فيتو
رئيس التحرير
عصام كامل

أمين عام بصلاحيات زائدة، حكاية بطرس غالي الذي أزعج واشنطن فأنهت مشواره في الأمم المتحدة

بطرس غالي، فيتو
بطرس غالي، فيتو

في مثل هذا اليوم من عام 1922 ولد بطرس بطرس غالي، الرجل الذي خرج من قلب القاهرة ليصبح أول عربي وإفريقي يصل إلى مقعد الأمين العام للأمم المتحدة، قبل أن يغادره وسط واحدة من أكثر اللحظات صخبًا في تاريخ المؤسسة الدولية حيث لم يكمل ولاية ثانية، لكنه ترك أثرًا لا يزال حاضرًا في أرشيف الدبلوماسية العالمية.

من هو بطرس غالي ؟

ولد بطرس غالي في عائلة قبطية سياسية؛ فهو حفيد رئيس وزراء مصر الراحل بطرس غالي الذي اغتيل عام 1910، لذا نشأ الطفل في بيت يعتبر الحديث عن الدولة والسياسة من تفاصيل الحياة اليومية.

وتلقى تعليمه في مدارس النخبة، ثم درس القانون في جامعة القاهرة قبل أن يسافر إلى باريس ليكمل دراساته العليا في السوربون، في زمن كانت أوروبا فيه تعيد تشكيل خرائط ما بعد الحرب العالمية الثانية وهناك تأثرت رؤيته بالمدارس الدبلوماسية الفرنسية، فبدأ ينظر للعالم كشبكة من المصالح وتقاطع القوى أكثر من كونه مجموعة من الشعارات.

وعاد إلى مصر ليعمل أستاذًا للقانون الدولي، قبل أن يدخل إلى الكادر الدبلوماسي من بوابة وزارة الخارجية. ومع صعود الرئيس أنور السادات، أصبح واحدًا من أبرز مستشاريه السياسيين، وشارك في ترتيبات اتفاقية السلام مع إسرائيل، وهي محطة ستظل لاحقًا أحد أسباب التوتر مع بعض الدول العربية داخل أروقة الأمم المتحدة.

تفاصيل توليه منصب الأمين العام للأمم المتحدة

حين تولى منصب الأمين العام عام 1992، كان العالم خارجا للتو من نهاية الحرب الباردة وبدا المناخ مهيئا لقيادة دولية جديدة، لكن السنوات الأربع التي قضاها في نيويورك حملت ملفات ملتهبة رواندا، البوسنة، الصومال. 
وفي تقارير لاحقة لصحف أوروبية وأمريكية وصف الرجل بأنه الأمين العام الذي حاول توسيع قدرة المنظمة على التدخل، بينما اعتبرت دوائر داخل واشنطن أنه كان أكثر استقلالا مما يجب.

وهذا الاستقلال كان أحد أسباب اعتراض الولايات المتحدة على تجديد ولايته مرة ثانية، وهو ما أدى فعليًا إلى خروجه عام 1996.

وبعد مغادرته منصبه الدولي، لم يتقاعد غالي من العالم. حيث تولى لاحقًا منصب الأمين العام للفرنكوفونية، وسعى إلى تعزيز الدبلوماسية الثقافية، معتبرًا كما كتب في أحد مقالاته أن القوة الناعمة قد تصنع ما تعجز عنه المدافع.

وفي مصر لعب دورًا مهمًا في تأسيس المجلس القومي لحقوق الإنسان، محاولًا صياغة علاقة جديدة بين الدولة ومفهوم الحقوق، بخبرة رجل رأى كيف تدار الصراعات من أعلى هرم النظام الدولي.

رحيل بطرس غالي

رحل بطرس بطرس غالي في 2016، لكن سيرته بقيت نموذجا لرحلة رجل بدأ من مصر، ومر بقاعات الجامعات الأوروبية، ثم جلس على أعلى مقعد دبلوماسي في العالم، ولهذا بقي اسمه حاضرًا، كواحد من الذين تركوا أثرًا لن ينساه التاريخ.