كيف يرى القانون استغلال السائقين زيادة أسعار الوقود لتحقيق مكاسب غير مشروعة؟
بمجرد إعلان الحكومة عن رفع أسعار المحروقات أمس، سارع عدد من السائقين والتجار إلى استغلال القرار وفرض زيادات فورية على الأجرة أو الأسعار، دون انتظار أي تسعيرة رسمية.
وهذا السلوك في نظر القانون، لا يعتبر تصرفًا إداريًا أو اجتهادًا فرديًا، بل جريمة مكتملة الأركان تدخل في نطاق «التحصيل الزائد» أو ما يُعرف قانونًا بـ«البيع بسعر أعلى من السعر المحدد».
عقوبة رفع أجرة المواصلات دون مبرر
القانون المصري يُصنّف هذه المخالفة ضمن جرائم الغش التجاري ومخالفات التسعير الجبري، ويعاملها بوصفها اعتداءً على النظام الاقتصادي والعدالة الاجتماعية.
وحسب نصوص قانون شئون التموين والتسعير، يحظر على أي شخص بيع سلعة أو خدمة بأعلى من السعر المقرر رسميًا، سواء كان ذلك بصورة مباشرة أو غير مباشرة، ويعد الفعل غشًا تجاريًا متى ترتب عليه استغلال أو إضرار بالمستهلك.
أما العقوبة فهي الحبس لمدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على خمس سنوات، وغرامة مالية قد تبدأ من عشرة آلاف جنيه وتصل إلى مئات الآلاف، أو بإحدى هاتين العقوبتين. وفي حالات العود أو إذا ترتب على الجريمة ضرر جسيم بالمستهلكين، يجوز للمحكمة الحكم بمصادرة الأرباح المتحصلة أو إغلاق المنشأة وسحب الترخيص نهائيًا.
ويشير المشرّع في تفسيره إلى أن الجريمة لا تشترط تحقق ضرر فعلي حتى تقوم، بل يكفي ثبوت نية الاستغلال أو محاولة تحصيل مقابل يفوق السعر المقرر.
كما لا يُعفي الجاني ادعاؤه بارتفاع التكلفة أو تغيّر الأسعار العالمية، طالما لم يصدر قرار رسمي جديد من الجهات المختصة.
علاقة التحصيل الزائد بجرائم الغش التجاري
ويعامل القانون التحصيل الزائد بنفس صرامة الغش في السلع أو الميزان، لأن كليهما يقوم على الإضرار بالمستهلك عبر التلاعب في حقه المالي المشروع.
ولهذا نصت التشريعات على أن البيع فوق السعر المحدد يُعد جريمة تمس الثقة العامة في السوق، وتستوجب الملاحقة الفورية دون إنذار أو إنذار إداري مسبق.
وبذلك يصبح أي سائق أو تاجر أو صاحب خدمة يفرض زيادة غير مصرح بها، واقعًا تحت طائلة العقاب الجنائي، وليس مجرد المخالفة الإدارية، فالقانون لا يرى في التحصيل الزائد «اجتهادًا»، بل احتيالًا اقتصاديًا يستوجب الرد.