لا يمكنك أن تطلق لقب «بيت» على أي مكان تعيش فيه، فهو لا يصير بيتا – أو بيتك بالأحرى – إلا إذا تزوجت فيه وأنجبت، ثم ذات صباح توقظك امرأتك لتخبرك أنه يتعين عليك اليوم أن ترمم الجدار أو أن..
في هذا المدينة، هجرتنا الأنهار والبحار، إذ تسير الأسماك في شوارعنا جنبا إلى جنب مع البشر وباقي المخلوقات الرمادية، كما أنها تختلف عن الأسماك التي تعرفونها أنتم، فهي تمتلك ذاكرة قوية تمتد..
داخل الصندوق، الذي لم يغلقه الرجل، لمحت الابتسامة تتحول إلى فراشة ملونة تشع بهاءً. لمح الرجل في عيني الكثير من الأسئلة، ولاحظ ذلك الفضول الذي يغطي وجهي، فقال دونما كلمة مني..
الأمس فتحت خزانة فوجدت داخلها ابتسامة طفلة كنت قد لمحتها قبل ثلاثين عاما على الرصيف بينما القطار الذي كنت أستقله يغادر المحطة، لم يستغرق الأمر سوى ثلاث ثوان قبل أن يختفي وجهها المليح..
كنت قد اعتقدت أن الذبول هو العقاب، غير أنني في حياتي الحالية تيقنت من أن العقاب ليس بالضرورة أن يتساوى والخطيئة، خاصة إذا كانت خطيئتك هي التمرد، ذلك الفيروس الذي يخيف ذوي السلطة..
أحد المعزين، وكان رجلا في الثلاثين من عمره، أبدى اندهاشه من وجود الفئران في العزاء، بل وتأثرهم بهذا الشكل، خاصة وأنه رأى بعينه كيف كان القط يتعامل مع الفئران، فقد كان للمرحوم نصيب من..
أتذكر تلك الليلة، التي تجمع فيها النسوة ببيت الست ماري، قبل سنوات، عقب وفاة الحاج صالح الدرملي، صاحب وكالة القماش ببولاق، والذي ترك زوجته وثلاثة بنات يسكن جميعا في العمارة ذاتها التي..
لم يكن كعكا يشبه ذلك الذي آكله منذ كنت طفلا، فطعمه يشبه البسبوسة لكن عجينته أكثر هشاشة وسكره خفيف مما جعلني ألتهم الطبق كله مرة واحدة مع كوبين من الشاي بلبن.. واليوم نزلت إلى شقتها..
رغم أنني هذه المرة حرمت من فنجان القهوة المعتبر، الذي تعد لي بيديها على نار السبرتاية المدهشة، إلا أنني كنت محظوظا بالخروج معها، إذ جعلتني أرى الحياة بعينيها هي، فوجدتها مختلفة تماما..
في جنازته، شعرت بأنني أسير بين الناس عاريا، فقد تكشفت عوراتي، وصرت بلا ظهر.. ذلك الرجل الذي علمني ما لم تعلمني إياه المدارس والجامعات ولا حتى الحياة نفسها..
بعد خروجها من باب العمارة، تمشي الست ماري بخطوات أكثر سرعة، حتى وصلت إلى المخبز القابع على ناصية الشارع ودخلته لنحو دقيقة واحدة، ثم خرجت وهي تحمل في يدها لفافة، بينما ارتسمت على..
في نظري، فإن الشقق مجرد علب سكنية يعيش داخلها مجموعة من الأفراد، لا رابط بينهم سوى قرابة «قدرية» لا دخل لهم فيها، أما البيوت فجميع من فيها يحيون وكأنهم أجزاء من جسد..
من بين الصور، واحدة تظهر فيها ماري وهي طفلة في الثانية من عمرها، وقد استقر بها المقام في رحاب والدها، حيث تجلس إلى حجره، وهو جالس على كرسي مصنوع من الخشب ومزخرف بنقوش..
اليوم حين ذهبت لزيارتها كي أحصل على فنجان القهوة المعتاد، وضعت بين يدي الصندوق، وذهبت إلى المطبخ كي تحضر السبرتاية وعدة القهوة، فدفعني الفضول لفتح الصندوق واستكشاف..
فهمت الست ماري مغزى كلامي وحيرتي في أنها تستمع إلى القرآن، وهي ليست مسلمة، فلم تتركني غارقا في أسئلتي، وأخبرتني أن الأستاذ «جابر» المحاسب على المعاش زوج الست أم محمود جارتنا في..