مي زيادة.. رائدة النهضة النسوية وأسطورة الأدب العربي.. وهذه قصة حبها الأفلاطوني مع جبران خليل
مى زيادة ، الأديبة التى عشقها معظم أدباء جيلها، صاحبة أشهر صالون أدبى أوائل القرن العشرين، أبهرت الجميع بثقافتها وذكائها وتحررها، ووصفها الشيخ مصطفى عبد الرازق برائدة النهضة النسوية في الشرق، وقال عنها صاحب الرسالة أحمد حسن الزيات إنها “تشارك في كل علم وتفيض في كل حديث وتختصر للجليس سعادة العمر كله في لفتة أو لمحة أو ابتسامة”، ورحلت فى مثل هذا اليوم عام 1941.
ولدت مى الياس زيادة الشهيرة بـ مى زيادة عام 1886 بلبنان، وحضرت إلى مصر مع أسرتها وهى فى العشرين من عمرها، حيث درست الأدب العربى والتاريخ الإسلامى بكلية الآداب جامعة فؤاد الأول.
أحبها جميع الأدباء والكتاب
أحبها الكثيرون من عمالقة أدباء عصرها، وأعلنوا عن ذلك صراحة إلا أنها رغم كثرة عشاقها لم تتزوج ولذلك عرفت بالآنسة مى، ومن الذين أحبوها أحمد لطفي السيد، ومصطفى عبد الرازق، وطه حسين، وشبلي شميل، ويعقوب صروف، وأنطون الجميل، ومصطفى صادق الرافعي، وخليل مطران، وإسماعيل صبري.

وكان من أشهر هؤلاء الأدباء، وأكثرهم حبا لمي هو عباس العقاد، الذي كان متيما بها وكتب روايته "سارة" التي كانت تروى بشكل غير مباشر علاقته بمي زيادة، وكتب فيها أمير الشعراء أحمد شوقى أرق قصائده فقال: "إذا نطقت صبا عقلى إليها، وإن بسمت إلى صبا جنانى"، وكتب أنطون الجميل عنها "يلذ لى يامى أن أخاطبك باسمك مجردا من الوصف واللقب لأن كل وصف قليل إذا ما قيس بصفاتك وكل لقب ضئيل إذا ما قورن باسمك".

إلا أن مى زيادة أحبت الشاعر جبران خليل جبران ودامت بينهما المراسلات 20 عاما متخذة صيغة غرامية عنيفة وبادلها جبران بحب شديد وعفيف ولم يلتقيا هو فى نيويورك وهى فى القاهرة.

بدأت قصة الحب الأفلاطونى بين مى زيادة وجبران بعد الرسالة التي أرسلتها للأديب المهاجر جبران خليل جبران، تبدي فيها إعجابها بديوانه "الأجنحة المتكسرة"، وجاءها الرد على الرسالة، ومن هنا بدأت قصة الحب الأشهر في تاريخ الأدب العربي، وبدأ سيل الرسائل التي تحولت من كونها رسائل بين متحابين إلى عمل أدبي يعد من أهم أعمال أدب المراسلات، تلك الرسائل التي بدأت بلغة رسمية وبدأت تدريجيا في التطور لتصبح رسائل عشق ومحبة حتى إنهما شاركا فى تأليف كتاب واحد تحت عنوان (بين المد والجزر) من تأليف مى ورسم جبران.
أشهر صالون أدبى
اشتهرت مى زيادة كأديبة بين أدباء عصرها حتى إنها أقامت بعد تخرجها مجلسا أدبيا فى بيتها عرف باسم مجلس الثلاثاء أو صالون مى،ضم رموز الثقافة والفن والأدب فى مصر منهم العقاد وطه حسين ولطفى السيد وأحمد شوقى والرافعى وغيرهم، حيث تدور فى الصالون مناقشات رفيعة المستوى أدبية وسياسية واجتماعية،قال عنها طه حسين: صالونها كان ديمقراطيا ولا يرد عنه أحد شهد معارك فكرية كبيرة،وقال العقاد: كانت مثقفة قوية الحجة، اهتمت بتحرير المرأة وإعطائها حقوقها، واستمر صالونها قرابة 25 عاما، وهي أطول فترة عرفها صالون أدبي في الشرق.
هواية الكتابة فى الصحافة
كان لـ مى زيادة مساهمات فى الكتابة الصحفية إلى جانب الأدب وساعدها استاذها أحمد لطفى السيد فى الكتابة بمجلات المحروسة والزهور والمقتطف والهلال والأهرام وكان لها دور كبير فى الكتابة بمجلة السياسة التى أصدرها الدكتور محمد حسين هيكل لسنوات طويلة.
أصدرت الأديبة مى زيادة كتبا كثيرة فكتبت فى كل شيء خاصة فى قضية تحرير المرأة وتعليمها، ووضعت أكثر من أربعة عشر كتابا منها: باحثة البادية، عائشة التيمورية، بين المد والجزر، كلمات وإشارات، غابة الحياة، ابتسامات ودموع، الصحائف وغيرها.
كتاب العصفورية ختام المشوار
كانت صدمتها الكبرى عند وفاة جبران 1931 فسافرت إلى لبنان إلا أن أقاربها اتهموها بالسفه وحجروا عليها وأدخلوها مستشفى العصفورية للأمراض العقلية ببيروت،وعندما علمت الصحافة الأدبية فى مصر ولبنان شنت حملة عنيفة لإنصاف مي، وبعد تسعة أشهر عادت إلى مصر وعاشت فى عزلة مستسلمة لأحزانها فى شبه عزلة ووضعت كتابا تصف فيه معاناتها بعنوان (العصفورية) وهو اسم مستشفى المجانين فى لبنان التى وضعت فيها، إلا أنه أصابها الهزال حتى دخلت فى غيبوبة حتى رحلت فى مثل هذا اليوم 17 أكتوبر عام 1941.