رفعت فياض يكتب: وزير التعليم ينجح في اختبار بداية الدراسة.. تسليم الكتب من اليوم الأول.. انتظام حضور لم يحدث منذ 30 عامًا.. تطوير 94 مقررًا.. وإدخال الذكاء الاصطناعي بأولي ثانوي بالشراكة مع اليابان
شهادة حق أقولها في حق وزير التربية والتعليم محمد عبد اللطيف، المسئول عن 25 مليون تلميذ وطالب بجميع مراحل التعليم العام في مصر، بعد مرور يومين فقط من بداية العام الدراسي، وبعد أن شاهدت بنفسي نسبة حضور تصل إلى 90% من الطلاب، ووزير يتجول كعادته بين المدارس في كل محافظة ليطمئن بنفسه على انتظام العملية التعليمية بدءًا من اليوم الأول للدراسة.
وكانت للزيارات الميدانية التي عودنا عليها فور توليه مسئولية وزارة التربية والتعليم منذ ما يقرب من 14 شهرًا لجميع محافظات مصر ومدارسها أثرٌ كبير في النجاح في تطبيق ما كان يهدف إليه فور توليه المسئولية، من إعادة الطالب والمدرس إلى المدرسة مرة أخرى، بعد أن هجرها الطرفان من أجل الدروس الخصوصية على مدى الثلاثين عامًا الماضية، والتي فقدت فيها المدرسة دورها التربوي في التربية والتنشئة والتوجيه والإرشاد وبناء الشخصية ثم التعليم، خاصة وأن مسمى الوزارة نفسها "التربية ثم التعليم".
وطوال هذه السنوات الضائعة تحوّل التعليم إلى "تعليم موازٍ" في السناتر والبيوت ومراكز الدروس الخصوصية، ولم نكن نتخيل في يوم من الأيام أن يتم إعادة الطالب والمدرس إلى المدرسة مرة أخرى، بعد أن تحولت فصولها خاصة في المرحلة الثانوية إلى مبانٍ "خاوية على عروشها" بسبب انصراف الجميع إلى الدروس الخصوصية، وأصبحت الأسرة تنفق من ميزانيتها ما يوازي 80 مليار جنيه سنويًا في آخر إحصاء تقريبي لحجم ما يتم إنفاقه على الدروس الخصوصية في مصر.
لقد نجح محمد عبد اللطيف فيما فشل فيه الآخرون طوال السنوات الماضية من تقليل الكثافات في الفصول، خاصة في المرحلتين الابتدائية والإعدادية، ولم يعد هناك فصل هذا العام يزيد على 50 تلميذًا، بعد أن كانت الفصول تضم ما بين 120 إلى 150 تلميذًا، ودون أن ينتظر من الدولة بناء آلاف المدارس التي يستغرق بناؤها عدة سنوات، وانتظم العام الدراسي اليوم ولم يعد هناك عجز واضح في مدرسي المواد الأساسية بالمدارس، بعد أن ترك لكل مدير مدرسة التعاقد مع المدرسين بالحصة طبقًا لاحتياجات كل مدرسة، وبعد أن أعطى لكل مدير مدرسة سلطات الوزير نفسه في هذا الشأن، وأمده بثقة كبيرة في نفسه، وحمله مسئولية إدارة المدرسة بشكل جيد لصالح العملية التعليمية، لأن كل مدير شريك مع الوزير في النهوض بالعملية التعليمية.
لمزيد من مقالات الكاتب الصحفي رفعت فياض اضغط هنا
كما أتاح لكل مدرس من المدرسين القدامى الذين سيخرجون على المعاش بدءًا من اليوم ألا يترك المدرسة، وأن يتم – بناء على رغبته وحاجة المدرسة إليه في تدريس مادة التخصص الخاصة به – التعاقد معه للاستمرار بالمدرسة لمدة عام كامل قابل للتجديد بعد الإحالة للمعاش لمدة ثلاث سنوات. وبالتالي نحافظ على خبرات نادرة ويستفيد أولادنا من علمهم، ويساهمون معنا بهذه الطريقة في سد العجز الموجود في المدرسين بنسبة كبيرة جدًا، مما ينعكس بالإيجاب على العملية التعليمية.
