فيتو
رئيس التحرير
عصام كامل

من جذور عربية وأذلهما العشق، كيف تشابهت مسيرة كلاوديا كاردينالي بقصة حياة داليدا

كلوديا كاردينالي
كلوديا كاردينالي والفنانة العالمية داليدا، فيتو

من أيقونة الغناء المصرية إلى أيقونة السينما الإيطالية تتشابه قصة الممثلة كلوديا كاردينالي التي غيبها الموت مساء أمس الثلاثاء عن عمر ناهز 87 عامًا، مع قصة الفنانة العالمية داليدا، خاصة أن الاثنين جذورهما عربية وشقا طريقهما إلى العالمية بعد مسيرة طويلة ومتنوعة في التمثيل والمسرح، والغناء.

وولدت كلاوديا كاردينالي التي توفيت بمقر إقامتها في نيمور بضواحي باريس، عام 1938 بحلق الوادي في تونس، حيث قضت طفولتها وغادرتها في الخمسينيات لتنطلق رحلتها من إيطاليا إلى العالمية وتحصلت إثرها على الجنسية الفرنسية.

ولم تغادر تونس إلى إيطاليا إلا في سن الثامنة عشرة بعد انتخابها ملكة جمال الإيطاليات التونسيات، وكانت جائزتها السفر إلى إيطاليا حيث "اختطفها" المنتج الايطالي الشهير فرانكو كريستدالي وصنع منها نجمة ثم تزوجها ليذيع صيتها لاحقًا في أفلام هوليود.

أما  داليدا فقد ولدت في 17 من يناير من العام 1933، بأحد الأحياء الشعبية الشهيرة بالقاهرة وهو حي "شبرا"، حيث كان والداها من أصول إيطالية، فضَّلا العيش بمصر منذ سنوات طويلة، لتنشأ في ذلك الحي العريق، وتتشبع بعادات وتقاليد أهله الأصيلة.

ملكتا جمال تونس ومصر

كما أن الممثلة الراحلة كلوديا كاردينالي بدأت مسيرتها السينمائية في عام 1957 بعد فوزها في مسابقة جمال في تونس، وحصلت على رحلة إلى مهرجان البندقية السينمائي.

وكان لا بد من دبلجة صوتها في أدوارها السينمائية الإيطالية الأولى لأنها نشأت في عائلة تتحدث اللهجة الصقلية وتلقت تعليمها في مدرسة ناطقة بالفرنسية.

أما داليدا لم تتمنَ يومًا أن تصبح مطربة وتحترف مجال الغناء، حيث كانت تحلم دائمًا أن تصبح ممثلة مشهورة، وسعت كثيرًا نحو ذلك، حتى إن بدايتها الفنية كانت من خلال التمثيل وليس الغناء، لكن ما حدث بعد ذلك غير مسار حياتها الفنية بشكل كامل.

وكانت بداية داليدا مع الشهرة والنجومية عندما شاركت في مسابقة ملكة جمال مصر 1954 وفازت باللقب، لتلتفت إليها أنظار المخرجين بعد ذلك، ويرشحها المخرج نيازي مصطفى للمشاركة في بطولة فيلم "سيجارة وكاس".

 

مسيرة فنية مشابهة 

وكلوديا كاردينالي شهدت مسيرتها المهنية المبكرة تعقيدات بسبب حمل سري قالت إنه نتيجة علاقة سيئة وأنجبت باتريك، في لندن عام 1958 واعتبرته أخًا أصغر لها لعدة سنوات، بينما كان والداها يربيانه.

وبعد سلسلة من الأدوار الصغيرة، اكتسبت شهرة عالمية في عام 1963 عندما ظهرت في فيلم "8½" (8 ونص) للمخرج فيديريكو فيليني، كما لعبت دور البطولة إلى جانب بيرت لانكستر في فيلم "الفهد" في العام نفسه.

وفتح ملفها الشخصي المتنامي الباب أمام إنتاجات هوليوود، وظهرت في الفيلم الكوميدي "النمر الوردي" من إخراج بليك إدواردز، وفيلم "ذات مرة في الغرب" للمخرج سيرجيو ليوني في عام 1968.

بينما قررت داليدا السفر إلى فرنسا لاستكمال مسيرتها الفنية، وبعد عام واحد وقعت عقدًا مع شركة باركلي للتسجيلات وأصدرت أول أغنية لها بعنوان "بامبينو"، والتي حققت نجاحا كبيرا، وصعدت إلى الصدارة بسرعة فقد حققت أغانيها مبيعات قياسية في فرنسا بين عامي 1957 و1961.

