنية محددة بحيث أنه لو أخل بشروط الإفراج تتم إعادته للسجن مرة أخرى وهو موجود بالفعل في قانون العقوبات وينظمه قانون الإجراءات القانونية فالعفو عن باقى المدة هو نفسه الإفراج الشرطى".

وأشار خليل في تصريحاته لفيتو إلى أنه "دائما ما تلجأ الحكومات في المراحل الانتقالية إلى استبدال هذه العقوبات بتدابير أخرى لإيداع آخرين بالسجون، كبديل عن إنشاء سجون جديدة ".

لا تحقق الردع
أشاد الدكتور عماد الفقى أستاذ القانون الجنائى وعضو المنظمة العربية لحقوق الإنسان بمشروع القانون قائلا "التعديل المزمع إجراؤه على قانون السجون بشأن العقوبات قصيرة المدة بتدابير أخرى مثل الإفراج عن المحكوم عليه تحت شرط أو وضعه تحت المراقبة خارج السجن هذا التعديل يصب في اتجاه السياسة الجنائية الحديثة التي ترفض العقوبات السالبة قصيرة المدة".

وأشار الفقى في تصريحاته لفيتو إلى مساوئ العقوبة قصيرة المدة قائلا " أضرار العقوبات قصيرة المدة أكثر من نفعها حيث إنها لا تحقق الغرض أصلا من العقوبة وتفشل العقوبة قصيرة المدة في تحقيق الردع الخاص؛ حيث إن هذه المدة غير كافية لتطبيق برنامج تأهيل وتهذيب للمحكوم عليه، كما أنها تفقد المحكوم عليه رهبة سلب الحرية، وبصفة خاصة إذا اعتاد عليها عن طريق الحكم عليه بعقوبات متتالية قصيرة المدة. ويؤدي ذلك إلى أنه لن يرتدع من عقوبة طويلة المدة قد يحكم عليه بها بعد ذلك".

المدة تفسد المتهم
وأضاف " إن هذه العقوبة قد تفسد المحكوم عليه أكثر مما تصلحه؛ وذلك بسبب اختلاطه مع المحكوم عليهم بعقوبة طويلة المدة؛ في جرائم شديدة الخطورة مثل تجارة المخدرات والقتل وغيرهما فهذا الاختلاط الضار يترتب عليه أن يتعلم المجرمون الأقل خطورة الإجرام على أيدي أخطر المجرمين، ويعد ذلك عاملا من العوامل التي قد تدفع المحكوم عليه بعقوبة سالبة للحرية قصيرة المدة لارتكاب جريمة في المستقبل أشد من الجريمة التي دخل بسببها السجن".

آثار نفسية واجتماعية
وتحدث عضو المنظمة العربية لحقوق الإنسان عن الآثار الاجتماعية والنفسية السيئة لتلك العقوبة قائلا "إن العقوبة تجعل الشخص يشعر أنه لا ينتمى لمجتمع الشرفاء فهو أصبح ينتمى لمجتمع المجرمين مما يجعل الشخص ينهار نفسيا ويحس أنه إنسان سيئ يصعب عليه الاندماج مع المجتمع مرة أخرى ".

ضررها أكثر من نفعها
أضاف الفقى أن المجتمع يرفض هذه الشخصيات بالرغم من أن فترة الحكم قصيرة والجريمة بسيطة مثل الحكم المفروض عليه إلا أن الناس تنبذه فشعوره بأنه منبوذ يدفعه للالتحاق بالمجمتع الذي يرحب به وهو مجتمع المجرمين، بالإضافة إلى أن هذه العقوبة توصم عائلة السجين كلها بالعار بالرغم من أن الجريمة بسيطة إذن مضار العقوبات قصيرة المدة أكثر من منافعها.

تحديد المدة
ولفت الفقى إلى أن إحدى العقبات التي تواجه تنفيذ هذا القانون تجعله أقل فاعلية وقال "هناك إشكالية بخصوص هذا التعديل وهو اختلاف الآراء حول تحديد المدة التي يمكن القول معها بأن العقوبة السالبة للحرية قصيرة المدة، فقد حددها البعض بخمسة عشر يوما، والبعض الآخر حددها بشهر واحد، وذهب رأي إلى تحديدها بشهرين، والبعض اعتبرها لا تزيد على ثلاثة أشهر، والبعض الآخر حددها بستة أشهر، وحددها آخرون بتسعة أشهر، وقلة ذهبت إلى أن العقوبة تكون قصيرة المدة إذا كانت أقل من سنة".
الجريدة الرسمية