نقص التمويل و123 مليون نازح، هل يصبح برهم صالح الرئيس الجديد لمفوضية شئون اللاجئين فارسًا بلا جواد؟
في الأول من يناير 2026، يبدأ الرئيس العراقي السابق برهم صالح مهمته كرئيس للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشئون اللاجئين.
وعلى مدى خمس سنوات مقبلة، سيكون على صالح التعامل مع ملفات شديدة الحساسية فيما يتعلق بتقديم المساعدات الحيوية للاجئين وطالبي اللجوء والنازحين داخليا والأشخاص عديمي الجنسية، بحسب مهام المفوضية.
ويوصف صالح، وهو سياسي كردي عراقي تلقى تعليمه في بريطانيا، بالسياسي المعتدل؛ وكان عضوا في السلطات المؤقتة التي شكلتها القيادة العسكرية الأمريكية بعد إسقاط نظام صدام حسين إثر الغزو الأمريكي للعراق عام 2003؛ وتولى منصب وزير التخطيط في الحكومة الاتحادية إثر أول انتخابات تعددية شهدها العراق عام 2005.
وبعدها بعام، أصبح نائبا لرئيس الوزراء نوري المالكي. وإثر انتهاء ولايته عاد في العام 2009 إلى أربيل ليتولى رئاسة حكومة إقليم كردستان حتى عام 2011؛ كما شغل منصب الرئيس الثامن لجمهورية العراق في الفترة من عام 2018 إلى عام 2022.
اشتهر صالح بأنه مؤسس الجامعة الأمريكية في العراق
واشتهر برهم صالح بكونه مؤسسا للجامعة الأمريكية في مدينة السليمانية بإقليم كردستان العراق، وهو زميل أول في مبادرة الشرق الأوسط ومركز “بيلفر” للعلوم والشئون الدولية.
كما أنه حاصل على درجة البكالوريوس في الهندسة المدنية والإنشاءات من جامعة كارديف، ودرجة الدكتوراه في الإحصاء وتطبيقات الحاسوب في الهندسة من جامعة ليفربول عام ١٩٨٧، ومتزوج من عالمة النباتات والناشطة في مجال حقوق المرأة سرباغ صالح.
لم يخل تاريخ صالح من الصدام مع السلطات العراقية؛ حيث وقد اعتقل مرتين في عام 1979 بتهمة المشاركة في الحركة السياسية الكردية وتعرض للتعذيب في سجن مدينة كركوك بسبب التقاطه صورا للمظاهرات المناهضة للحكومة في المدينة، بحسب "بي بي سي".

وبعد إطلاق سراحه، سافر إلى المملكة المتحدة، وحصل على إجازة في الهندسة المدنية من جامعة كارديف عام 1983.
أكثر من 123 مليون شخص ينتظرون حلول صالح
بلغة الأرقام، سيكون لزاما على صالح التعامل مع نقص التمويل، في وقت تتزايد فيه مشكلات النازحين قسرا في جميع أنحاء العالم، والبالغ عددهم 123.2 مليون شخص، تستضيف غالبية 71% منهم بلدان ذات دخل منخفض ومتوسط (19% في بلدان ذات دخل منخفض، و17% تستضيفهم بلدان ذات دخل متوسط متدني، و37% في بلدان ذات دخل متوسط مرتفع) مقابل 27% فقط يقيمون كلاجئين في بلدان ذات دخل مرتفع، بحسب تقرير الاتجاهات العالمية لعام 2024 والصادر عن مفوضية اللاجئين في 12 يونيو 2025.
سياسات ترامب أدت إلى تراجع حاد في تمويل المفوضية
لكن صالح ربما تحول إلى فارس بلا جواد في ظل النقص الهائل في تمويل المفوضية؛ حيث خفضت جهات مانحة رئيسية، مثل الولايات المتحدة مساهماتها منذ وصول الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى البيت الأبيض في يناير 2025.
وأثار قرار ترامب بشدة على المفوضية التي كانت تمثل المساهمات الأمريكية أكثر من 40% من ميزانيتها، ودفع ذلك المفوضية إلى خفض ميزانيتها لعام 2026 بنحو الخمس، فضلا عن خطط لتسريح حوالي خمسة آلاف من موظفيها.
ضعف آليات التعامل مع ملفات اللاجئين في سوريا والسودان
عربيا، يؤثر ذلك كله سلبا على آليات تعامل صالح مع ملفات اللاجئين في الدول العربية، وفي القلب منها ملف النساء السودانيات النازحات في الدبة واللاتي يواجهن ظروفا صعبة في وقت تجد المفوضية نفسها عاجزة عن تقديم "كل المساعدة التي يحتجنها بسبب نقص التمويل"، بحسب رئيس المفوضية المنتهية ولايته فيليبو جراندي في 15 ديسمبر الجاري.
ولا يختلف الوضع كثيرا بالنسبة لسوريا، والتي تصفها المفوضية بأنه "تعيش في مفترق طرق حاسم"، وتحتاج إلى استثمارات ضخمة لإعادة الإعمار، وتوفير فرص عمل للنازحين، وتأمين الوصول إلى الخدمات الأساسية إليهم، في وقت وجهت فيه كثير من دول العالم الأموال التي كانت تمنحها للمفوضية، للإنفاق على ميزانيات الدفاع.