أحد قادة معركة كبريت يكشف سر الكتيبة 130 البرمائية وعملية العبور الحاسمة
كشف اللواء محمد نور الدين، أحد قادة معركة كبريت وأحد المشاركين في صناعة نصر أكتوبر 1973، عن أسرار العبور العظيم وكواليس أطول دورية خلف خطوط العدو، مؤكدًا أن النصر كان ثمرة إرادة شعب وجيش معًا.
من الهزيمة إلى النصر
وقال، إن نصر أكتوبر بدأ فعليًا منذ هزيمة يونيو 1967، والتي اعتبرها الشرارة التي أيقظت الشعب كله، حيث رفض الاستسلام وقرر إزالة آثار العدوان.
وأوضح خلال تصريحات تليفزيونية ببرنامج “الكنز” الذي يقدمه أشرف محمود بقناة “الحدث اليوم”: أن الفترة بين 1967 و1973 كانت بمثابة المطبخ الاستراتيجي الذي أُعدت فيه الحرب، من خلال معارك الاستنزاف وبطولاتها، مشيرًا إلى أن النصر لم يكن من صنع الجيش وحده، بل كان ثمرة التفاف الشعب كله حول هدف واحد: "لازم يرجع أرضه".
الكتيبة 130 البرمائية.. فكرة الشاذلي ومهمة الصفر
وكشف نور الدين عن طبيعة الكتيبة 130 برمائية، التي كانت فكرة اللواء الراحل سعد الدين الشاذلي، موضحًا أنها ضمت كتيبتي صاعقة، بالإضافة إلى دبابات محمولة على ناقلات برمائية.
ولفت إلى أنه كانت مهمتها الحاسمة عند ساعة الصفر منع احتياطيات العدو من الوصول للجبهة، عبر تكتيك ذكي تمثل في انطلاق كتيبة نحو ممر متلا وأخرى نحو ممر الجدي، لتأمين الممرات حتى انتهاء إنشاء الكباري وعبور التشكيلات المدرعة المصرية.
وأضاف أن الكتيبة نجحت في مهمتها بمساعدة قوات الإبرار، مما مهد لعبور القوات المدرعة المصرية يوم 8 أكتوبر.
معركة كبريت.. النقطة الحصينة
روى القائد تفاصيل معركة كبريت، وهي إحدى النقاط الحصينة للعدو التي لم تسقط يوم 8 أكتوبر وتقع عند أضيق مناطق الممرات قرب مطار كبريت.
وأكد أن القوات المصرية، بقيادة الشهيد المقدم إبراهيم عبد التواب، نجحت في الاستيلاء على النقطة وإعادة تنظيم الدفاعات فيها.
وواصل: لكن يومي 15 و16 أكتوبر تعرضت النقطة لقصف جوي إسرائيلي عنيف أدى إلى استشهاد عدد كبير من الجنود، إلا أن العدو فشل في اقتحامها ليلًا رغم محاولاته المتكررة، حتى جاء وقف إطلاق النار في 22 و23 أكتوبر.
أطول دورية خلف خطوط العدو
وأشار نور الدين إلى أن الحصار المفروض على النقطة شهد مواقف بطولية نادرة، إذ ظنت قيادة الجيش الثالث أن القوة المدافعة قد استشهدت بفعل الدخان الأسود الكثيف.
وتابع: لكن أول دورية استطلاع وصلت إلى القيادة لتؤكد صمود الأبطال، وكان مطلبهم الأساسي جهاز لاسلكي للتواصل وإخلاء 22 جريحًا، ولشدة إصرار الضباط على التطوع في مهمة الإخلاء، اضطر القائد إبراهيم عبد التواب إلى إجراء قرعة لاختيار ثلاثة فقط، بينما تحولت خطة الدوريتين إلى دورية واحدة من 45 فردًا نتيجة تضحيات الجنود.
مشهد بطولي مؤثر
استعاد القائد لحظة إنسانية مؤثرة قائلًا:"العسكري المصري الجريح.. لما نقول له: خليه للمرحلة الثانية يقول: لا لا، خدميني خدميني.. ده دراعه مقطوع أكتر".
وأوضح أن هذه الدورية أصبحت أطول دورية في تاريخ الحرب، إذ اخترقت صفوف العدو لمسافة 20 كيلومترًا لإخلاء الجرحى وإبلاغ القيادة بصمود أبطال كبريت.
وأكد اللواء محمد نور الدين أن بطولات معركة كبريت والكتيبة 130 البرمائية تجسد سر النصر في أكتوبر: إرادة لا تلين، وتضحيات لا حدود لها، وإيمان عميق بأن استعادة الأرض لا تأتي إلا بالصمود والوحدة.