فيتو
رئيس التحرير
عصام كامل

هل تعيد الطروحات الحكومية المستثمرين العرب والأجانب إلى السوق المصرية؟.. مدبولي يكشف أسباب إبطاء وتيرة تنفيذ برنامج الطرح الحكومي.. وتمكين القطاع الخاص أبرز الأهداف

برنامج الطروحات الحكومية
برنامج الطروحات الحكومية

قال الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء إن الظروف الاستثنائية التي شهدتها المنطقة خلال الفترة الماضية تسببت في إبطاء وتيرة تنفيذ برنامج الطروحات الحكومية، مؤكدًا أن الحكومة ملتزمة بالمضي قدمًا في تنفيذ البرنامج بما يحقق أهدافه الاقتصادية والاستثمارية.

توافق إيجابي مع صندوق النقد الدولي

وأوضح مدبولي، خلال مؤتمر صحفي عقد بمقر مجلس الوزراء، أن هناك توافقًا إيجابيًّا مع صندوق النقد الدولي بشأن برنامج التعاون القائم، مشيرًا إلى أنه سيتم خلال أيام قليلة الإعلان عن موعد قدوم بعثة الصندوق إلى القاهرة لإجراء المراجعة الدورية.

ويأتي ذلك في سياق ما أعلنه رئيس الوزراء مؤخرًا حول استمرار الحكومة في نهجها الإصلاحي لتحقيق المزيد من الإيجابيات والإنجازات في مختلف القطاعات، فضلًا عن تأكيده على التزام الدولة بالحياد التام في الانتخابات البرلمانية المقبلة، وتوجيهه بعدم السماح بأي زيادات غير مبررة في الأسعار عقب تحريك أسعار المحروقات، مع إحكام الرقابة على الأسواق وضمان استقرار الأسعار. 

الطروحات الحكومية وتمكين القطاع الخاص

وفي هذا السياق قال الدكتور وليد جاب الله في تصريحات خاصة لـ "فيتو": إن الدولة المصرية جادة في برنامج الطروحات كأحد محاور تمكين القطاع الخاص، وقد وضعت إطارًا عامًا يُعتبر بمثابة دستور لهذا المسار من خلال وثيقة سياسات ملكية الدولة، وهي ملتزمة ببرنامجها.

وأضاف أن القضية الحالية هي أنه خلال الفترة الأخيرة، ومع بداية تداعيات جائحة كورونا وما نتج عنها من تأثيرات على الاقتصاد العالمي، انخفض حجم الاستثمار الأجنبي المباشر. وبالتالي، فإن برنامج الطروحات يواجه صعوبات لا تتعلق بالحكومة، بل بمن سيقوم بالشراء.

وأشار إلى أن برنامج الطروحات واجه سابقًا مشكلة تتمثل في وجود سعرين للصرف، مما أدى إلى صعوبة في تقييم الأصول وقد تم حل هذه الصعوبة عندما أصبح سعر الصرف مرنًا. لكننا الآن نواجه عقبة مهمة تتمثل في من سيقوم بالشراء. 

الحكومة جادة في تنفيذ الطرح، لكنها تسعى لتحقيق تخارج عادل من أصولها، وليس لديها فرصة لنجاح برنامج الطروحات بأسعار غير عادلة، لأن المواطنين سيحاسبونها على هذه الأسعار لذا، فإن قضية السعر العادل هي العقبة الحقيقية التي تواجه الحكومة، حيث يرتبط هذا السعر بوجود مشتري مستعد للشراء بسعر عادل وبالتالي، فإن القضية الحالية تتعلق بالمشتري وليس بجدية الحكومة، التي تسعى لإيجاد مشتري مناسب بشروط عادلة.

الدكتور وليد جاب الله
الدكتور وليد جاب الله

وفيما يتعلق بالطروحات الحكومية، يمكن أن تساهم في استعادة الثقة في الاقتصاد المصري قال الدكتور  وليد جاب الله إن الاقتصاد المصري يمتلك كل الثقة، حيث تشيد به المؤسسات الدولية لأنه نجح في تجاوز تحديات كبيرة.

