فيتو
رئيس التحرير
عصام كامل

من قصص القرآن الكريم، تفاصيل المواجهة الحاسمة بين موسى وملك مصر

القرآن الكريم، فيتو
القرآن الكريم، فيتو

نستعرض في السطور التالية مشاهد من  القصص التي وردت في كتاب الله العزيز، القرآن الكريم، علنَّا نستخلص منها العبر والدروس التي تفيدنا في الدنيا، بتغيير سلوكياتنا إلى الأفضل، فنستزيد من الأفعال الطيبة، والتصرفات الراقية، ونتعامل بالحسنى مع الآخرين، فنفوز ونسعد في الآخرة. 

تفاصيل المواجهة بين موسى وملك مصر

وأبدى ملك مصر استنكارا واستغرابا من ذكر موسى رب العالمين، "قال فرعون وما رب العالمين. قال رب السماوات والأرض وما بينهما إن كنتم موقنين. قال لمن حوله ألا تستمعون. قال ربكم ورب آبائكم الأولين. قال إن رسولكم الذي أرسل إليكم لمجنون. قال رب المشرق والمغرب وما بينهما إن كنتم تعقلون" (الشعراء: 23 – 28). 

ويروي القرآن الكريم تفاصيل المواجهة الحاسمة بين سيدنا موسى، عليه السلام، وملك مصر، فيذكر الله، تعالى، ما كان بين فرعون وموسى، من المجادلة والمحاجة والمناظرة، وما أقامه الكليم على فرعون من الحجة العقلية المعنوية ثم الحسية. 

فحشر فنادى فقال أنا ربكم الأعلى

وأظهر فرعون عدم اقتناع وجحودا للخالق تبارك وتعالى، وزعم أنه الإله "فحشر فنادى فقال أنا ربكم الأعلى" (النازعات: 23 - 24). وقال: "يا أيها الملأ ما علمت لكم من إله غيري" (القصص: 38). وهو في هذه القول معاندٌ، يعلم أنه عبدٌ، وأن الله هو الخالق البارئ المصور، الإله الحق، كما قال تعالى: "وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا فانظر كيف كان عاقبة المفسدين" (النمل: 14). ولهذا قال لموسى، عليه السلام، على سبيل الإنكار لرسالته، ولإظهار أنه ليس هناك ربٌّ أرسله: وما رب العالمين (الشعراء: 23). لأنهما قالا له: "إنا رسول رب العالمين"، فكأنه يقول لهما: ومن رب العالمين، الذي تزعمان أنه أرسلكما وابتعثكما؟ فأجابه موسى، قائلا: "رب السماوات والأرض وما بينهما إن كنتم موقنين" (الشعراء: 24). يعني رب العالمين، خالق هذه السماوات والأرض، وما بينهما من المخلوقات؛ من السحاب والرياح والمطر والنبات والحيوانات، التي يعلم كل موقن أنها لم تحدث بأنفسها، ولا بد لها من موجد ومحدث وخالق، وهو الله الذي لا إله إلا هو رب العالمين. قال أي: فرعون لمن حوله من أمرائه، ووزرائه، على سبيل التهكم والتنقص لما قرره موسى، عليه السلام: ألا تستمعون يعني كلامه هذا. قال موسى مخاطبا له ولهم: "ربكم ورب آبائكم الأولين" (الشعراء: 26). أي: هو الذي خلقكم والذين من قبلكم; من الآباء والأجداد والقرون السالفة، فإن كل أحد يعلم أنه لم يخلق نفسه ولا أبوه ولا أمه، ولم يحدث من غير محدث، وإنما أوجده وخلقه رب العالمين. 

وعلى الرغم من هذا كله لم يستفق فرعون من غفوته، ولا نزع عن ضلالته، بل استمر على طغيانه وعناده، وكفرانه؛ قال: "إن رسولكم الذي أرسل إليكم لمجنون قال رب المشرق والمغرب وما بينهما إن كنتم تعقلون" (الشعراء: 27 – 2). أي: هو المسخر لهذه الكواكب الزاهرة، المسير للأفلاك الدائرة، خالق الظلام والضياء ورب الأرض والسماء، رب الأولين والآخرين. 

برهانان أيده الله بهما

عند ذلك الحد، أدرك فرعون أنه انهزم في المناقشة، وانتصرت حجج موسى، فما كان منه إلا اللجوء إلى العناد والمكابرة، ولجأ، بعد أن أيقن بضعف حجته، إلى استعمال سلطانه وجاهه وسطوته، قال: "قال لئن اتخذت إلها غيري لأجعلنك من المسجونين. قال أولو جئتك بشيء مبين قال فأت به إن كنت من الصادقين. فألقى عصاه فإذا هي ثعبان مبين. ونزع يده فإذا هي بيضاء للناظرين" (الشعراء: 29 – 33). وهذان هما البرهانان اللذان أيده الله بهما، وهما العصا واليد. 

ألقى موسى، عليه السلام، عصاه فإذا هي ثعبان مبين، أي عظيم الشكل، بديع في الضخامة والهول، والمنظر العظيم الفظيع الباهر، حتى قيل: إن فرعون لما شاهد ذلك وعاينه، أخذه رعبٌ شديدٌ، وخوف عظيم، بحيث إنه حصل له إسهال عظيم أكثر من أربعين مرة في يوم واحد، وكان قبل ذلك لا يتبرز في كل أربعين يوما إلا مرة واحدة، فانعكس عليه الحال. 

وأدخل يدك في جيبك

بعدها أدخل موسى، عليه السلام، يده في جيبه واستخرجها، ثم أخرجها وهي كفلقة القمر، تتلألأ نورا يبهر الأبصار، فإذا أعادها إلى جيبه رجعت إلى صفتها الأولى، ومع هذا كله لم ينتفع فرعون، بشيء من ذلك، بل استمر على ما هو عليه، وأظهر أن هذا كله سحر، وأراد الانتصار عليه بالسحرة، فأرسل يجمعهم من سائر مملكته، ومن في رعيته وتحت قهره ودولته.

وذكر الله، سبحانه، في سورة "طه": "فلبثت سنين في أهل مدين ثم جئت على قدر يا موسى. واصطنعتك لنفسي. اذهب أنت وأخوك بآياتي ولا تنيا في ذكري. اذهبا إلى فرعون إنه طغى. فقولا له قولا لينا لعله يتذكر أو يخشى. قالا ربنا إننا نخاف أن يفرط علينا أو أن يطغى. قال لا تخافا إنني معكما أسمع وأرى" (طه: 40 – 46).