رئيس التحرير
عصام كامل

سعيد شعيب


تأخذنا الحياة وتدور بنا الأيام.. تعمينا عن رؤية من حولنا وهم يعيشون بيننا.. نشعر بهم فقط حين نفقدهم، ونراهم عندما يرحلون عن عالمنا.. عندها فقط يمكن أن نبكيهم، ونحتفى بهم وننشر مآثرهم بين الناس، ونتباكى على رحيلهم عن دنيانا.. سعيد شعيب ــ أمد الله في عمره ــ لا يزال بيننا، وأنا لا أريد أبدًا أن أبكيه، ولا أظن أننى سأفعل. أريد فقط أن أحتفى به، وأعرف أننى دائمًا سأفعل. ليس من أجله ــ رغم أنه يستحق أرفع درجات التكريم ــ بل من أجل اسهاماته في مهنة تعانى تراجعا غير مسبوق وتواجه تحديات كبيرة وسط مناخ استقطابى لا يرقب في صحفى "الا ولا ذمة".


كثيرون لا يعرفون سعيد شعيب لكن كل من عملوا في الصحافة الإلكترونية يعرفونه بالاسم.. فهو علم من أعلامها في مصر وصانع من صناعها الحقيقيين وأحد القلائل الذين يملكون رصيدا لا يستهان به في عالم الفضاء الإلكترونى.. عرفته أنا عن قرب مستشارا لتحرير بوابة "فيتو" لمدة تتجاوز الـ 6 أشهر، كان خلالها نموذجا يحتذى به في صناعة النجاح والبحث عن كل ما هو جديد في عالم الصحافة الإلكترونية، لم يبخل علي أنا وزملائى من أعضاء مجلس التحرير.. أعطانا من خبرته الكثير والكثير، واكتسبنا منه مهارات جديدة في إدارة غرف صناعة الأخبار وإعداد جيل واعد من الصحفيين نجح خلال فترة وجيزة في مزاحمة كبرى المواقع والبوابات الإلكترونية.

شعيب ــ مع حفظ الألقاب ــ ينتمى لجيل يعرف للمهنة قدرها.. مهموم طوال الوقت بتطوير أدواته والاطلاع على أحدث المعايير العالمية في الصحافة الإلكترونية، أهم ما يميزه أنه يعمل وفق منهج ثابت وخطة مدروسة تنطلق من قدرات صحفية وخبرات كبيرة اكتسبها عبر رحلة طويلة في بلاط صاحبة الجلالة بدأها في وقت مبكر من حياته داخل جريدة العربى الناصرى وصولا إلى توليه منصب مدير التحرير في موقع اليوم السابع.

يؤمن "شعيب" طوال الوقت أن النجاح ليس سرًا عسكريًا ولا كهنوتًا.. لكنه ــ وفقا لقناعاته ــ قواعد علمية وإدارية إذا اتبعت أدت إلى النجاح، ويؤكد لمحبيه دائما أن الشخص الساعى للتفوق لا يحتاج سوى رغبة وإرادة حقيقة.. لا يركن كثيرا إلى القواعد المعلبة عن تجارب الآخرين ويؤكد دوما أن كل تجربة لها ظروفها والمناخ المصاحب لها.

منذ أيام قليلة احتفل "شعيب" بعيد ميلاده الثالث والخمسين لكن الاحتفال هذه المرة حمل مرارة من نوع خاص بعد أن قضاه الصحفى المرموق بعيدا عن أولاده وزوجته في كندا حيث يقيم هناك منذ فترة لتلقى العلاج من مرض عضال لم يجده له علاجا في دولة تضع صحة مواطنيها في آخر اهتماماتها.

"زعلان من اللي كنت سبب انهم يكبروا ويكسبوا.. ومش لاقيهم.. الناس جرالها ايه ؟!!!".. لم يجد "شعيب" غير تلك الكلمات الموجعة ليعبر بها عن غضبه من حالة النكران التي قوبل بها خلال رحلة علاجه من تلاميذه الذين تربوا على يديه وحينما مال عليه الزمان لم يجدهم بجواره، ورغم قسوة المرض وأوجاع الغربة لم يستسلم شعيب لآلامه، ولم يتقاعس عن خدمة زملائه ونجح في جمع خبراته في بلاط صاحبة الجلالة في كتاب مميز صادر عن دار أوراق للنشر والتوزيع تحت عنوان "كيف تصبح صحفيا ناجحا.. كيف تربح من الصحافة الإلكترونية؟"، يكشف فيه لجيل الشباب من الصحفيين عن أسرار التميز والنجاح في مجال الصحافة الإلكترونية باعتباره مجالا حديث النشأة في مصر مقارنةً بالصحافة الورقية.

اسمح لى أستاذ سعيد من هذه المساحة الضيقة بأن أهمس في أذنك بكلمات بسيطة تعبر عن مدى حبى وامتنانى لما قدمته لنا في "فيتو" ولزملاء آخرين في صحف ومواقع أخرى، وأسأل الله أن يعيدك إلى أهلك معافا مما أصابك في أسرع وقت ممكن وأقول لك أخيرا " كل عام وأنت بخير" وإلى لقاء قريب.

الجريدة الرسمية