إجراءات الإصلاحات الهيكلية

وأضاف أن برنامج الطروحات لا يعد محورًا من محاور الثقة في الاقتصاد بقدر ما هو إجراء من إجراءات الإصلاحات الهيكلية التي تسعى الدولة المصرية لتحقيقها للخروج من عدد من القطاعات التي تم تحديثها في وثيقة سياسات ملكية الدولة، وذلك لتنفيذ استحقاقات الإصلاح الهيكلي في هذا المجال.

وفيما يتعلق بالقطاعات التي يمكن أن تجذب الاستثمار العربي والأجنبي، أشار الدكتور وليد جاب الله إلى أن قطاع الطاقة يعد من القطاعات الجاذبة للمستثمرين الأجانب، بينما يتمتع المستثمرون العرب بشهية كبيرة للاستثمار في القطاع العقاري. 

كما أن الدولة تحفز الاستثمار في القطاع الصناعي، وبشكل عام هناك انفتاح من الدولة لجذب المستثمرين العرب والأجانب للاستثمار في جميع المجالات. وأعتقد أنه بالنسبة للمستثمرين المحليين، فإن خفض الفائدة في الفترة الماضية وانخفاضها بشكل أكبر سيشجعهم على الحصول على تمويلات تساعدهم في شراء شركات من تلك التي سيتم طرحها.

فيما يتعلق بمساهمة الطروحات في استقرار سعر الجنيه في المستقبل، أوضح أن الطروحات والسيولة التي ستوفرها ستلعب دورًا في دعم المالية العامة للدولة. ومع ذلك، بعيدًا عن هذه الطروحات، من المتوقع أن ترتفع إيرادات الدولة من العملات الأجنبية بسبب تعافي قناة السويس مع بدء السلام في غزة، بالإضافة إلى المؤشرات الإيجابية التي سيحققها القطاع السياحي، خاصة مع افتتاح المتحف المصري الكبير والنتائج الجيدة المتوقعة من قطاعات الصناعات التحويلية. 

.كما أن زيادة تحويلات المصريين في الخارج ستساهم أيضًا في ذلك لذا، هناك توقعات بأداء جيد للجنيه خلال الفترة المقبلة، رغم استمرار التحديات المتعلقة بالمال الساخن وأعتقد أن هناك خطة حكومية للتعامل مع هذا الملف، بعد أن اكتسبت الإدارة المصرية خبرة في التعامل مع تدفقات المال الساخن في السنوات الماضية.

برنامج الطروحات الحكومية في مصر يُظهر علامات تعافي

ويسانده الدكتور هاني أبو الفتوح، الخبير المصرفي قائلا، إن برنامج الطروحات الحكومية في مصر يُظهر علامات تعافي، بدعم من صفقة رأس الحكمة التي كانت أكبر دفعة تمويلية، مما ساعد في رفع صافي الاستثمار الأجنبي المباشر إلى حوالي 46.1 مليار دولار خلال العام المالي 2023/2024، وهو رقم استثنائي مقارنة بالسنوات السابقة. ومع ذلك، لا يزال هذا التعافي مرتبطًا بعامل حاسم وهو استقرار سعر الصرف.

وأضاف أنه منذ مارس 2022 وحتى ديسمبر 2024، نفذت الحكومة 34 صفقة وتصرفًا في أصول وشركات مملوكة للدولة، بحصيلة تجاوزت 30 مليار دولار. وتستهدف الحكومة في 2025 طرح ما لا يقل عن 10 كيانات إضافية، بما في ذلك شركتي "وطنية" و"صافي"، بالإضافة إلى شركات غذائية ولوجستية، وطرح حصة من محطة رياح جبل الزيت، في إطار خطة تقليل دور الدولة وزيادة مشاركة القطاع الخاص. 

