لماذا يتغير موقف الغرب من الجماعات الدينية دون اتخاذ مواقف حاسمة؟
أعاد الجدل المتجدد حول تصنيف الجماعات المسلحة والحركات ذات المرجعية الإسلامية تسليط الضوء على واحدة من أكثر القضايا إشكالية في النظام الدولي، وهي غياب تعريف موحد لمفهوم الإرهاب.
وهذا الفراغ القانوني، الذي طالما أثار انتقادات حقوقية وسياسية، منح القوى الكبرى مساحة واسعة لإعادة توظيف التصنيفات وفقًا لمصالحها المتغيرة، لا وفقًا لمعايير ثابتة أو التزامات أخلاقية واضحة.
خلاف عالمي على تجريم الإرهاب
وعلى الرغم من أن القانون الدولي يجرم الإرهاب من حيث المبدأ، إلا أن الخلاف حول تعريفه وحدوده جعل قوائم المنظمات الإرهابية عرضة للتعديل والحذف والإضافة، تبعًا لتحولات المشهد السياسي والتحالفات الإقليمية.
وفي الشرق الأوسط تحديدًا، بدت هذه الإشكالية أكثر وضوحًا، مع تغير مواقف غربية من جماعات كانت مصنفة لسنوات كتهديد مباشر للأمن الدولي.
من سوريا إلى قوائم الإرهاب المتحركة
يرى عمرو عبد الحافظ، الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية، أن التجربة السورية تمثل مثالًا صارخًا على خضوع التصنيفات الغربية لمنطق المصلحة.
ويقول عبد الحافظ إن هيئة تحرير الشام ظلت مصنفة كمنظمة إرهابية لسنوات طويلة، لكن عندما التقت المصالح الغربية معها، جرى دعمها وإلغاء هذا التصنيف”، معتبرًا أن هذا التحول لا يعكس تغييرًا جوهريًا في طبيعة التنظيم، بقدر ما يعكس تبدل الأولويات السياسية.
ويضيف أن غياب تعريف دولي ملزم للإرهاب أتاح للدول الغربية هامش مناورة واسعًا، جعل التصنيف أداة سياسية أكثر منه توصيفًا قانونيًا دقيقًا، وهو ما يفسر – بحسب رأيه – التناقضات الواضحة في التعامل مع جماعات متشابهة من حيث البنية والأيديولوجيا، ومختلفة فقط من حيث موقعها في خريطة المصالح.
الإخوان والغرب، تفاهمات غير معلنة
أما فيما يتعلق بجماعة الإخوان، فيشير عبد الحافظ إلى أن التلويح الغربي المتكرر بإمكانية تصنيفها كجماعة إرهابية لا يمكن قراءته باعتباره موقفًا أخلاقيًا أو سياسيًا حاسمًا.
ويؤكد أن هذا التلويح لم يترجم مرة واحدة إلى قرار فعلي حتى الآن، ما يرجح – وفق تقديره – وجود تفاهمات تحول دون اتخاذ خطوة نهائية في هذا الاتجاه.
ويعتبر الباحث أن استخدام ورقة التصنيف يظل أداة ضغط سياسية أكثر منه حكمًا قانونيًا نهائيًا، حيث يتحرك الغرب “مع مصلحته وحدها”، حسب تعبيره، في توقيتات يفرضها السياق الإقليمي والدولي وهو ما يفتح الباب أمام تساؤلات أوسع حول مصداقية النظام الدولي في التعامل مع ملف الإرهاب، وحدود الفصل بين مقتضيات الأمن ومقتضيات السياسة في رسم هذه القوائم.