ذكرى رحيل عمدة التلاوة، سر رفض الشيخ الشعشاعي قراءة القرآن عبر الميكروفون في بداية مسيرته
الشيخ عبد الفتاح الشعشاعى، من أشهر قراء القرآن الكريم بالإذاعة، رفض فى البداية قراءة القرآن بواسطة الميكروفون اعتقادا بحرمته حتى صدرت فتوى تجيز ذلك، فبدأ تسجيل تلاواته للإذاعة المصرية عند بداية افتتاحها، وحقق شهرة واسعة بين عمالقة التلاوة فى ذلك الوقت منهم الشيخ رفعت، أحيا مأتم زعيم الأمة سعد زغلول وهو فى بدايته، رحل فى مثل هذا اليوم 11 نوفمبر عام 1962 عن 72 عاما.
ولد الشيخ عبد الفتاح محمود الشعشاعي الشهير بـ عبد الفتاح الشعشاعى في قرية شعشاع بالمنوفية عام 1890 م، ووالده هو الشيخ محمود إبراهيم الشعشاعي، وقد سميت القرية باسم جده شعشاع، حفظ القرآن الكريم على يد والده الشيخ محمود الشعشاعي في سن 10 سنوات، وأتم حفظه عام 1900.
البداية مع مولد الحسين
ترجع بداية شهرة الشيخ عبد الفتاح الشعشاعي وذيوع صيته الحقيقي إلى الليلة الختامية لمولد الحسين بن علي ــ رضي الله عنه ــ عندما قرأ فيها القرآن الكريم مع أعظم المقرئين في بداية القرن العشرين وأكثرهم شهرة، مثل الشيخ محمد رفعت والشيخ أحمد ندا والشيخ علي محمود والشيخ العيسوي والشيخ محمد جاد الله، ومنذ تلك الليلة انطلق صوته إلى العالم الإسلامي، وأصبح له مكان في القمة وأصبح له مريدون وتلاميذ ومنهم الشيخ محمود علي البنا والشيخ أبو العينين شعيشع وغيرهما.
فرقة للانشاد الدينى
كون الشعشاعي فرقة للتواشيح الدينية وكان في بطانته الشيخ زكريا أحمد والذي ذاع صيته فيما بعد، وسرعان ما بدأ الشيخ عبد الفتاح الشعشاعي يتألق ويلمع وأصبح له عشاق بالألوف ولكن فرقة التواشيح لم تكن ترضي طموح الشيخ الشعشاعي فغامر وألقى بنفسه في البحر الذي يتصارع فيه العمالقة في التلاوة، فقرأ في مأتم سعد زغلول باشا، وعدلى يكن باشا، وثروت باشا، فأصبح الشعشاعي الذي نعرفه الآن، ومنذ عام 1930 تفرغ الشيخ الشعشاعي لتلاوة القرآن الكريم وترك التواشيح إلى غير رجعة، إلا أنه تولى رعاية أفراد فرقته وتخصيص رواتب شهرية لهم حتى وفاتهم.

امتاز الشيخ الشعشاعي بالصوت الندي، والتجويد والترتيل الذي يأخذك إلى عالم من الخشوع والتدبر في آيات الله وملكوته، حتى إن البعض وصفه بأنه عمدة فن التلاوة في عصر الرعيل الأول للقراء في مصر والعالم العربي، فقد كان له طريقته الخاصة فى الأداء التى كانت متميزة عن باقي القراء، ومع هذا فقد كان يستمع إلى أصوات الشيخ محمد رفعت، وعلي محمود، وكان يصفهما بأنهما أساتذة وعمالقة لا يتكررون ويَعتبر أنهما أصحاب مدارس خاصة في قراءة القرآن.. وقد وصف قراءة الشيخ محمد رفعت (بأنها مدرسة انتهت بوفاة الشيخ رفعت ولن تتكرر).
ثاني قارئ بالإذاعة
التحق الشيخ عبد الفتاح الشعشاعي بـ الإذاعة المصرية عند افتتاحها، فكان ثاني قارئ يقرأ بها فِي عام 1934 م، بعد الشيخ محمد رفعت، وعلى الرغم من أنه قد رفض الالتحاق بالإذاعة فِي بادئ الأمر إلا أنه تراجع عن ذلك القرار بعد فتوى شيخ الأزهر الظواهري وقبول الشيخ رفعت لعرض الإذاعة، وكان يتقاضى راتبا سنويا قدره 500 جنيه مصري.
عين الشيخ عبد الفتاح الشعشاعى قارئا للسورة فى مسجدى السيدة نفيسة والسيدة زينب رضى الله عنهما، وكانت له صداقات فى الوسط الفنى مثل أم كلثوم ومحمد عبد الوهاب
حج الشيخ عبد الفتاح الشعشاعى بيت الله الحرام، وقرأ القرآن فيه على مسامع عشرات الآلاف من الحجاج، ويعتبر الشيخ الشعشاعي أول من تلا القرآن الكريم بمكبرات الصوت في مكة والمسجد النبوي ووقفة عرفات من عام 1948 وسافر كذلك إلى العراق عام 1954 وكان شيخهم المفضل.

حصل الشيخ عبد الفتاح الشعشاعي على العديد من الأوسمة من وزارة الأوقاف، وفي عام 1990 منح الرئيس الأسبق حسني مبارك اسم الشيخ الشعشاعي وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى تقديرا لدوره في مجال تلاوة القرآن.
نصف قرن فى خدمة القرآن
رحل القارئ الشيخ عبد الفتاح الشعشاعي في مثل هذا اليوم عام 1962 بعد مشوار طويل امتد نصف قرن في خدمة القرآن الكريم، وكانت حياته حافلة بالعطاء، وخلف وراءه تراثا سيظل خالدا خلود القرآن، ومكتبة صوتية للقرآن الكريم تضم أكثر من 400 تسجيل موجودة بالإذاعة المصرية،
إهداء الإذاعة مجموعة من التلاوات
ومؤخرا استقبل أحمد المسلمانى رئيس الهيئة الوطنية للإعلام أسرة القارئ الراحل عبد الفتاح الشعشاعى، حيث أشادت بالتطوير الذى شهدته إذاعة القران الكريم، وقامت بإهداء الإذاعة مجموعة التلاوات النادرة التي لم تذع من قبل، وأكدوا لديهم نحو ٣٠٠ تلاوة لم تسبق إذاعتها، سوف تهديها العائلة تباعا للهيئة الوطنية للإعلام.