جذبت هذه الطروحات اهتمامًا كبيرًا من المستثمرين العرب، خاصة من دول الخليج، كما يتضح من صفقة رأس الحكمة بقيمة 35 مليار دولار، بينما يظل وجود المستثمرين غير العرب أقل، حيث جاء الجزء الأكبر من التدفقات عبر صفقات كبيرة بدلًا من أن يكون توسعًا استثماريًا عامًا.

هاني ابو الفتوحالخبير المصرفي 
هاني ابو الفتوحالخبير المصرفي 

وأشار إلى أن العائق الرئيسي لا يزال هو سعر الصرف، حيث أدى قرار تعويم الجنيه في 6 مارس 2024 إلى خفض قيمته بنحو 38% دفعة واحدة، مصحوبًا بتضخم سنوي وصل إلى منتصف الثلاثينيات، قبل أن يتراجع تدريجيًا إلى نطاق 15-16% في منتصف 2025، وهو أعلى قليلًا من مستهدفات البنك المركزي. هذا التذبذب يجعل المستثمرين الذين يرغبون في الدخول وتحويل أرباحهم للخارج أكثر حذرًا، مما يركز الاستثمارات في القطاعات القادرة على توليد عملة صعبة مثل الطاقة والسياحة والخدمات اللوجستية.

من جهة أخرى، تعمل الحكومة على توسيع الأصول المعروضة، وتسهيل دخول المستثمرين العرب، وتقديم حوافز ضريبية وإجرائية. ومع ذلك، تبقى الديون الخارجية عند نحو 152.9 مليار دولار في يونيو 2024، وهو ما يتابعه المستثمرون عن كثب، خاصة مع عودة الدين للارتفاع في 2025. لذلك، فإن حجم التدفقات في المدى القريب سيعتمد على:
1. تنفيذ جدول الطروحات المعلن.
2. تثبيت مرونة حقيقية في سعر الصرف.
3. ربط الحوافز بالتشغيل والتصدير.
بدون هذه العناصر، ستظل عودة المستثمرين تدريجية وليست قوية وشاملة. 

ومن جانبة قال الدكتور أحمد خطاب، الخبير الاقتصادي، إن المستثمرين الأجانب والعرب يثقون في الاقتصاد المصري، خاصة بعد أن تجاوز احتياطي البنك المركزي المصري من العملات الأجنبية مثل الدولار واليورو 50 مليار دولار، مما عزز من قوة الاقتصاد. كما أن مؤسسات التصنيف الدولية قد صنفت مصر بدرجة "Be positive"، مما ساهم في تعزيز دورها في جذب الاستثمارات الدولية المباشرة، مما سيزيد من الطلب على شراء حصص في الشركات بالعملات الأجنبية.

الدكتور احمد خطاب 
الدكتور أحمد خطاب 

وأضاف أن الاقتصاد المصري يعتمد على 60% من القطاع الخاص و40% من الحكومة، وهذه نسبة جيدة، ونتمنى أن ترتفع هذه النسبة إلى 80 أو 90%، بحيث تبقى الحكومة مسؤولة فقط عن تقديم الخدمات الحكومية مثل الصحة والتعليم والكهرباء. وهذا يعتبر تمكينًا للقطاع الخاص ويعكس رؤية دولية، والدولة تسير على هذا النهج وفقًا لتوصيات البنك المركزي والبنك الدولي والمؤسسات الدولية، من خلال منح المزيد من الفرص للقطاع الخاص وجذب المستثمرين العرب والأجانب.

كما يتم طرح شركات حكومية قد لا تحقق نجاحًا في ظل الحكومة، لتقوم شركات سعودية أو إماراتية بإدارتها ونقل استثماراتها وتجهيزاتها، مما يجعلها شركات ناجحة. كل هذه الظواهر تعكس الجهود التي تسعى مصر لتحقيقها، بالإضافة إلى توفير فرص جديدة للمستثمرين العرب، مثل منح رخص فنادق ورخص سياحية، مما سيعزز حركة الاستثمار