فيتو
رئيس التحرير
عصام كامل

عباقرة ولكن مجهولون، "ميسرة العبسي" قائد أول جيش يدخل بلاد الروم

مسجد ومقام ميسرة
مسجد ومقام ميسرة بن مسروق العبسي بالأردن، فيتو

على مر التاريخ الإسلامي لمعت أسماء عباقرة في مختلف المجالات مثل: ابن الخطاب، والصديق، وعلي بن أبي طالب، وعمر بن عبد العزيز، والبخاري، والشافعي، وابن حنبل، ابن سينا.. ابن رشد.. الكندي.. الفارابي.. الخوارزمي.. الطبري.. أبو حامد الغزالي.. البوصيري.. حتى محمد عبده.. المراغي.. المنفلوطي.. رفاعة الطهطاوي.. طه حسين.. العقاد.. أحمد شوقي.. عبد الحليم محمود.. محمد رفعت.. النقشبندي.. الحصري.. عبد الباسط.. وغيرهم، في العصر الحديث.
لكن هناك أسماء مهمة كان لها بصماتها القوية على العلم والحضارة، ولا يكاد يعرفها أحد.
في هذه الحلقات نتناول سير بعض هؤلاء العباقرة المجهولين.

 


ميسرة بن مسروق العبسي، قائد أول جيش يدخل بلاد الروم

هو ميسرة بن مسروق العبسيّ، من بني هدم بن عوذ بن قطيعة بن عبس العبسيّ.
وعن تفاصيل قصة إسلامه: "جَاءَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِنًى، فَوَقَفَ عَلَيْنَا يَدْعُونَا إِلَى الْإِسْلَامِ فَلَمْ يَسْتَجِبْ لَهُ مِنَّا أَحَدٌ، فَقَالَ مَيْسَرَةُ بْنُ مَسْرُوقٍ: مَا أَحْسَنَ كَلَامَكَ وَأَنْوَرَهُ، وَلَكِنَّ قَوْمِي يُخَالِفُونِي، وَإِنَّمَا الرَّجُلُ بِقَوْمِهِ، فَلَمَّا حَجَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَجَّةَ الْوَدَاعِ لَقِيَهُ مَيْسَرَةُ بْنُ مَسْرُوقٍ، فَعَرَفَهُ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا زِلْتُ حَرِيصًا عَلَى اتِّبَاعِكَ مُنْذُ أَنَخْتَ بِنَا، حَتَّى كَانَ مَا كَانَ، وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا مَا تَرَى مِنْ تَأَخُّرِ إِسْلَامِي، فَأَسْلَمَ فَحَسُنَ إِسْلَامُهُ، وَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي تَنَقَّذَنِي مِنَ النَّارِ. وَكَانَ لَهُ عِنْدَ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ مَكَانٌ".


وكان قائدا، من شجعان الصحابة. وأحد وفد من تسعة رجال من قبيلة بني عبس، الذين وفدوا على سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وآله وسلم، في المدينة المنورة، بعد فتح مكة، في السنة العاشرة للهجرة.


وقد أسلموا ودعا لهم النبي، فقال لهم النبي، صلى الله عليه وسلم: "أنا عاشركم"، فدخل طلحة بن عبيد الله، وعقد لهم لواءً، وأعطاه النبي لهم، وجعل شعارهم "يا عشرة".

في حجة الوداع

شهد ميسرة حجة الوداع، وقال للنّبيّ، صلى اللَّه عليه وآله وسلم: "الحمد للَّه الّذي استنقذني به من النّار".

في الفتوحات

ولما كانت الردة، ثبت مع قومه، وقدم بصدقتهم على أبي بكر، فأوصى بهم خالد بن الوليد، فشهدوا معه اليمامة وفتوح الشام وأراد ميسرة أن يبارز روميا في وقعة اليرموك، فقال له خالد: إن هذا شابٌّ وأنت شيخ كبير، وما أحب أن تخرج إليه، فتوقف. 
وتولى  سنة 20 هـ، قيادة جيش عدده نحو أربعة آلاف، زحف بهم من الشام إلى أرض الروم، فظفر وغنم. وهو أول جيش دخل بلاد الروم.


وذكر الواقدي في كتاب "الردة"، من طريق أسلم مولى عمر، قال: حدّثني ميسرة بن مسروق، قال: قدمتُ بصدقة قومي طائعين، وما جاءنا أحد حتى دخلت بها على أبي بكر، فجزاني وقومي خيرا، وعقد لنا، وأوصى بنا خالد بن الوليد، فكان إذا زحف الزحوف أخذ اللّواء، فقاتل به، وشهدنا معه اليمامة، وفتح الشام.


أما أبو إسماعيل الأزديّ فقال في "فتوح الشام": كان لميسرة بن مسروق صحبة وصلاح. قال: ولما مات قيس عقد النبيّ صلى اللَّه عليه وآله وسلم لميسرة بن مسروق.


وقال أيضا: حمل ميسرة ونحن معه يومئذ في الخيل في وقعة فحل، فضرعت فرسه، فقتل يومئذ جماعة، وأحاطوا بنا إلى أن جاء أصحابنا فانقشعوا عنا. 


ثم شهد فتح حمص واليرموك، فأراد أن يبارز روميّا، فقال له خالد بن الوليد: إنّ هذا شابٌّ، وأنت شيخٌ كبير، وما أحبّ أن تخرج إليه، فقف في كتيبته، فإنه حسن البلاء، عظيم الغناء، فتراجع ميسرة. 
وقال "ابن الأعرابيّ" في نوادره: حدّثت عن الواقدي أنّ ميسرة بن مسروق أول من أطلع درب الروم من المسلمين.

وفاته

تُوفي سنة 24 هـ / 644م.

ويقع مسجد ومقام الصحابي ميسرة بن مسروق العبسي، في قرية ميسرة التي تبعد حوالي (۱۰) كم عن مدينة السلط (شمالي الأردن) في منطقة العارضة، وهو عبارة عن ضريح بني من حجارة مصفوفة فوق بعضها البعض.