فيتو
رئيس التحرير
عصام كامل

يفتح به الكنوز المدفونة ويمنح القوة والثراء، باحث في التحنيط يكشف سر الزئبق الأحمر السحري

أسطورة الزئبق الأحمر
أسطورة الزئبق الأحمر والآثار، فيتو

سر أسطورة الزئبق الأحمر، كشف باحث مصريات ومتخصص في التحنيط والمومياوات، أحمد عبد الله، سر الزئبق الأحمر الذي يزعم أنه المادة السحرية الذي تفتح به أماكن الكنوز والآثار، وحكاية الأسطورة المصرية التي تقول إن "الفراعنة أخفوا مادة نادرة داخل تماثيل أو مومياوات أو توابيت، وإنها تمنح قوة أو ثراء أو حتى سلاح أو طاقة".

أسطورة الزئبق الأحمر في الكنوز والآثار

وأشار باحث المصريات والمتخصص في التحنيط أحمد عبد الله إلى أن ما يتعارف عليه بأنه "الزئبق الأحمر" يظهر في قصص الكنوز والآثار، لكنه لا يظهر في المعمل.

سر انتشار أسطورة الزئبق الأحمر السحرية، فيتو
سر انتشار أسطورة الزئبق الأحمر السحرية، فيتو


وقال باحث المصريات أحمد عبد الله: "المثير أن الأسطورة منتشرة لدرجة أن ناس بتبيع وتشتري على أمل مادة "سحرية" تغيّر المصير، مع إن العلم بيشتغل بالعكس تمامًا، اللي مالوش دليل قابل للاختبار… غالبًا مالوش وجود". وحكي أحمد عبد الله عن سر الزئبق الأحمر فقال: إن "الزئبق كعنصر معروف علميًا، معدن سائل لونه فضي يتبخر بسهولة، وهذا جزء من خطورته، لأنه سام وممكن يضر الجسم في حالة التعرض له لفترة".

وأكد باحث المصريات والتحنيط أحمد عبد الله أن "الزئبق الأحمر كمصطلح ليس اسم علمي لمادة محددة، ولن نجد له تعريفا واحدا ثابتا، لتعريف تركيب المركب وخواصه، وهذه أول علامة حمراء، أي مادة حقيقية لابد يكون لها هوية واضحة، تركيب كيميائي معروف، وخواص ثابتة تقاس وتكرر".

مركبات حمراء للزئبق ومزاعم تشغيل الأجهزة الغامضة

وتابع أحمد عبد الله حديثه عن أساس كلمة أحمر المقرونة في اسم الزئبق، فقال: "كلمة "أحمر" هنا لابد أن نُفرق بين حقيقة ثابتة وتفسير محتمل، الحقيقة الثابتة إن هناك مركبات للزئبق لونها مائل للأحمر أو البرتقالي، وهذا شئًا عاديًا في الكيمياء. مثل مركب كبريتيد الزئبق، وهذا لونه أحمر غامق، ويتواجد طبيعيًا كخامة معدنية معروفة".

أسطورة الزئبق الأحمر وأسرارها الغامضة، فيتو
أسطورة الزئبق الأحمر وأسرارها الغامضة، فيتو


وأضاف "وفيه أكسيد الزئبق لونه أحمر/برتقالي، لكن وجود مركبات حمراء للزئبق لا تعني إطلاقًا وجود "الزئبق الأحمر الأسطوري"، الذي يقال عليه إنه يشغل أجهزة غامضة، أو يفتح المقابر، أو يحدد أماكن الدفائن، أو يدخل في تكنولوجيا خارقة، وهذا قفز من لون مادة إلى قدرات خارقة بدون أي جسر منطقي".

وكشف باحث المصريات والتحنيط عن سر الزئبق الأحمر الأسطوري، فقال: "هنا تدخل الآثار المصرية في الحكاية، الأسطورة تدّعي أن الفراعنة خبئوا مادة نادرة داخل تماثيل أو مومياوات أو توابيت، وإنها تمنح قوة أو ثراء أو حتى "سلاح أو طاقة". هذا الكلام جذّاب لأنه يركب على هالة الغموض حوالين الحضارة المصرية"

وأوضح باحث المصريين أن "علم الآثار بطبيعته لا يعمل بـ"السمع"، ويعمل بالأثر المادي: (طبقات، ومواد، وتحاليل، وسياق تاريخي)، وإذا كان هناك مادة بهذا الشكل موجودة بكثرة أو حتى في حالات مؤكدة، كنا سنراها كظاهرة متكررة في الاكتشافات والتحاليل، والموجود فعليًا إن الحضارة المصرية استخدمت مواد تحنيط وراتنجات وأملاح وصبغات ومعادن معروفة، وهذا طبيعي لأي مجتمع متقدم. إنما حكاية "مادة واحدة سرية" تفسّر كل شيء، فهذه طريقة تفكير قصصية وليست علمية".

