أمين الفتوى: الفراغ الروحي أخطر أزمات العصر
أكد الدكتور عمرو الورداني، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية: “إن ما نشهده في زمننا من تقلّب القيم وتلون المواقف يعكس حالة من الفراغ الروحي العميق”.
وأوضح أن بعض الناس أصبحت تتعامل مع القيم كما تتعامل مع السلع، تباع وتشترى حسب المصلحة والموضة والاتجاه السائد.
وقال خلال حلقة برنامج "مع الناس"، المذاع على قناة الناس، إن الناس اليوم تعرف كثيرا، لكنهم رغم وفرة المعرفة يعيشون إحساسًا متزايدًا بالفراغ الداخلي، موضحًا أن المعرفة وحدها لا تصنع إنسانًا متوازنًا ما لم تتحول إلى معنى حيّ يغذي الروح ويصل الإنسان بالله سبحانه وتعالى.
وأشار إلى أن أخطر أنواع الفراغ الذي يواجهه الإنسان هو الفراغ الروحي، وهو ناتج عن فقدان الاتصال بالمعنى، مؤكدا أن هذا المعنى هو ما عبّر عنه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: “إنما الأعمال بالنيات”، أي أن العمل بلا نية وبلا معنى يفقد قيمته الحقيقية.
وتابع، قائلا: الإنسان المعاصر استبدل التأمل بالاستهلاك، وبدل أن يتفكر في نعم الله، أصبح يكدّس الأشياء دون وعي أو امتنان، مؤكدًا أن عبادة التأمل في النعم هي من أعظم صور الشكر، وأن الشعور بالاكتفاء والرضا لا يتحقق إلا بالعودة إلى هذا التأمل.
وأوضح أمين الفتوى أن القيم كانت في الماضي توجه الإنسان وتضبط سلوكه، أما اليوم فقد أصبحت تُتداول كـ «موضة» أو «تريند»، مما أفقدها ثباتها، وجعل الإنسان يعيش حالة من التشتت وفقدان الهوية، داعيًا إلى إعادة تأسيس الوعي بالقيم كقوانين تحفظ التوازن بين العقل والقلب، وبين الأرض والسماء.
وأكد أن مصدر القيم الحقيقي هو الفطرة التي فطر الله الناس عليها، فهي البذرة النورانية داخل كل إنسان، تعرفه الصواب من الخطأ بالفطرة، لكن الضجيج وكثرة المعلومات والسطحية غطّت هذا النور، فتحوّلت وفرة المعرفة إلى كارثة "ركام"، قائلًا: "ليست المشكلة في أن الناس لا تبصر، ولكن في أن القلوب أصبحت لا تبصر، لأن المعلومات لم تتحول إلى وعي حي موصل بالله".