نظرة يا وزير الأوقاف
الأستاذ الدكتور أسامة الأزهري وزير الأوقاف عالم جليل ورجل طيب وتتسم إطلالاته ببركة تستطيع أن تلمح تفاصيلها في كلمات بسيطة ينطق بها، التقيته مرات عديدة في مناسبات كثيرة وأحسبه صاحب رؤية، وميزته أنك إن اختلفت معه فإن قنوات الحوار تبقى بنفس حيويتها.
تفاصيل كثيرة حول ما يجري داخل وزارته قد تختلف معها، غير أنك لا تستطيع أن تنفي عن الرجل محاولاته النبيلة، وعلى رأسها تلك الإطلالة المدهشة لبرنامج دولة التلاوة، وهو في مفهومي ليس برنامجا تلفزيونيا حرك المياه الراكدة في ملف كان مسكوتا عنه، لصالح أطراف كانت تخوض حربا شرسة ضد تراثنا المسجل في هذا المجال المبارك.
دولة التلاوة نقطة نور تبدد ظلمة أراد البعض أن تسود وتعم وتبقى، وهو رمزية مصرية عظيمة حول القرآن وأهله وعشاقه وهم بالكثرة التي أطلقت نداءاتها مع انطلاق أولى حلقاتها، ولاتزال رغم النقد، دليل نجاح ونبراس هدى وهتاف حق.
أعود إلى الرجل الذي يدير واحدة من أقدم الوزارات وأهمها على الإطلاق لأحادثه في أمر، أظنه على نحو من الأهمية التي تدفعني لمطالبته بالنظر فيها بنفسه بعيدا عن دولة الموظفين، وهو أمر إيجارات أرض الأوقاف الزراعية، وهو ملف شائك وغامض ومثير.
فوجئ المستأجرون لأراضي الأوقاف الزراعية برفع القيمة الإيجارية للفدان من 18 ألف جنيه سنويا إلى 50 ألف جنيه، وهو ارتفاع يفوق منطق الأمور، ويعد قرارا مفاجئا لمن كانوا على أرض الواقع يدفعون أقل من نصف هذا المبلغ، وهو أمر أيضا يحتاج إلى حكمة في التعاطي معه.
أعرف مثل غيري أن هيئة الأوقاف يجب أن تدار بمنطق اقتصادي، لأن أموالها أمانة لا يمكن للوزير أو غيره أن يفرطوا فيها تحت أي مسمى، وكنا نطالب طوال الوقت بإدارتها بمحاسبين واقتصاديين لديهم خبرات تمكنهم من تعظيم دورها ومواردها.
زيادة بهذا الشكل أتصور أنها كانت تحتاج إلى حوار أو تدرج يمكن المستأجرين من قبول زيادات تراعي البعد الاجتماعي، وليس التفريط أو الاستهانة بأموال هي في الأصل أمانة يجب التصرف فيها وفق المصلحة العامة، ومن أبجديات المصلحة العامة النظر إلى أوضاع اقتصادية صعبة للغاية يعاني منها الفلاح في بلاد لم يعد فيها الفلاح موضع اهتمام حقيقي.
أقول للوزير إن دراسة ما يتعرض له الفلاح المصري ومتابعة الخسائر التي يتعرض لها بسبب عدم وجود سياسة زراعية واضحة تفرض علينا دراسة الأمر، ووضع الأمر في إطاره الإنساني، ولتكن هذه الدراسة من أجل وضع خطة للتدرج في رفع أسعار الإيجارات.