فيتو
رئيس التحرير
عصام كامل

مصر اليوم في عيد!

وقف الخلق ينظرون جميعًا كيف أبنى قواعد المجد وحدي، كلمات تحمل معاني تعبر عن شموخ وعظمة مصر، هى للشاعر العظيم حافظ إبراهيم الملقب بشاعر النيل فى أحد أبيات قصيدته الخالدة: مصر تتحدث عن نفسها، التى غنتها كوكب الشرق السيدة أم كلثوم.. 

المعانى الراقية الأصيلة لتلك القصيدة المعبرة عن شموخ مصر العظيمة تتجسد غدًا عندما تنتفض كل شعوب العالم بشغف كبير لتشاهد مجدًا حضاريًا، ترسخ مبادئه على أرض مصر الطاهرة، حين يتم افتتاح المتحف المصرى الكبير ليكتب الوطن سطرًا جديدًا فى سجلات تاريخ حضارته العريقة.. 

تلك الحضارة التى ظلت على طول الزمان نبراسًا يضيء عتمة الجهل والتخلف فهذا الاحتفال سيكون رسالة تنوير للبشرية تعبر عن هذا التراث الحضاري الخالد الذي يمتزج فيه عبق الماضي مع آفاق المستقبل.

وطن ظل عبر كل العصور عناية الله جنده، وشعب أصيل حباه المولى عز وجل بقيادة كل الشعوب منذ فجر التاريخ بالتقدم والازدهار، والآن يواصل هذا الشعب بكل فخر تقديم المزيد من أوجه المعرفة وكشف الأسرار عن تاريخ عريق وعميق يضرب بجذوره إلى آلاف السنين.

المتحف المصرى الكبير يضم كنوزًا لا تقدر بثمن، سيتم عرضها بشكل يتناسب مع كل التطورات الحديثة، فهو يقفز بنا عبر رؤية للتحول إلى متحف ذكى عالمى ويعيد تعريف مفهوم المتحف في العصر الرقمي.. 

منذ أن بدأت فكرة المشروع العملاق كان الهدف أبعد عن مجرد بناء صرح ضخم يضم الآثار المصرية، بل السعى إلى خلق تجربة رقمية عالمية تجعل المتحف متاحًا لكل إنسان على وجه الأرض بكل سهولة عبر الإنترنت.

غدًا، نحن ومعنا العالم كله وجميع العاشقون للحضارة الفرعونية الخلابة نترقب إفتتاح المتحف المصرى الكبير، الذي يعد منصة ثقافية متكاملة تجمع بين التكنولوجيا والتعليم والتفاعل الإنساني.

ما سنشاهده غدًا خلال هذا الافتتاح الذي سيكون أسطوريًا يعكس روح مصر الجديدة، وعراقة تاريخها الممتد عبر آلاف السنين، فهو ليس مجرد حفل بقدر ما هو حدث تاريخى يعد من أبرز الأحداث في القرن الحادي والعشرين.. 

فهو يجسد تراث مصر ونهضتها السياحية، ولذلك كانت مصر حريصة على أن يتم تصميمه بالشكل الذى يتواكب مع أحدث المعايير التكنولوجية، ويهدف ليكون مركزًا عالميًا للأبحاث والترميم بما يجعله قوة دافعة للسياحة الثقافية، والتواصل الدبلوماسى مع مصر.. 

معززًا مكانتها كعاصمة تاريخية للتراث العالمي، تلك العاصمة التي كانت ولا تزال شاهدة على صنع الحضارات وعبق التاريخ.

فكرة إنشاء المتحف المصرى الكبير بدأت في تسعينيات القرن الماضي وكان صاحبها الفنان فاروق حسني وزير الثقافة الأسبق، وفي عام 2002  تم وضع حجر الأساس لمشروع المتحف، ليُشيد في موقع متميز في قلب ميدان الرماية، الذي يطل على أهرامات الجيزة الخالدة.. 

وتم البدء في بناء مشروع المتحف في مايو 2005 حيث تم تمهيد الموقع وتجهيزه، وفى عام 2006 أنشئ أكبر مركز لترميم الآثار بالشرق الأوسط، والذى تم تخصيصه لترميم وحفظ وصيانة وتأهيل القطع الأثرية المقرر عرضها بقاعات المتحف، ومع انتهاء البناء أصبح المتحف صرحًا شامخًا على أرض الوطن ليكون أكبر متحف بالعالم متخصص في حضارة واحدة هي حضارة مصر القديمة، ويمتد على مساحة 500 ألف متر مربع.

يضم المتحف المصري الكبير أكثر من 100 ألف قطعة أثرية تحكي تاريخ مصر عبر كل العصور، بالإضافة إلى الدرج العظيم الذي يمتد على مساحة ستة آلاف متر يعادل ستة طوابق.. ومن أبرز القطع الأثرية التي سيتم عرضها غدًا مركبا الملك خوفو أو ما يطلق عليهما مراكب الشمس والتي أبحرت إحداها إلى جوار الهرم الأكبر فى رحلة عجيبة تم التجهيز لها ودراسة مخاطرها والتغلب عليها وإستخدام عربة مخصصة لنقل تلك التحفة الفنية الرائعة كمجموعة واحدة.

ولا شك أن المتحف المصري الكبير سوف يلعب دورًا رئيسيًا فى زيادة العائد من السياحة، حيث من المتوقع أن يحقق المتحف إيرادات سياحية تفوق المستويات الحالية، لما للآثار المصرية القديمة جمهور من العشاق في شتى بقاع الأرض، كلهم شغف لرؤيتها وللتعرف على أسرارها.. 

ومنذ الافتتاح التجريبي للمتحف له قبل عامين تمكن المتحف أن يدر دخلا للدولة يقدر بنحو 150 مليون دولار، حيث زاره أكثر من 800 ألف زائر، ومن المؤكد أن تتضاعف هذه الأرقام عقب ذلك الافتتاح الأسطورى المقرر له غدًا السبت، ذلك اليوم الذى سيكون عيدًا سعيدًا على الأمة المصرية العظيمة.