سعد الدين وهبة، قديس المسرح الذي تعلم الإسقاطات السياسية في أعماله من على قهوة "الشاويش"
سعد الدين وهبة، فنان وكاتب مبدع، متنوع العطاء كتب للمسرح والسينما، وأثبت أن المسرح والسينما جناحان متكاملان للفن المصري، فازت أربعة من أعماله بقائمة أفضل مائة فيلم في السينما المصرية، رحل فى مثل هذا اليوم عام 1997.
أدار وزارة الثقافة سنوات طويلة كوكيل أول للوزارة، وظهرت ميوله الأدبية وهو طالب بكلية البوليس، بالرغم من عمله الحكومى إلا أنه كانت له آراء ضد التطبيع وسياسة الانفتاح وكلما اقتربت منه الوزارة أبعد عنها بسبب تلك الآراء.
البداية مع منبر الشرق
ولد الكاتب سعد الدين وهبة عام 1925 بقرية ديرة مركز طلخا الدقهلية، وعندما عمل والده بالإسكندرية حصل على التوجيهية من مدرسة الرمل الثانوية، عشق القراءة وهو صغير جدا، وبدأ الكتابة فى الصحافة فى جريدة "منبر الشرق"، كما أصدر مجلة ثقافية مدرسية.

عن حبه للقراءة والاطلاع يقول الكاتب سعد الدين وهبة: لا أدرى متى بدأ تعلقي بالصحافة والكتابة، ولماذا ملكت كل تفكيري وأصبحت محور حياتى وأنا ما زلت تلميذا بالمدرسة الابتدائية؟ بدأت بقراءة المجلات التى كان يحضرها والدى إلى بيتنا أفهم البعض ولا أفهم الآخر، يبدو أنى من هنا عشقت الصحافة والجرائد والمجلات وأذكر عندما ذهبت وحدي إلى دمنهور عندما الحقنى والدي بالمدرسة الابتدائية أنى جلست على قهوة "الشاويش" مقلدا أبى واشتريت نسخة من جريدة "الجهاد" بخمسة مليمات لأقرأها وأنا أتناول الشاي في المقهى وأنا أحاول أن أخفي ساقي وركبتى العاريتين إذ كنت ما زلت ارتدي بنطلونا قصيرا، وأصبحت متعة حياتي عندما أكون في بيتنا في إجازة الصيف أن أغرق في قراءة المجلات قديمة ومنها عرفت أشياء كثيرة عما كان يدور في المجتمع المصرى قبل أن أولد.

التحق سعد الدين وهبة بكلية الشرطة بناء على رغبة والده، واستمر نضاله الوطني بالكلية، حيث قاد طلبة البوليس لاحتلال نادي الضباط بالأزبكية، تمهيدًا لإعلان إضراب وقبض عليه وتم إيداعه بالحبس الانفرادي، وتخرج فيها عام 1949 وعين بمركز منوف ثم انتقل إلى الإسكندرية ضابطا ببلوكات النظام عام 1954 وإلى إدارة المرور، وفى نفس الوقت درس الفلسفة بكلية الآداب جامعة الإسكندرية.
بدأ سعد الدين وهبة كاتبا للقصة القصيرة فى مجلات البوليس، كما كتب فى مجلات الاثنين والكواكب والإذاعة والأسبوع التي كان يصدرها جلال الدين الحمامصى، كما أصدر مجلة الشهر الأدبية وكان من كتابها عباس محمود العقاد ورجاء النقاش ورشاد رشدي وفى عام 1956 أصدر أول مجموعة قصصية بعنوان " أرزاق".
أرزاق اول مجموعة قصصية
تفرغ سعد الدين وهبة للكتابة الأدبية فاستقال من البوليس، وتم تعيينه مديرا لتحرير جريدة الجمهورية، ونتيجة لخلاف مع صلاح سالم رئيس مجلس الإدارة نقل إلى مجلة الإذاعة ليكتب أولى مسرحياته "المحروسة" لينتقل إلى العمل في وزارة الثقافة رئيسا لمؤسسة السينما عام 1964، ثم رئيسا لمجلس إدارة دار الكتب العربي للطباعة والنشر، ورئيس مجلس إدارة هيئة الفنون، ووكيل وزارة الثقافة للعلاقات الخارجية، ووكيل أول وزارة الثقافة الجماهيرية، وسكرتير المجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب، ووكيل أول وزارة الثقافة، ونائبا للوزير من عام 1975 وحتى عام 1980، نقيب السينمائيين ورئيس اتحاد النقابات الفنية، ثم رئيسا لاتحاد كتاب مصر عام 1997،
انتخب الكاتب سعد الدين وهبة عضوا بمجلس الشعب في الفترة من 1984 وحتى 1987، اختير رئيسا لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي عام 1985، ورئيسا لمهرجان القاهرة لسينما الأطفال 1990، ورئيسا للاتحاد العام للفنانين العرب، وأخيرا كاتبا بجريدة الأهرام.
أحذية الدكتور طه حسين
ولأن سعد الدين وهبة كاتبا مسرحيا بالدرجة الأولى فجميع مسرحياته تحمل إسقاطات سياسية، فقدم 17 مسرحية قدمت جميعها على خشبة المسرح القومى منها: سكة السلامة، السبنسة، كفر البطيخ، المحروسة، بير السلم، المسامير، كوبرى الناموس، الأستاذ، يا سلام سلم الحيطة بتتكلم، سبع سواقى، أحذية الدكتور طه حسين وتدور حول التحولات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية للانفتاح، سد الحنك، اسطبل عنتر وتدور حول نزلاء مستشفى الأمراض العقلية، وغيرها وكان آخرها مسرحية " الوزير شال الثلاجة ".
الحرام أشهر سيناريوهات سعد وهبة
كتب سعد الدين وهبة للسينما مجموعة من السيناريوهات التى حققت أفلاما ناجحة احتلت مكانة متميزة في تاريخ السينما المصرية والعربية، فاز أربعة منها فى استفتاء أفضل مائة فيلم فى السينما المصرية ومنها سيناريوهات أفلام: زقاق المدق، الحرام، عروس النيل، أدهم الشرقاوى، أرض النفاق، مراتى مدير عام، أبى فوق الشجرة، أريد حلا، شباب في العاصفة، آه يابلد آه.

حصل على جائزة الدولة التقديرية عام 1988، ووسام الجمهورية من الطبقة الأولى عام 1965، وسام سيمون بوليفار، وسام العلوم والفنون ووسام الفنون للآداب الفرنسى بدرجة قائد وهو أعلى وسام فرنسى يمنح لغير الفرنسيين.

تزوج سعد الدين وهبة مرتين الأولى هى أم بناته، تزوج بعدها من الفنانة سميحة أيوب التى تعرف عليها أثناء تمثيلها مسرحيته “السبنسة” التى قدمت على المسرح القومى فى الستينيات، واستمر زواجهما حتى رحل فى مثل هذا اليوم 11 نوفمبر 1997.