فيتو
رئيس التحرير
عصام كامل

في ذكرى إعلانه رسميا، قصة تأسيس أول حزب وطني في مصر الحديثة

الزعيم مصطفى كامل،
الزعيم مصطفى كامل، فيتو

قبل أن ترفع اللافتة رسميًا في مثل هذا اليوم عام 1907، كان الحزب الوطني فكرة تتشكل في وجدان مصر المقهورة بالاحتلال، وتبحث عن صوت يجمعها ويعيد للوطن كرامته.

كواليس إعلان تأسيس الحزب الوطني

في مطلع القرن العشرين، كانت القاهرة تضج بالجدل بين دعاة الإصلاح من داخل النظام، مثل حزب الأمة بزعامة أحمد لطفي السيد، وبين من رأوا أن لا إصلاح تحت الاحتلال، وفي مقدمتهم مصطفى كامل، الذي تحول من كاتب شاب في الصحف إلى زعيم وطني يحرك الشارع بخطبه ومقالاته.

وتولدت فكرة إنشاء الحزب الوطني من تفاعلات تلك اللحظة السياسية المتوترة، فبعد ثورة عرابي وما تبعها من الاحتلال البريطاني عام 1882، عاش المصريون بين يأس وطني وحلم بالاستقلال.

ومع تصاعد نفوذ مصطفى كامل وخطابه الداعي لجمع الأمة ضد الاحتلال، بدأت تتبلور الحاجة إلى كيان منظم يتجاوز الخطابة إلى الفعل السياسي وهكذا جاء التأسيس في عام 1907 كترجمة لفكرة العمل الوطني المؤسسي وكان الشعار الجامع الاستقلال التام والدستور.

لكن مصطفى كامل لم يكن وحده. إلى جواره وقف عدد من الشخصيات التي آمنت بالمشروع، مثل محمد فريد الذي تولى قيادة الحزب بعد وفاة كامل عام 1908، وعبد العزيز جاويش، ومحمد فريد وجدي، وغيرهم ممن شكلوا "الجيل الثاني من الحلم.

ومع رحيل مصطفى كامل المبكر، حمل محمد فريد الراية، فحول الحزب من منصة خطابية إلى حركة ضغط شعبي، تنظم المظاهرات وتصدر الصحف وتساند العمال ضد سلطة الاحتلال.

أسباب تراجع الحزب الوطني في الحياة السياسية المصرية

سنوات ما بعد 1908 كانت ذروة التوهج الوطني للحزب. التف حوله الطلبة والطبقة الوسطى، وتحول إلى ضميرٍ سياسي يعبر عن وجع مصر، حتى أن الاحتلال البريطاني ضاق به ذرعًا، فلاحق قياداته وأغلق صحفه، ودفعه إلى العمل السري.

ومع قيام الحرب العالمية الأولى وفرض الأحكام العرفية، تراجع نجم الحزب مؤقتًا، قبل أن تبتلع الساحة السياسية موجة جديدة قادها سعد زغلول وحزب الوفد، لتبدأ مرحلة مختلفة من الحركة الوطنية.

ولم يحل الحزب الوطني رسميًا، لكنه فقد تأثيره مع الزمن. اندمج بعض أعضائه في تيارات أخرى، بينما احتفظ آخرون بالاسم والرمز حتى بدايات الأربعينيات، دون أن يستعيد البريق الذي ارتبط باسم مصطفى كامل ومحمد فريد.

ومع ثورة يوليو 1952 وانتهاء عهد الأحزاب التقليدية، طويت صفحة الحزب نهائيًا، لكنه بقي في الذاكرة بوصفه أول حزب مصري رفع شعار الاستقلال الكامل، وأسس لفكرة أن الوطنية مشروعًا سياسيًا له مؤسسات وأهداف.