حياة حزينة

وعن مسيرة كاردينالي الفنية فقد ضربت في سبعينيات القرن الماضي، بعد انفصالها عن المنتج السينمائي فرانكو كريستالدي لبدء علاقة مدى الحياة مع المخرج السينمائي باسكوالي سكويتيري الذي أنجبت منه ابنة، تدعى أيضا كلوديا.

وغاضبا من تركها من أجل رجل آخر، طلب كريستالدي من الأصدقاء والزملاء في صناعة السينما الإيطالية نبذ كاردينالي، مما أدى على سبيل المثال إلى رفض فيسكونتي لها في فيلمه الأخير "البريء" (1976).

وقالت كاردينالي عن تلك الفترة: "لقد كانت لحظة حساسة للغاية.. اكتشفت أنني لا أملك أي أموال في حسابي المصرفي".

وفي النهاية، أنقذها فرانكو زيفيريلي باختيارها للمسلسل التلفزيوني القصير "يسوع الناصري" عام 1977، ثم واصلت العمل مع مخرجين أوروبيين آخرين، منهم فيرنر هرتزوج وماركو بيلوتشيو.

وعلى نفس المنوال عانت داليدا من الأحزان التي أنهكت قواها وتسببت في إصابتها بالاكتئاب الحاد، وذلك بسبب قصص الحب التي عاشتها وانتهت كلها بمأساة مؤثرة.

تزوجت داليدا مرة واحدة من المنتج الفرنسي الشهير لوسيان موريس، لكنه انتحر لاحقًا عام 1970، وهذا ما جعلها تدخل في حالة شديدة من الحزن، لكنها بعد عدة سنوات قررت أن تنسى تلك الأحزان وتدخل في علاقة عاطفية جديدة.

ارتبطت داليدا بعلاقة عاطفية مأساوية جديدة مع المغني الإيطالي لويجي تانكو الذي انتحر هو الآخر بعد فترة من ارتباطهما العاطفي، ما زاد من جراحها النفسية، لتدخل في حالة من الاكتئاب الشديد.

في العام 1967 دخل العشق إلى قلب داليدا عندما التقت بالشاب الإيطالي "لوجي تانكو" وكان مغنيًا لا يزال في بداية طريقه، وقد دعمته داليدا ليصبح نجمًا، لكن الفشل طرق بابه بعد مشاركته بمهرجان سان ريمو سنة 1967 فانتحر بمسدسه في أحد الفنادق.

والمؤسف في الأمر أن داليدا كانت أول من رأى جثته ممددة ومغطاة بالدماء، عندما ذهبت لتواسيه بعدم حصوله على التقدير الذي يليق به في المهرجان والذي شارك فيه، وعندما تمكنت من نسيان الماضي أحبت رجلًا بفترة السبعينات، ولكنه هو الآخر توفي منتحرا.

وكلتا الفنانتين حققتا شهرة واسعة، فكانت كاردينالي ذات الصوت الأجش والمدخنة الشرهة تتمتع بسمعة طيبة باعتبارها امرأة مستقلة للغاية وذات روح حرة، وقد تحدت ذات مرة بروتوكول الفاتيكان من خلال الظهور في اجتماع مع البابا بولس السادس وهي ترتدي تنورة قصيرة.

وبعد أن عاشت معظم وقتها في فرنسا، وكانت صديقة للرئيسين فرانسوا ميتران وجاك شيراك، اتجهت كاردينالي إلى المسرح في مطلع القرن العشرين، وحازت على الثناء لظهورها على خشبة المسرح.

كما استمرت في صناعة الأفلام بمجموعة متنوعة من اللغات الأوروبية حتى أواخر حياتها، وظهرت في المسلسل التلفزيوني السويسري "Bulle" في عام 2020.

وحصلت أيقونة السينما على جائزة الإنجاز مدى الحياة في مهرجان برلين السينمائي في عام 2002، وصدر كتاب في عام 2022 يحتفل بحياتها بعنوان "كلوديا كاردينالي التي لا تقهر".

أما داليدا فقد انتشرت أغانيها في عدة دول في أوروبا وأمريكا اللاتينية وأمريكا الشمالية وآسيا، كما غنت إلى جانب عدد من المطربين المشهورين آنذاك مثل خوليو إجلسياس، وشارل أزنافور، جوني ماتيس.


كما أنها لم تنسَ نشأتها المصرية، حيث قدمت عدة أغنيات بالعربية منها، "حلوة يا بلدي"، وهي الأغنية الأشهر والأقرب لقلوب المصريين، وأغنية "سلمى يا سلامة"، و"أنا عايزة أعيش"، و"إسكندرية".