الجنيه الفلسطيني، عملة حملت اسم الوطن قبل أن يولد
لم يكن الجنيه الفلسطيني مجرد ورقة نقدية تتداول في الأسواق، بل كان إعلانًا رمزيًا عن كيان وذاكرة وهوية، ففي مثل هذه الأيام من عام 1927، أصدر مجلس النقد الفلسطيني أول عملة وطنية تحمل اسم فلسطين، في خطوة جاءت بإشراف سلطات الانتداب البريطاني، لكنها سرعان ما تجاوزت حدود الاقتصاد لتصبح أحد رموز الوجود الفلسطيني نفسه.
تفاصيل اصدار الجنيه الفسطيني
كان الجنيه الفلسطيني مرتبطًا بالجنيه الإسترليني، فحمل قيمته الاسمية واستخدم في فلسطين والأردن حتى عام 1950 وكانت فئاته المعدنية والورقية تحمل نقشًا مزدوج اللغة العربية والإنجليزية، ومعها العبرية أيضًا، في دلالة على واقع التعدد الذي كانت تعيشه الأرض المقدسة تحت الانتداب.
لكن انتهاء الانتداب وقيام دولة الاحتلال الإسرائيلي عام 1948 غيّرا كل شيء. فمع النكبة، تراجع الجنيه الفلسطيني تدريجيًا من التداول، لتستبدله إسرائيل بـ الليرة الإسرائيلية الجديدة، بينما اعتمدت الأردن الدينار رسميًا عام 1950.
ومع ذلك ظل الجنيه الفلسطيني حاضرًا في الذاكرة، يباع اليوم في المزادات كهواية نادرة، ويحمله الفلسطينيون في وجدانهم كرمزٍ لوطن لم يكتمل بعد.
تاريخ فلسطين مع العملات الوطنية
الجنيه الفلسطيني لم يكن أول عملة تتداول على أرض فلسطين، لكنه كان العملة الوطنية الأولى التي حملت اسمها بوضوح ورغم أن عمره النقدي لم يتجاوز عقدين، فإن أثره الرمزي تجاوز الزمن، ليبقى شاهدًا على لحظة تاريخية نادرة حين كان لفلسطين بنك مركزي، وعملة، وحدود اقتصادية تدار باسمها.
في هذه الذكرى لا يستعاد الجنيه كقطعة نقدية من الماضي فقط، بل كعلامة على ما كان ممكنًا أن يكون، وكأن فلسطين ما زالت تنتظر عودتها إلى الجغرافيا والواقع كما عادت في الذاكرة.