فيتو
رئيس التحرير
عصام كامل

ذكرى رحيل الشيخ مصطفى إسماعيل، أبرز المحطات في حياة عبقري التلاوة وسلطان القراء

القارئ الشيخ مصطفى
القارئ الشيخ مصطفى إسماعيل

الشيخ مصطفى إسماعيل ، من أشهر شيوخ التلاوة فى القرن العشرين، وصف بعبقري التلاوة، صوت دافئ عذب عرف بالنفس الطويل، تربع على عرش التلاوة والترتيل بعد الشيخ محمد رفعت، سجل بصوته القرآن كاملا، تميز بالسلاسة والسهولة فى القراءة والانتقال من موضع إلى آخر فيه، اختاره الملك السابق فاروق قارئا للقصر واصطحبه الرئيس السادات فى جولاته حتى أنه رافقه إلى رحلة القدس، رحل فى مثل هذا اليوم عام 1978.

ولد الشيخ مصطفى إسماعيل فى قرية ميت غزال عام 1905 مركز السنطة محافظة الغربية، وتعلم فى كتاب القرية حتى حفظ القرآن كاملا وهو فى الثانية عشرة، قبل أن يلتحق بالمعهد الأحمدي فى طنطا، ليتم دراسة القراءات وأحكام التلاوة، وعندما أتم السادسة عشرة وفى إحدى ليالى رمضان عام 1917 بدأ مرحلة القراءة، وأتم إسماعيل تجويد القرآن وتلاوته بالقراءات العشر على يد الشيخ إدريس فاخر.

حفظ القرآن كاملا وهو طفلا 

وأتم الشيخ مصطفى إسماعيل حفظ القرآن الكريم فى كتاب القرية قبل ان يكمل عامه الثاني عشر، كما درس القرآن وأحكام التلاوة فى المسجد الأحمدى بطنطا، حيث بدأت الانطلاقة الحقيقية للشيخ مصطفى إسماعيل في عالم التلاوة من مدينة طنطا، حتى أنه قرأ فى عزاء أحد كبراء طنطا وهو فى السادسة عشرة من عمره مرتديا الجبة والقفطان.

الشيخ مصطفى اسماعيل فى احد لقاءاته 
الشيخ مصطفى اسماعيل فى احد لقاءاته 


وحول هذه الذكريات يقول الشيخ مصطفى إسماعيل: أراد الله أن يسمعنى جميع الناس من المديريات وجميع أعيان مصر، وذهبت إلى السرادق الضخم المقام لاستقبال الأمير محمد على الوصى على عرش الملك فاروق، وسعد باشا زغلول وعمر باشا طوسون وأعيان مصر وأعضاء الأسرة المالكة فى ذلك الوقت، وحضر العزاء أيضا جميع أعيان القطر المصرى، ولأنه لم يكن هناك مكبرات صوت، فقررت أن أسمع السرادق كله صوتى، وعندما انتهى أول القراء وكان اسمه الشيخ سالم هزاع،ونزل من على الدكة قفزت على الدكة وجلست، وفجأة نادى قارئ آخر قائلا: انزل يا ولد هو شغل عيال!، حتى حضر أحد أقارب المتوفى، وقال للشيخ هذا قارئ مدعو للقراءة مثلك، وقرأت وأبهرت الحضور بتلاوتى.

سكن حى المغربلين بالقاهرة 

ذاعت شهرة الشيخ مصطفى اسماعيل في أنحاء محافظة الغربية والمحافظات المجاورة لها ونصحه أحد المقربين منه إلى الذهاب إلى القاهرة، فسكن الشيخ حارة العنانى بحى المغربلين، حيث منطقة الدرب الأحمر معقل مساجد القاهرة التاريخية، التى تزدان بالمآذن ويقرأ بها أصوات كثيرة من كبار قراء القرآن، منهم الشيخ محمد رفعت وعبدالفتاح الشعشاعى ومحمد الصيفى ومحمد سلامة وعبد العظيم زاهر، أبو العينين شعيشع، وطه الفشنى والبهتينى والدمنهورى وغيرهم، وكان من جيرانه من المنشدين الشيوخ على محمود، محمود صبح، درويش الحريرى وأحمد ندا.

