فيتو
رئيس التحرير
عصام كامل

بسبب تقلبات الأسعار..

كيف تضمن شركات الشيبسي ربح المزارعين؟ خبير يوضح آلية العقود الموسمية

محصول البطاطس، فيتو
محصول البطاطس، فيتو

في الوقت الذي يتابع فيه المستهلكون تراجع أسعار البطاطس في الأسواق ويتساءلون عن أسباب عدم انعكاس هذا الهبوط على منتجات البطاطس المقلية، تكشف كواليس سوق "البطاطس التعاقدية" جانبًا آخر من الحقيقة، فخلف مشهد انخفاض الأسعار الظاهر، تدور معادلة أكثر تعقيدًا تحكمها العقود الموسمية بين الشركات الكبرى والمزارعين، والتكاليف المتصاعدة لإنتاج البطاطس المخصصة لصناعة الشيبسي.

هذه الفجوة بين توقعات المستهلكين وواقع الصناعة فتحت باب التساؤل حول حقيقة أسعار الشركات، وهل تمتنع عمدًا عن خفض أسعار منتجاتها رغم انخفاض سعر المحصول في السوق الحر، أم أن منظومة الإنتاج والتوريد تفرض حسابات مختلفة؟ 

وفي هذا التقرير، ترصد "فيتو" آليات التعاقد، وأسباب ثبات أسعار توريد البطاطس الصناعية، وتسلط الضوء على التحديات التي تواجهها المصانع والمزارعون، وصولًا إلى الأسباب التي تجعل قرار خفض الأسعار "غير منطقي"، بحسب تأكيد موردي التقاوي والبطاطس الصناعية.

 

أحد موردي البطاطس: الحديث عن تخفيض شركات إنتاج البطاطس المقلية لأسعارها غير منطقي بالمرة

من جانبه قال الدكتور كريم يونس أحد موردي البطاطس وتقاوي البطاطس، لمصانع الشيبسي: إن الحديث عن تخفيض شركات إنتاج البطاطس المقلية لأسعارها؛ نتيجة لتراجع أسعار المحصول في الأسواق خلال الشهور الماضية غير منطقي بالمرة.

وكشف يونس في تصريحات خاصة لـ“فيتو”، أن شركات البطاطس المقلية الكبرى ترتبط بعقود موسمية مع المزارعين، لزراعة أصناف محددة توردها الشركات للمزارعين، وتتعاقد معهم على أسعار استرشادية محددة طوال الموسم، نظرا لمشاركة الشركات في التكلفة الفعلية للزراعة من خلال التقاوى وبعض مستلزمات الإنتاج، وهو ما يجعل سعر التوريد ثابت طوال موسم التوريد من المزارعين للشركات.

وأكد أن عقود المزارعين مع شركات إنتاج البطاطس المقلية حمتهم من الخسائر الكبيرة التي تكبدها مزارعي البطاطس غير المتعاقدين مع تلك الشركات هذا الموسم، حيث تضمن تلك العقود هامش ربح جيد للمزارعين بعد حساب التكلفة الفعلية لعملية الزراعة والتوريد، لافتا إلى أن تلك العقود تتضمن أيضًا الكميات المحددة التي يجب على المزارع توريدها وفي حالة النقص أو الزيادة عن المحدد يتم زيادة أو خصم نسبة من سعر التوريد.

وأشار أيضا إلى أن مصانع البطاطس المقلية تواجه أيضا زيادة في التكلفة على مستوى مستلزمات إنتاج أخرى أساسية في عملية الإنتاج، وهو ما يجعل قرار خفض الأسعار يخضع لحسابات كثيرة.

ولفت إلى أن محصول البطاطس يشهد هزة كبيرة خلال الموسم الحالي بسبب ارتفاع تكلفة الزراعة وزيادة المعروض مقابل الطلب، وهو ما يحتاج إلى تدخل واضح من وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي لتنظيم اقتصاديات محصول البطاطس لضمان إحداث توازن في أسعار المحصول مقارنة الزراعة التي تزيد بشكل سنوي.

 

توفر فرص عمل للآلاف، البطاطس أبرز المحاصيل الاستراتيجية الهامة في مصر

وتعد البطاطس من المحاصيل الاستراتيجية الهامة في مصر، إذ تشكل ركيزة أساسية للأمن الغذائي وتساهم بفاعلية في الاقتصاد الزراعي، وتوفر فرص عمل للآلاف، إلا أن هذا القطاع الحيوي غالبًا ما يشهد تقلبات حادة في الأسعار، تتأثر بعوامل متعددة مثل وفرة الإنتاج، التغيرات المناخية، وتكاليف المستلزمات الزراعية، مما يضع المزارعين في مواجهة تحديات مستمرة، خاصة خلال المواسم التي تشهد فائضًا في المعروض أو ارتفاعًا في تكاليف الإنتاج.

تتفاقم هذه التحديات مع ارتفاع تكاليف مستلزمات الإنتاج من أسمدة وبذور ووقود وعمالة، مما يضغط على هامش ربح المزارعين، ويدفع العديد منهم لتحمل خسائر فادحة في حال عدم وجود عقود مسبقة. 

وفي المقابل، يرى المستهلك انخفاضًا في أسعار البطاطس الخام في الأسواق المحلية، ويتساءل عن سبب عدم انعكاس هذا الانخفاض على أسعار المنتجات النهائية مثل البطاطس المقلية (الشيبسي)، مما يخلق فجوة بين توقعات المستهلكين وواقع السوق.

وفي هذا السياق، تبرز أهمية وجود آليات تنظيمية واضحة تضمن التوازن بين مصالح جميع الأطراف في سلسلة القيمة، من المزارع وحتى المستهلك النهائي. فالأمر لا يقتصر على مجرد تحديد الأسعار، بل يتعداه إلى تطوير استراتيجيات شاملة لدعم الزراعة التعاقدية، وتحسين كفاءة سلاسل الإمداد، وتوفير بيئة مستقرة تشجع على الاستثمار في هذا القطاع الحيوي، وتحمي المزارعين من تقلبات السوق العنيفة، وتضمن استقرارًا نسبيًا للأسعار على مدار العام.