فيتو
رئيس التحرير
عصام كامل

73 عاما على إصدار مجلة التحرير.. حمروش اقترح الفكرة لتكون معبرة عن ثورة يوليو، وعبد الناصر تحمس لها، وانتقدها صلاح سالم، وهاجمتها صحف عالمية

الكاتب الصحفى أحمد
الكاتب الصحفى أحمد حمروش، فيتو

مجلة التحرير، مجلة ثورة يوليو، بعد شهور قليلة من قيام الثورة تقدم البكباشى جمال عبد الناصر إلى إدارة المطبوعات بطلب لإصدار مطبوعة تصدر باللغة العربية تتحدث بلسان الثورة، وتدعو لها، وتتبنى قضاياها لتصدر فى مثل هذا اليوم 16 سبتمبر عام 1952، أي منذ 73 عاما. 


قام بإصدار “مجلة التحرير” صحفيون من الذين عملوا في دار روز اليوسف خلال فترة أو أخرى من حياتهم، ومنهم: عبد المنعم الصاوى، حسن فؤاد، يوسف إدريس، عبد الرحمن الشرقاوى، سعد التائه، زهدى، سعد لبيب وعبد الغنى أبو العينين وغيرهم من رواد روز اليوسف.

حمروش أول رئيس تحرير 

تعاقب على رئاسة مجلة التحرير عشرة من رجال السياسة والصحافة والأدب، وكان أول رئيس تحرير لها الكاتب أحمد حمروش، لكنه لم يستمر طويلا فقد استبدل في العدد الرابع بالدكتور ثروت عكاشة الذى أُبعد هو الآخر بعد أقل من عام، ليتولى مسئولية إصدارها أنور السادات في أغسطس 1953 عندما أصدر صحيفة "الجمهورية" عن دار التحرير للصحافة.

 وأصبحت التحرير مجلة أسبوعية تابعة لها في نوفمبر 1953، وتولى حلمى سلام رئاسة تحريرها.

اعضاء مجلس قيادة الثورة 
أعضاء مجلس قيادة الثورة، فيتو 

ويحكي الكاتب أحمد حمروش ــ صاحب فكرة إصدار المجلة ــ في مقال بمجلة "روز اليوسف" عام 1968 عن إصدار مجلة التحرير فيقول: حين قامت ثورة يوليو كانت جميع الصحف والمجلات الموجودة ملكية خاصة، فلا جريدة ولا مجلة ملك الشعب تتحدث بلسان الشعب، وكنت مسئولا عن حركة الضباط الأحرار بالإسكندرية، استدعانى جمال عبد الناصر للعمل في إدارة الشئون العامة للقوات المسلحة، وكان هذا العمل يناسب هواياتى في الكتابة الصحفية.

مقالات خالد محيي الدين عن فلسطين 

وأضاف أحمد حمروش: فكرتُ في إصدار صحيفة أو مجلة تعبر عن حركة الجيش، وعرضت الأمر على عبد الناصر، ووافق على الفور، وبدأت التنفيذ ووافق على العمل مجموعة من الأدباء والصحفيين ووافقت دار الهلال على طبع المجلة.

وكتب فيها المؤرخ عبد الرحمن الرافعى مقالا غير سياسي فى العدد الأول قال فيه: الحياة كلها تجارب وعبر، بل هي مدرسة التجارب والحياة، أو هي كتاب مفتوح يستطيع الإنسان أن يتعلم منها ما لا يمكن أن يعرفه من أي كتاب آخر، وحياة الإنسان ليست كلها صوابا أو سدادا، ولا يوجد إنسان يخلو من الخطأ والشطط في حياته، إنى معترف بأنني أخطأتُ في الحياة أخطاء عدة، لكنها لم تخرج، والحمد لله عن القواعد المستطاعة.

 أيضا كتب خالد محيى الدين سلسلة مقالات عن فلسطين.

احمد حمروش اثناء اشتراكه فى حرب 48 
أحمد حمروش أثناء مشاركته فى حرب 48، فيتو 

يقول احمد حمروش: ذهبت بالعدد إلى عبد الناصر الذي بادرنى، قائلا: دى حاجة كويسة، بس وريها للزملاء، ولما عرضت المجلة على صلاح سالم قال: أنتم هاتوزعوها مجانا؟، قلت له بدهشة: ليه هي نشرة سفارات؟.

ولما رأى كمال الدين حسين العدد وفيه صورتى مع مجموعة من الصحفيين أجرت المجلة تحقيقا معهم وهم: كامل الشناوى، أحمد أبو الفتح وأحمد الصاوى محمد ومصطفى بهجت بدوى، قال: “هوه أنتم بقيتم من كبار الصحفيين؟!”، أبلغت عبد الناصر بأن الزملاء غير راضين عن إصدار المجلة، ضحك وقال: ياللا روح وزعها.

 وزعنا في العدد الأول 130 ألف نسخة، وصارت المجلة حديث الناس في كل مكان لأنها كانت مجلة الثورة، لكنها توقفت عام 1959.

هجوم عالمى على التحرير 

هاجمت الصحف العالمية مجلة التحرير عند صدورها بسبب مقالاتها التى هاجمت الاستعمار والملكية، فكتبت "الديلى تليجراف" الناطقة بلسان المحافظين فى بريطانيا تقول: كانت الآمال معقودة على محمد نجيب أن يكون أكثر وُدًّا مع بريطانيا، لكن هذه الآمال تبخرت نتيجة تعليقات وموضوعات مجلة التحرير، وهى الصحيفة التى تحكم، فقد هاجمت المجلة بريطانيا العظمى بنفس أسلوب الحكومات السابقة، متهمة الثورة بالشيوعية الحمراء ومستنكرة قيام الثورة بإعداد دستور جديد.

الوزير ثروت عكاشة 
الوزير ثروت عكاشة، فيتو 

وردت عليها مجلة التحرير فى مقال كتبه ثروت عكاشة يقول: إن المجلة هى لسان حال الشعب، وانعكاس لما يعتمل فى نفس الجمهور المصرى وصدى صارخ لصيحات الشعوب العربية، فكيف تخطب التحرير ود دولة مستعمرة نتطلع الى جلاء قواتها عن أراضينا، وإن كنا يمينا أو يسارا فهذا شأننا نحن وحدنا نقرره كما نريد، فنحن من مصر ولمصر وسنمضى إلى الأمام بلا توقف لنحقق لوطننا كل أحلامه ومطالبه، وأنه ليس أمام بريطانيا إلا الخروج من مصر دون قيد أو شرط، ولن يهدأ لنا بال حتى نحقق ذلك.

جلاء الإنجليز عن مصر 

لكن نشرت صحيفة الكريستيان ساينس الأمريكية حديثا عن مصر قالت فيه: إن شخصية الشرق الأوسط هى شخصية ذلك الرجل طويل القامة، ويحمل رتبة كولونيل ويتولى دفة الحكم، وإن هذا الرجل سيحقق لمصر نصرا داخليا وخارجيا، وإن مهمته القادمة ستكون جلاء الإنجليز عن مصر، وإنه سيقود مصر إلى نصر جديد.