فيتو
رئيس التحرير
عصام كامل

ممتاز نصار، معاركه البرلمانية أنقذت آثار مصر وألغت مخصصات لـ ناصر والسادات وهذه قصة تسببه في حل المجلس

المستشار ممتاز نصار،
المستشار ممتاز نصار، فيتو

المستشار ممتاز نصار قطب من أقطاب المعارضة المصرية، مثال الموضوعية والصدق والصراحة فى البرلمان، هو صاحب خلق سياسى رفيع يحترم آراء خصومه. جلس على كرسى البرلمان مستقلا معارضا جريئا، ترك وراءه بصمات فى البرلمان لا يمكن نسيانها، رحل عام 1987.

ففى مثل هذا اليوم 9 نوفمبر 1912 ولد المستشار ممتاز نصار محامى مصر المدافع عن القضايا القومية، هو ابن البدارى محافظة أسيوط، تخرج من كلية الحقوق جامعة فؤاد الأول ــ القاهرة حاليا ــ، وكان من الأوائل الذين رشحوا للنيابة إلا أنه آثر العمل بالمحاماة فعمل بمكتب مكرم باشا عبيد سكرتير حزب الوفد ست سنوات عين بعدها وكيلا للنائب العام عام 1942 وتدرج فى القضاء حتى اختير مستشارا بمحكمة الاستئناف ثم مستشارا بمحكمة النقض.

رئيسا لنادى القضاة 


رشح “نصار” لعضوية مجلس إدارة نادي القضاة، وانتخب بالفعل عضوًا بمجلس إدارة النادي عام 1947، ثم سكرتيرًا للنادي في نفس العام، واستمر حتى عام 1962؛ حيث تم انتخابه رئيسا لنادي القضاة حتى عام مذبحة القضاة 1969، عندما تعالت الأصوات وقتها بضرورة انضمام القضاة إلى الاتحاد الاشتراكي حتى يكون تحت مظلة الدولة، وتم استدعاء ممتاز نصار، لمقابلة وزير العدل وقتها المستشار عصام حسونة، الذي طلب من رسيما الانضمام إلى الاتحاد الاشتراكي، وعرض عليه موقع أمانة القضاء بالحزب وقتها، إلا أن نصار رفض بشدة على اعتبار أن القضاة يجب أن يكون مستقلا، لأنه ملك للشعب.

معارضة كامب ديفيد 


عمل ممتاز نصار بالمحاماة ورشح نفسه مستقلا فى انتخابات مجلس الشعب لأول مرة فى حياته، وفاز فى أول معركة انتخابية عن دائرة البدارى عام 1976، ثم أعاد ترشيح نفسه ثانيا إلى أن حل المجلس عام 1979 قبل أن يكمل مدته الدستورية، بسبب معارضة 13 نائبا في مقدمتهم ممتاز نصار لاتفاقية كامب ديفيد، لكن رجال دائرة البداري بمحافظة أسيوط، وقفوا بالسلاح مع ابن دائرتهم ممتاز نصار وقاموا بحراسة صناديق الانتخابات بأجسادهم وبالسلاح ومنعوا تزويرها ورافقوها حتى إتمام عملية الفرز، ليبقى "نصار" الفائز الوحيد بعضوية مجلس الشعب من المجموعة التي رفضت اتفاقية كامب ديفيد آنذاك.

العصر الذهبي للمعارضة 

وكان عصر ممتاز نصار فى البرلمان هو العصر الذهبى للمعارضة البرلمانية مع كمال الدين حسين ومحمود القاضى ومصطفى كامل مراد وعلوى حافظ وعادل عيد وحلمي مراد وغيرهم واختص جريدة حزب الأحرار بكتابة مقالاته المعارضة سنوات طويلة من 1977 حتى رحل عام 1987.


وحين أعاد فؤاد سراج الدين إعادة تأسيس حزب الوفد، انضم المستشار ممتاز نصار إلى حزب الوفد الجديد عام 1984 لقربه إلى فكره الليبرالى إضافة إلى أن الحزب هو الوحيد الذى لم يصدر بقرار جمهورى.

ممتاز نصار فى البرلمان 
ممتاز نصار فى البرلمان 

كان للمستشار ممتاز نصار مواقف برلمانية شجاعة وجريئة وجميعها من أجل الصالح العام، بما تضمنته من استجوابات وطلبات إحاطة. من أشهر مواقفه البرلمانية التصدي لمشروع بيع هضبة الهرم وظل يناضل فى البرلمان حتى انتزع حكما بمنع بيع أراضي مصر الغالية فى هضبة الهرم حتى إن هيئة اليونسكو أرسلت خطاب تقديرا له لكونه وراء إلغاء المشروع، ومن خلفه الدكتورة نعمات أحمد فؤاد أول من كتب عن هذا المشروع على صفحات جريدة الأهرام، ووصفته بأنه منقذ آثار مصر من الضياع فهو الذى قدم الاستجواب فى المجلس وجعل السادات يلغى المشروع.

محاربة قانون العيب 


كذلك قاوم المستشار ممتاز نصار قانون العيب الذى أصدره السادات باسم حماية القيم من العيب الذى وصفه رجال القانون بالقانون السيئ السمعة على اعتبار أنه يمس مبدأ فى الدستور وهو مبدأ الفصل بين السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية ونادى بأن الحرية الشخصية حق طبيعى وهى مصونة لا يجب مسها.


 لم يدع النائب المحترم ممتاز نصار قضية كبيرة كانت أم صغيرة إلا وأدلى بدلوه فيها طالما أنها تقع ضمن مسئولية وواجبات النائب في مجلس الشعب، وقد وصل بجديته في أداء واجبات النيابية إلى حد مساءلته للوزراء عن تصرفاتهم استنادا إلى حقه الدستوري في ذلك وهو الحق الذي لا يقف عند مساءلة الوزير عن قراراته فقط ولم يفكر ممتاز نصار لحظة في اسم أو موقع الوزير أو ثقله في ظل مناخ سياسي معين، فجاء استجواب نصار للمهندس عثمان أحمد عثمان الذى كان يشغل منصب نائب رئيس مجلس الوزراء وذلك بشأن كتابه الشهير “صفحات من تجربتي” الذى أثار ضجة كبيرة ــ فى ذلك الوقت ــ بسبب المعلومات التى أثبت النائب أحمد فرغلى كذبها.

إلغاء مخصصات السادات وعبد الناصر 

كما تقدم المستشار ممتاز نصار مع مجموعة من النواب اقتراحا بمشروع يقضي بإلغاء مخصصات أسرتي الرئيسين السابقين جمال عبد الناصر وأنور السادات في كل من القاهرة والإسكندرية، حيث إنه قد أصبحت كل من الأسرتين في حالة اقتصادية طيبة بما تزول معه أسباب ومبررات هذه المخصصات، وهو ما يمكن أن يوفر للدولة ملايين الجنيهات إذا ما تم استغلال هذه المساحات الشاسعة لصالح الاقتصاد القومي.

شارع المستشار ممتاز نصار 

وبعد وفاة المستشار ممتاز نصار ابن البدارى أسيوط بـ31 عاما، جاء اللواء جمال نور الدين محافظ أسيوط ليطلق اسمه على ميدان نادي القضاة ليصبح ميدان المستشار ممتاز نصار والذي لقي ترحيبا من قبل أعضاء نادي القضاة بأسيوط.