ولأول مرة هذا العام أيضًا، وبعد مرور سنوات طويلة، يتسلم التلاميذ الكتب المدرسية كاملة بدءًا من اليوم الأول للدراسة، وهذا لم نعهده منذ سنوات طويلة، ولم يربط الوزير سداد الرسوم الدراسية بتسليم هذه الكتب. ومن هنا أصبح التلميذ مهيأ لأن يستذكر دروسه التي يحصل عليها في المدرسة بالكتاب المدرسي الذي أصبح بين يديه.
وفي هذا العام أيضًا نجح وزير التربية والتعليم فيما فشل فيه الآخرون من قبل، في إلزام جميع المدارس الدولية بتدريس مادة اللغة العربية لطلاب مرحلة رياض الأطفال بهذه المدارس، وكذلك تدريس مادتي اللغة العربية والتربية الدينية لطلاب الصفوف من الأول وحتى الثالث الابتدائي، ثم تدريس مواد اللغة العربية والدراسات الاجتماعية والتربية الدينية بدءًا من الصف الرابع وحتى الصف التاسع أو ما يعادلها، ثم استمرار تدريس مادة اللغة العربية والتاريخ والتربية الدينية في المرحلة الثانوية أيضًا.
نعم، بدأ تطبيق ذلك اليوم بدءًا من السنة الأولى الابتدائية، على أن يتم تدريس مادة التربية الدينية لجميع المراحل حتى شهادة الثانوية العامة بدءًا من الصف الأول الابتدائي، لكن لن تضاف درجات هذه المادة للمجموع في أي سنة دراسية، لكنها ستكون شرط نجاح، ولابد للتلميذ أو الطالب أن يحقق فيها نسبة نجاح 70% على الأقل في امتحاناتها.
أما بقية المواد التي تم إلزام هذه المدارس الدولية بتدريسها للطلاب بالإضافة إلى موادها الأساسية الخاصة بها، فهو تدريس مادة اللغة العربية بدءًا من السنة الأولى الابتدائية – كما قلت – وحتى الصف الثالث الابتدائي، ثم يستمر تدريس مادة اللغة العربية في بقية السنوات الدراسية حتى الصف الثالث الإعدادي، يضاف إليها تدريس مادة الدراسات الاجتماعية التي تشمل الجوانب التاريخية والجغرافية، وذلك بدءًا من الصف الثالث الابتدائي وحتى الصف الثالث الإعدادي، ثم تصبح مادة الدراسات الاجتماعية في المرحلة الإعدادية مادة تاريخ مصر بدءًا من الصف الأول الثانوي بالإضافة إلى مادة اللغة العربية.
وستكون هذه المواد ضمن المجموع النهائي لهذه المدارس الدولية بحيث يخصص لها 20% من إجمالي درجات مجموع مواد هذه المدارس، بواقع 10% لمادة اللغة العربية و10% لمادة التاريخ، و80% للمواد الأخرى التي يتم تدريسها من قبل في هذه المدارس، والتي كان مجموع درجاتها قبل ذلك يمثل 100% من إجمالي درجات أي شهادة تصدر من هذه المدارس. لكن الآن أصبح 80% للمواد الأساسية التي كانت تُدرّس من قبل بهذه المدارس، و20% لمادتي اللغة العربية والدراسات الاجتماعية في مرحلة التعليم الأساسي، ومادة التاريخ في المرحلة الثانوية.
هذا التوجه الذي انتهت إليه وزارة التربية والتعليم يهدف إلى الاهتمام بغرس القيم الدينية الصحيحة والمبادئ والمثل ومعرفة الحلال والحرام والتشكيل الوجداني للتلميذ أو الطالب، وكذلك الإلمام بالمفاهيم الدينية السليمة بالنسبة لمادة التربية الدينية، وإلمامه أيضًا بلغتنا القومية ولغة القرآن الكريم وهي اللغة العربية، والمعبرة أيضًا عن هويتنا، وحتى لا يكون التعليم الدولي مهتمًا فقط بإتقان اللغات الأجنبية ولا يستطيع الطالب بعدها أن يتحدث بلغة بلده، أو يتحدث مع الآخرين بسهولة بلغتهم الأساسية وهي اللغة العربية، خاصة وأنه يعيش في مجتمع مصري ويقيم على أرض مصرية، ويعمل في سوق العمل المصري، مما كان يزيد من شكل الاغتراب لدى خريجي هذه المدارس وصعوبة تعاملهم مع المجتمع.