مزاعم وجود مادة الزئبق الأحمر السحرية


وعن مزاعم وجود مادة الزئبق الأحمر السحرية، قال باحث المصريات والتحنيط أحمد عبد الله: "هناك نقطة تسبب لخبطة عند كثيرًا من الناس: أحيانًا يتم العثور على سوائل غامقة أو مائلة للحمرة داخل توابيت أو توابيت حجرية، وهذا يتحول بسرعة في الكلام الشعبي إلى أنها "أكيد الزئبق الأحمر!" الحقيقة الثابتة هنا إن السوائل دي غالبًا بتكون خليط ناتج عن تحلل مواد عضوية مع رطوبة ومياه تسربت، وبتأخذ لون بني مائل للأحمر، حسب المكونات والبيئة".

حقيقة وجود الزئبق الأحمر، فيتو
حقيقة وجود الزئبق الأحمر، فيتو


كما أكد أحمد عبد الله أن "التفسير المحتمل إن اللون يخدع العين، ويجعل المخ يكمّل القصة التي يريد تصديقها، وهذه ظاهرة نفسية معروفة: "لما يبقى عندنا توقع، بنشوف الدليل على مقاسه".

وأوضح أحمد عبد الله "الجزء التاني من الأسطورة يقول إن الزئبق الأحمر مرتبط بالإشعاع أو بالنووي، وهذه منطقة خصبة جدًا للخداع، لأنها تستخدم كلمات كبيرة تخض: "يورانيوم"، و"نيوترونات”، و"تخصيب"، و"طاقة". والعلم هنا واضح: أي مادة تدّعي إنها "نووية"، لابد يكون لها بصمة قياس دقيقة جدًا، ولا تحدد بالشكل المسرحي الذي يحدث في الحواديت".

وتابع أحمد عبد الله "أذا كانت هناك مادة خطيرة أو نادرة لهذه الدرجة وتباع في السوق، كانت ستترك آثارًا واضحة في القياسات وفي الوقائع الموثّقة، وليس في قصص متوارثة على القهاوي أو فيديوهات مشروحة بنبرة إثارة".

سر انتشار أسطورة الزئبق الأحمر

وعن وجود أسطورة الزئبق الأحمر قال أحمد عبد الله "هناك ثلاث أمور تغذيها (الطمع، والغموض، وتحيّز التأكيد)، فالطمع يجعل شخص يسمع عبارة "مادة تمنها ملايين" يتجاهل المنطق، والغموض يجعل "الأثر المصري" دائمًا أرض خصبة للخيال، وتحيّز التأكيد يجعل الذي يصدق مرة، يبحث عن أي تفصيلة تثبت له إنه كان صح، ومع الوقت يُخلق سوق كاملة حول الوهم: (سماسرة، خبراء بلا دليل، وأجهزة كشف مزعومة، وحكايات عن ناس عرفت، وناس اختفت"

سر أسطورة الزئبق الأحمر السحري، فيتو
سر أسطورة الزئبق الأحمر السحري، فيتو


وأكد الباحث أحمد عبد الله أن "ربط الأسطورة بالآثار يؤدي لضرر مزدوج. ضرر معرفي لأنه يشوش على فهم الناس للعلم وللتاريخ، وضرر واقعي لأنه بيشجع ناس كثيرة للتعامل مع التراث كأنه خزنة كنوز وليست هوية إنسانية، والحضارة المصرية ليست بحاجة لخرافة حتى تظهر، وعظمتها فيما نعرفه يقينًا: هندسة، طب، فلك، إدارة مجتمع، فن، وعقيدة… كل هذا موثق في آثار حقيقية ومعارف تراكمت ببطء وبالكدّ، وليست بمادة سحرية مخبأة في تمثال.

وأوضح باحث المصريات والتحنيط أحمد عبد الله أن "الزئبق الأحمر كفكرة خارقة مرتبطة بالآثار المصرية هو أسطورة شعبية، تم تجميلها بكلام علمي مزيف، والحقيقة إن هناك مركبات للزئبق لونها أحمر وهذه كيمياء عادية، لكن القفز منها لأسطورة الكنوز والطاقة والإشعاع قفزة بلا دليل"

وتساءل أحمد عبد الله عن سر انتشار أسطورة الزئبق الأحمر فقال: هل "أسطورة الزئبق الأحمر منتشرة أكثر بسبب الجهل، أم بسبب الناس التي تحب الحكاية حتى لو ضد المنطق؟"