الشيخ مصطفى اسماعيل 
الشيخ مصطفى اسماعيل 

وفى القاهرة لعبت الصدفة أدوارا خطيرة في حياة مصطفى اسماعيل، فعندما حضر إلى القاهرة في الأربعينيات لمح في طريقه لافتة مكتوبا عليها: "رابطة تضامن القراء"، ودخل لينضم إلى عضويتها، فلما كتب اسمه توقف أحد الشيوخ وسأله: أنت مصطفى إسماعيل اللى بيحكوا عنك فى طنطا ؟ اقرأ لي؟ فقرأ وأحسن فطلب منه الشيخ أن يلقاه فى مقهى الحسين مساءا، وكانت ليلة رمضان عام 1943  وكان فى الحسين حفلا يذاع على الهواء بهذه المناسبة والمفروض أن يحييها الشيخ عبد الفتاح الشعشاعى لكنه اعتذر لمرضه، فأجلسه الشيخ الصيفى للقراءة وسط اعتراض مسئولي مسجد الحسين لعدم قيده بالاذاعة وقرأ وسط اعجاب الحضور واستمر على القراءة حتى منتصف الليل، فكانت بداية معرفة جمهور القاهرة بصوته.

قارئ القصر 

وخدمت المصادفة الشيخ مصطفى اسماعيل ايضا عندما سمع صوته فى هذه الليلة الملك السابق فاروق فأعجب بصوته، وأصدر أمرا ملكيا باعتماده قارئا للقصر الملكى وتكليفه لإحياء ليالى رمضان بقصرى رأس التين والمنتزه بمدينة الإسكندرية،فكان يقرأ وبجواره يجلس الملك.

الشيخ مصطفى اسماعيل يحيى احد حفلات ليالى رمضان 
الشيخ مصطفى اسماعيل يحيى أحد حفلات ليالى رمضان 

ترك الشيخ مصطفى إسماعيل بعد الرحيل  1300 تلاوة، لا تزال تبث عبر إذاعات القرآن الكريم. ويعرف قدراته الصوتية بشكل جيد، وكيف يستخدمها فی الوقت المناسب. استطاع أن يمزج بين علم القراءات وأحكام التلاوة وعلم التفسير وعلم المقامات كان أول قارئ يسجل في الإذاعة التي انضم إليها دون اختبارات.


زار الشيخ مصطفى إسماعيل خمسا وعشرين دولة عربية وإسلامية منها جزيرة سيلان وتركيا وتنزانيا وماليزيا وتركيا وقضى ليالي شهر رمضان المبارك هناك وهو يتلو القرآن الكريم بها، كما قرأ في المسجد الأقصى فى رمضان، ثم اختاره الرئيس أنور السادات لمرافقته في زيارة تل أبيب ضمن الوفد الرسمي ليقرأ القرآن مرة ثانية بالمسجد الأقصى عام 1977.

وحصل الشيخ مصطفى إسماعيل على تكريمات متعددة محلية وعالمية، منها وسام الأرز من لبنان، ووسام الفنون عام 1965 من الرئيس جمال عبد الناصر ووسام الاستحقاق من سوريا عام 1958، ووسام الاستحقاق من الرئيس مبارك عام 1985، ووسام الفنون من تنزانيا.

وصفه على جمعة عبقرى التلاوة 

هو عبقري التلاوة، وكما يقول الدكتور على جمعة مفتى الديار السابق: “أنا عايز أديله لقب تاني من عندي عن دراسة وتتبع وهو صاحب المقام الرفيع لأنه قرأ بـ19 مقام، ويمكن تحليل صوته بشكل علمي خلال القراءات المختلفة، وكان فريدا وحيدا من نوعه وعبقري.

مميزات الحنجرة العربية 

وقال عنه الشيخ احمد نعينع:اجتمعت فى صوت الشيخ مصطفى اسماعيل كل مميزات الحنجرة العربية الخلاقة لا تحس فى نبرات صوته خروج على مجرى النغم لكنه كان يتحكم فى صوته يقف حيث يريد ويبتدئ فيثير فى النفس كوامن الإيمان.

عبقرى فى إدارة صوته 

وقال عنه الكاتب محمود السعدنى: الشيخ مصطفى إسماعيل هو صاحب أجمل وأقوى صوت من جميع المقرئين كما أنه صوت فى قمة العطاء والروعة، وقال عنه الموسيقار عمار الشريعى إنه الخديو بمعنى خديو قراء القرآن الكريم وزعيمهم وشيخهم، وقالت الدكتورة رتيبة الحفنى هو معهد كامل للموسيقى، وقال عنه الموسيقار محمد عبد الوهاب عبقرى كبير فى إدارة صوته وهو المقرئ الوحيد الذى كان يفاجئ المستمع بمسارات مقامية غير متوقعة.