كما أنه من الأهمية بمكان أن يلم طالب المدارس الدولية بتاريخ وجغرافية بلده، ولا يكون جاهلًا بتاريخها العريق الذي تدرسه كثير من جامعات العالم. فكيف يتخرج طالب من هذه المدارس الدولية وهو لا يعرف شيئًا عن تاريخ بلده سواء القديم أو الحديث، والذي سيزيده فخرًا أمام الجميع أنه من أبناء هذا الشعب العظيم.
نعم، نجح وزير التربية والتعليم لأول مرة هذا العام في الاتفاق مع اليابان على تدريس منهج الرياضيات بالصف الأول الابتدائي في المدارس المصرية مثلما يتم تدريسه بالضبط في المدارس اليابانية، وقد تسلم الوزير بالفعل من الجانب الياباني هذا المنهج، والذي سنبدأ في تدريسه لطلاب الصف الأول الابتدائي بدءًا من هذا العام، وسوف يمتد هذا الأمر بعد ذلك إلى بقية الصفوف الدراسية، خاصة وأن اليابان تعتبر من أفضل دول العالم في تعليم الرياضيات.
نعم، نجح وزير التربية والتعليم في الاتفاق أيضًا مع الجانب الياباني لتدريس مادة الذكاء الاصطناعي لطلاب الصف الأول الثانوي عن طريق منصة رقمية وتعلم ذاتي عن بُعد، بنفس الطريقة التي يتم تدريسها للطلاب في اليابان، وسيتم امتحان الطلاب بها "أونلاين"، وسيمنح الطالب الذي سيجتاز هذه المادة شهادة دولية من اليابان كمبرمج مبتدئ، بعد أن أصبحت هذه التقنية الحديثة متداخلة في كل التخصصات الجديدة في سوق العمل وأصبح لابد من دراستها والإلمام بها.
نعم، نجح وزير التربية والتعليم في أن يوجد لأول مرة شهادة أخرى في المرحلة الثانوية هذا العام، وهي شهادة "البكالوريا" موازية لشهادة الثانوية العامة التقليدية، وقد أخذت من روح الشهادات الأجنبية التي يتم تدريسها في مصر، والتي كان الكثير من الطلاب يقبلون على الالتحاق بها مثل الشهادة الإنجليزية أو الأمريكية أو الأبيتور الألمانية، ويتكبد الملتحقون بدراستها عشرات الآلاف من الجنيهات سنويًا، بسبب مميزاتها سواء في تعدد فرص التحسين أو عدد المواد الأقل، وهو ما جعل وزارة التربية والتعليم تأخذ روح هذه الشهادات وتأتي بشهادة البكالوريا بنفس هذه المميزات لكن بلا مقابل، وتقضي على مشكلة الفرصة الواحدة في الامتحان في نظام الثانوية التقليدية، وجعلتها اختيارية لمن يريد، وتدل المؤشرات في جميع مدارس المرحلة الثانوية العامة أن معظم طلاب هذه المرحلة قد اختاروا الدراسة بنظام البكالوريا هذا العام.
تحية لوزير التربية والتعليم الذي جعل مكتبه الحقيقي ليس بداخل الوزارة بل في كل مدرسة من مدارس مصر، حتى أن البعض يشبهه الآن بالوزير الطائر.. وقد أوجد هذا شعورًا لدى كل مدرسة في مصر أن الوزير قد يأتي لزيارتها في أي لحظة، ولهذا لابد أن تكون على أعلى مستوى من الجاهزية. وهذا هو المطلوب، ومن أجل هذا نقول إن هذا الوزير قد غيّر بالفعل وجه التعليم في مصر في فترة قياسية إلى الأفضل وبصورة غير متوقعة.