وصفه الإعلام الغربي بالعقل المدبر للأمن القومي الأمريكي، مايكل أنتون زعيم "ماجا" اليمينية ذراع ترامب الخفي
منذ إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في 16 نوفمبر 2022 ترشحه لانتخابات الرئاسة الأمريكية، حول الباحث في معهد كليرمونت والعضو السابق في مجلس الأمن القومي مايكل أنتون مدينة ريجان الصغيرة الواقعة في ولاية داكوتا الشمالية إلى مخبأ ترامب المحصن.
وامتد دور أنتون لمرحلة ما بعد وصول ترامب إلى البيت الأبيض في يناير 2025، حيث وضع استراتيجية الأمن القومي الأمريكي الجديدة، بحسب جريدة "ذا جارديان" البريطانية، بوصفه أحد أبرز منظري تيار "لنجعل أميركا عظيمة مرة أخرى" والذي أطلقه على حركته اليمينية "ماجا"، التي تصور الهجرة إلى أوروبا باعتبارها تهديدا وجوديا يؤدي إلى "محو حضاري"، وتؤمن بضرورة التصدي لمنع وصول أي تيارات يسارية إلى الحكم في أوروبا، واتباع سياسات داعمة للاحتلال الإسرائيلي، والسيطرة على منابع النفط في فنزويلا، واتباع سياسة التجويع في مواجهة "حكم الملالي" في إيران.
ثنائية كيرلي وأنتون ترسم خريطة ترامب العقائدية
يقول موقع "أو بي إي يو" الإلكتروني في تقرير: "في خضم الجنون الواضح لحملة الرئيس دونالد ترامب الانتخابية، اعتاد الرئيس الأمريكي ترديد هتاف أمريكا أولا؛ وفي هذا المشهد برز شخصان كمهندسين غير متوقعين لنظام الجناح اليميني الجديد هما تشارلي كيرك ومايكل أنتون".
كان اليميني المتطرف كيرك، البالغ من العمر 31 عاما، والذي اغتيل في سبتمبر 2025، هو المبشر الشاب للحركة، حيث قام بتعبئة جيل من الناخبين الساخطين في أوساط اليمين الأمريكي.
أما أنتون فكان واضع الأساس الفكري لقومية ترامب العقائدية (أو ما يعرف بالترامبية)، والتي شكلت استراتيجية الأمن القومي التي أعلنتها إدارة ترامب مؤخرا، ورؤيته الساخرة من المهاجرين من الصومال شرقا وحتى الكاريبي غربا.
مايكل أنتون العقل المدبر للاستراتيجية الترامبية
ولدت استراتيجية الأمن القومي الأمريكي من رحم حماسة كيرك الشعبوية وصرامة أنتون الفكرية العقائدية، وترجمت إلى حالة عامة ترفض الليبرالية، وترى في كل ما هو مخالف لسياسات ترامب عدوا، حتى لو كان حلفاؤه الأوربيون.
يقول التقرير: "إنه اندماج تكافلي صنعه أنتون في ماجا، ودفع الترامبية من تمرد هامشي إلى فلسفة حاكمة؛ ففي الوقت الذي تبحر فيه الولايات المتحدة وسط توترات متصاعدة مع إيران، وتسعى إلى التوصل لوقف إطلاق نار (حتى لو كان هشا) في أوكرانيا، تتبنى الحركة سياسة خارجية تعتمد على الهيمنة القومية المفرطة".
يؤمن أنتون –ومن خلفه ماجا- بأن على واشنطن السعي نحو تفكيك التحالفات، وتشجيع الخصوم، واستعادة الهيمنة العالمية، بصورة جعلت البعض يتساءل: هل تؤدي سياسات الحركة إلى حفر قبر الإمبراطورية الأمريكية؟
قبعات ماجا الحمراء تجذب الشباب الأمريكي إلى اليمين المتطرف
لقد اجتذبت الحركة –ومن ورائها عقلها المدبر أنتون- عشرات الآلاف من الشباب، وجميعهم باتوا يرتدون قبعاتها الحمراء، مؤمنين بمبدأ ترامب القائم على فكرة "السلام من خلال القوة"، وغلق الحدود الأمريكية في وجه المهاجرين باعتبار أن الحدود التي يسهل اختراقها تعد صيدا سهلا لـ"الجواسيس الأجانب".
يتبنى أنتون، البالغ من العمر 56 عاما، المبدأ المكيافيلي ويرى فيه طريقا سهلا لاختراق "ماجا" للمجتمع الأمريكي، حتى أنه كتب على صفحات جريدة "وول ستريت" مقالا في عام 2016 بعنوان "انتخابات الرحلة 93" حرض فيه المحافظين على تحطيم ما وصفه بطائرة مؤسسة الحزب الجمهوري، مؤكدا أن أمام الجمهوريين طريقان لا ثالث لهما، وهما "الترامبية" أو "الهلاك".
وصور أنتون "انتصار كلينتون المحتمل" آنذاك على أنه "انتحار حضاري"، واصفا ترامب بأنه "يقدم الخلاص بالنسبة للأمريكيين".
اكتسب أنتون خلفيته الفكرية من عمله مع صانع الرؤساء روبرت مردوخ
تعود خلفية أنتون السياسية في جزء كبير منها إلى عمله في الإمبراطورية الإعلامية لرجل الأعمال الأسترالي الأمريكي المتقاعد روبرت مردوخ والذي طالما وصف بـ"صانع الرؤساء"، وعبر عن سياسة الرئيس ترامب الخارجية في مقال نشرته مجلة "فورين بوليسي" في عام 2019 بعنوان "عقيدة ترامب" قائلا: "لا تكن أحمق"، مؤكدا أن "هيمنة الولايات المتحدة لن تكون من خلال الشرطي العالمي، بل من خلال النفوذ الاقتصادي وإنفاذ الخطوط الحمراء من خلال تجنب حملات الإطاحة بالحكام المستبدين، وفرض التعريفات الجمركية على فيتنام بسبب سرقة الملكية الفكرية، وفرض عقوبات تستهدف تجويع ملالي إيران، ومواجهة حلفاء الناتو الذين يعرقلون الناتج المحلي الإجمالي الأمريكي بنسبة 5%".
تهديدات ترامب لإيران وفنزويلا جزء من مبادئ "ماجا"
تجسدت مبادئ أنتون، بوصفه العقل المدبر لحركة "ماجا"، بوضوح في تهديدات ترامب المتصاعدة بغزو كامل لإيران خلال الحرب الإسرائيلية الإيرانية في يونيو 2025، وعملياته السرية وتعزيزاته البحرية ضد الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو في فنزويلا (التي تم تأطيرها على أنها حملات على المخدرات ولكن يُنظر إليها على أنها تغيير للنظام)، ودعم "إسرائيل" الذي لا يتزعزع وسط أزمة المجاعة في غزة.