فيتو
رئيس التحرير
عصام كامل

خبير بالشأن الأفريقي: السودان يواجه أكبر أزمة نزوح داخلي في العالم

رمضان قرنى،فيتو
رمضان قرنى،فيتو

قال الدكتور رمضان قرني، الخبير بالشأن الأفريقي، إنه بعد مرور أكثر من عامين ونصف العام على اندلاع الحرب في السودان، ومع غياب بوادر حل أو تسوية للصراع، تتفاقم التداعيات الإنسانية بشكل كبير. 

وأشار في تصريح لـ “فيتو” إلى أن التقرير الأخير الصادر عن المنظمة الدولية للهجرة يوضح أن السودان يواجه أكبر أزمة نزوح داخلي في العالم، مؤكدًا أن ذلك يعد جرس إنذار للتداعيات الإنسانية المتفاقمة.
 

التداعيات الإنسانية التي حذرت منها التقارير الأممية والدولية

وأكد الدكتور رمضان قرني الخبير بالشأن الأفريقي، بأن التقارير الأممية والدولية حذرت من:

نزوح ما يقرب من 13 مليون شخص في السودان، وفقًا لأرقام الأمم المتحدة، ومعاناة حوالي نصف من تبقوا من انعدام الأمن الغذائي الحاد.

وفقًا لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشئون الإنسانية (أوتشا)، يحتاج من بين 47 مليون شخص نحو 30 مليونًا إلى مساعدات إنسانية عاجلة.

تعرض نحو نصف عدد السكان، قرابة 25 مليون شخص، لأزمات الجوع الحاد.

تفاقم ظاهرتي العنف الجنسي والمجازر الجماعية والنزوح، حيث سجّلت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) روايات مروعة عن جنود يغتصبون النساء والأطفال ويعتدون عليهم جنسيًا.

إعلان منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) أن قطاع الآثار في السودان تكبّد خسائر جسيمة نتيجة الحرب المستمرة، مؤكدة أن حجم الضرر الذي طال المواقع والمتاحف التاريخية تجاوز التوقعات.

علاوة على ذلك، تشهد مختلف مدن السودان حالة من النزوح اليومي نتيجة انتقال العمليات العسكرية إلى مدن وأقلام جديدة، كما كشفته عمليات النزوح الكبيرة في مدينة الفاشر بعد سيطرة الدعم السريع عليها، حيث تجاوزت أعداد الأسر والأفراد 100 ألف شخص. 

كما شهدت مدن سودانية مختلفة كوارث طبيعية وأزمات متعددة، تشمل سيولًا وانهيارات أرضية وأمطارًا غزيرة، إلى جانب انتشار بعض الأوبئة نتيجة تراجع الخدمات الصحية، أبرزها الكوليرا والملاريا وحمى الضنك.

أسباب تفاقم الأزمة الإنسانية في السودان

وتابع الخبير بالشأن الإفريقي: إنه بالرغم من توالي التقارير الأممية حول مأساوية الوضع في السودان ورصد مؤشرات وأرقام مفزعة بشأن الوضع الإنساني والإغاثي، يطرح السؤال: ما هي الأسباب التي دفعت إلى تفاقم هذه الحالة؟ ويمكن الإشارة إلى مجموعة من الأسباب والتفسيرات:

أولًا: الاهتمام الدولي المتأخر للغاية بالحرب في السودان، نتيجة التركيز على أزمات أخرى أبرزها غزة وأوكرانيا، علاوة على حالة الاستقطاب الدولي بين واشنطن وبعض القوى العالمية الأخرى مثل الصين وروسيا وفرنسا، ما جعل الحرب في السودان خارج نطاق الاهتمام العالمي.

ثانيًا: التمدد الجيوسياسي للحرب وتأثيراتها على ثمانية دول من دول الجوار، سواء من ناحية النازحين أو اللاجئين، وما يترتب على ذلك من إشكاليات في معسكرات اللجوء تشمل أزمات غذائية وأمنية وصحية، وهو ما كشفت عنه الأزمات في معسكرات اللاجئين السودانيين في تشاد وأفريقيا الوسطى وأوغندا.

ثالثًا: عجز المنظمات الدولية عن دخول مدن كثيرة في السودان، سواء لأسباب سياسية تتعلق بمواقف أطراف الصراع، أو لأسباب أمنية، حيث تعرضت بعض القوافل الإغاثية لهجمات ميدانية ومقتل عناصرها.

رابعًا: إعلان برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، الجمعة الماضية، عن تقليص الحصص الغذائية للمجتمعات التي تواجه المجاعة في السودان اعتبارًا من يناير المقبل، نتيجة ضعف التمويل.

خامسًا: تكرار المذابح والجرائم الإنسانية بصورة مشابهة في أكثر من إقليم بالسودان، خاصة على أيدي قوات الدعم السريع، مثل مذابح الجنينة والفاشر وبابنوسة ومدينتي الأبيض وبارا في إقليم كردفان.

سادسًا: خفض تمويل المساعدات الخارجية، خاصة من الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي، وهو ما كان له آثار كارثية على الشعب السوداني مع استمرار المجاعة في جميع أنحاء البلاد. 

وكانت الولايات المتحدة أكبر مانح للمساعدات في عام 2024، حيث قدمت 44% من إجمالي التمويل الأجنبي، إلا أن تخفيضات إدارة ترامب للمساعدات كانت مدمرة.

ووفقًا لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشئون الإنسانية، توسعت فجوة تمويل المساعدات الإنسانية في السودان من 840 مليون دولار في عام 2024 إلى 3.2 مليار دولار في عام 2025، مما أدى إلى إغلاق 80% من مطابخ الطعام وتفاقم أزمة الجوع.