فيتو
رئيس التحرير
عصام كامل

محمود كارم: خطاب الكراهية أخطر التحديات التي تواجه المجتمعات المعاصرة

رئيس المجلس القومي
رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان، فيتو

قال السفير الدكتور محمود كارم، رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان، إن خطاب الكراهية يُعد من أخطر التحديات التي تواجه المجتمعات المعاصرة، لما له من آثار سلبية مباشرة على السلم المجتمعي وقيم المواطنة والتعايش المشترك، مؤكدًا أن هذا الخطاب لا يقتصر على مجرد تعبير لفظي أو اختلاف في الرأي، وإنما يمتد ليقوض كرامة الإنسان ويغذي دوائر العنف والإقصاء والتمييز.


وأوضح كارم، خلال كلمته في مؤتمر «معًا لمواجهة خطاب الكراهية»، أن خطاب الكراهية يمثل ظاهرة مركبة تتداخل فيها الأبعاد القانونية والاجتماعية والثقافية والإعلامية، وتتخذ أشكالًا متعددة تختلف باختلاف السياقات السياسية والاجتماعية، لكنها تشترك جميعًا في جوهر واحد يتمثل في استخدام لغة عدائية أو تمييزية ضد الأفراد أو الجماعات على أساس الدين أو العِرق أو اللون أو الجنس أو أي اعتبارات متعلقة بالهوية.


 

وأشار رئيس المجلس إلى أن المجتمع الدولي ينظر إلى خطاب الكراهية باعتباره تهديدًا مباشرًا للسلم والأمن الدوليين، لافتًا إلى أن التجارب التاريخية أثبتت أن هذا الخطاب غالبًا ما يكون مقدمة لارتكاب جرائم جسيمة قد تصل إلى الجرائم ضد الإنسانية أو الإبادة الجماعية، وهو ما دفع القانون الدولي، ولا سيما العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، إلى حظر الدعوة إلى الكراهية القومية أو الدينية أو العنصرية إذا اقترنت بالتحريض على التمييز أو العداوة أو العنف.


 

وأكد كارم أن خطورة خطاب الكراهية تتضاعف في ظل الانتشار الواسع لوسائل التواصل الاجتماعي والفضاء الرقمي، حيث بات من السهل نشر الأفكار الإقصائية والصور النمطية السلبية واستهداف الأقليات والنساء واللاجئين والمهاجرين، في ظل تحديات كبيرة تتعلق بالرصد والمساءلة وغياب الشفافية في سياسات بعض المنصات الرقمية.

وفي السياق المحلي، شدد رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان على أن الدستور المصري كفل مبدأ المساواة وعدم التمييز، واعتبر الحض على الكراهية جريمة يعاقب عليها القانون، ولا سيما في المادة (53)، مؤكدًا أن التحدي الحقيقي يتمثل في الحاجة إلى تشريع متكامل يضع تعريفًا دقيقًا لخطاب الكراهية، ويفصل بوضوح بين حرية الرأي والتعبير باعتبارها حقًا أصيلًا، وبين التحريض على الكراهية والتمييز والعنف، بما يتوافق مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان، خاصة وأن مصر طرف في عدد من الاتفاقيات الدولية ذات الصلة.

وأوضح كارم أن المجلس القومي لحقوق الإنسان يضطلع بدور محوري في مواجهة خطاب الكراهية، من خلال إعداد الدراسات والأوراق البحثية، والمشاركة في مناقشة المقترحات التشريعية، ورصد وتحليل الخطاب الإعلامي، وتنظيم ورش العمل والفعاليات التوعوية، إلى جانب مشاركته الفاعلة في جلسات الحوار الوطني، وتقديم مقترحات بإنشاء مفوضية مستقلة لمكافحة التمييز.
 

وأكد رئيس المجلس أن التصدي الفعّال لخطاب الكراهية يتطلب مقاربة شاملة تقوم على تطوير التشريعات، ونشر ثقافة حقوق الإنسان، وتعزيز التعليم والإعلام المسؤول، وبناء شراكات استراتيجية مع المؤسسات الدينية والمجتمع المدني والمؤسسات التعليمية ووسائل الإعلام، وصولًا إلى استراتيجية وطنية متكاملة ترسخ قيم المواطنة والتنوع والاحترام المتبادل.

 

وشدد السفير الدكتور محمود كارم في ختام تصريحاته على أن مواجهة خطاب الكراهية ليست مسؤولية مؤسسة بعينها، بل مسؤولية جماعية تتطلب تضافر جهود الدولة والمجتمع، حفاظًا على كرامة الإنسان وصونًا للسلم المجتمعي وبناء مستقبل أكثر عدلًا وإنصافًا.