قانون العمل الجديد، كيف يضمن استقرار العقود وحقوق العمال وأصحاب العمل؟
جاء قانون العمل الجديد ليعالج واحدة من أكثر القضايا تعقيدًا في سوق العمل، وهي مصير عقود الموظفين عند انتقال ملكية الشركات أو بيع المؤسسات. القانون حسم الأمر بوضوح: العمال باقون وحقوقهم مصونة مهما تغير صاحب العمل.
كيف تنتهي عقود العمال؟
فقد نصت المادة 11 على أن عمليات الدمج، أو التقسيم، أو البيع، أو حتى الانتقال عبر الميراث أو الوصية أو الهبة، لا تؤدي إلى إنهاء عقود العمال أو المساس بحقوقهم. بل على العكس، يظل العقد ساريًا، ويصبح صاحب العمل الجديد مسئولًا بالتضامن مع المالك السابق عن جميع الالتزامات المترتبة على هذه العقود. هذا النص يمثل ركيزة أساسية لحماية استقرار العمال وضمان عدم ضياع حقوقهم مع تغير الملكية.
أهمية هذا التوجه لا تقتصر على العاملين فقط، بل تمتد إلى أصحاب الأعمال الجدد أيضًا، إذ يضمن لهم استمرار العملية الإنتاجية دون اضطرابات ناجمة عن نزاعات أو مخاوف تتعلق بمصير العاملين. كما أنه يمنح صورة أكثر استقرارًا لسوق العمل المصري، بما يشجع على الاستثمار ويعزز الثقة في بيئة الأعمال.
ضوابط التوازن بين مصالح العمال وأصحاب العمل
بهذه الصياغات، يسعى القانون إلى خلق توازن بين مصلحة أصحاب العمل وحماية مكتسبات العمال، عبر قاعدة واضحة مفادها أن الملكية قد تنتقل، لكن العقود تبقى سارية والالتزامات قائمة.
وشهدت بيئة العمل في مصر والعالم العديد من النزاعات القانونية خلال العقود الماضية، بسبب غياب الوضوح حول مصير عقود الموظفين عند بيع أو دمج المؤسسات. ففي كثير من الحالات، كان العمال يفقدون وظائفهم أو يدخلون في نزاعات طويلة مع أصحاب الأعمال الجدد، الأمر الذي دفع المشرّعين إلى وضع قواعد أكثر صرامة لحماية الطرف الأضعف في علاقة العمل، وهو العامل.
على الصعيد الدولي، أقرت منظمة العمل الدولية مبادئ عامة تشدد على ضرورة استمرار العقود وضمان الحقوق العمالية في حالات الاندماج أو البيع، باعتبار أن الاستقرار الوظيفي أحد ركائز العدالة الاجتماعية وحماية سلاسل الإنتاج. وقد أخذت دول عديدة بهذه القواعد لتقليل النزاعات وحماية أسواقها من الاضطرابات.
وفي السياق المحلي، جاء قانون العمل الجديد في مصر ليرسخ هذه القواعد، ويعطي العمال طمأنة واضحة بأن تغيير المالك أو المستثمر لا يعني بأي حال من الأحوال ضياع حقوقهم. كما أن تحميل الخلف الجديد مسؤولية الالتزامات السابقة يضع إطارًا واضحًا يحقق التوازن بين استمرارية النشاط الاقتصادي وحماية الكوادر العاملة.