الأنبا يوحنا، الأسقف الذي هز الكاتدرائية وغير التاريخ في صمت
تحيي الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، برئاسة قداسة البابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، تذكار نياحة القديس يوحنا ذهبي الفم، بطريرك القسطنطينية وأحد آباء الكنيسة في القرن الرابع الميلادي، وصاحب أشهر المواعظ والمجامع الكنسية المدافعة عن الإيمان.
قصة القديس يوحنا ذهبي الفم
ولد القديس يوحنا نحو عام 347 بمدينة أنطاكية لأسرة ميسورة؛ أبوه الضابط ساكوندس وأمه التقية أنثوسا، والتي اهتمت بتنشئته على الإيمان والمعرفة. درس الحكمة والبلاغة في أثينا، وتفوق في العلوم والفصاحة حتى لُقِّب لاحقًا بـ"ذهبي الفم".
اختار طريق الرهبنة مبكرًا، وزهّد نفسه عن ميراث أبيه ووزّعه على الفقراء، فانفتحت أمامه أبواب الخدمة الروحية والتعليم. وبرع في تفسير الكتب المقدسة ووضع العظات والميامر، حتى تمت سيامته شماسًا ثم قسًا على يد بطاركة أنطاكية، قبل أن يستدعيه الإمبراطور أركاديوس ليجلس بطريركًا على كرسي القسطنطينية.
اتسعت شهرته كراعٍ لا يساوم، انتقد فساد رجال الدولة بقوة، ووقف أمام انحرافات البلاط، حتى اصطدم بالملكة "أوذكسيا" التي اتهمته بأنه شبّهها بـ"هيروديا" التي طلبت رأس يوحنا المعمدان. وبسبب الوشاية نُفي مرتين قسرًا وسط غضب الشعب ووقوع زلزلة هزت المدينة يوم إبعاده الأول.
وفي منفاه الأخير بمدينة "كومانا"، تدهورت صحته نتيجة قسوة حراسته، ليُسلم روحه في سلام عام 407م، مُتمتمًا بعبارة خُلدت عبر الدهور: "المجد لله في كل شيء".
بعد أعوام، أمر الإمبراطور ثاؤدسيوس الصغير بنقل جسده إلى القسطنطينية تكريمًا له، ووُضع في كنيسة الرسل حيث ما زال يُكرم اسمه وإرثه الكنسي حتى اليوم.