مصر تسقط في أزمة جديدة بسبب انتشار الكلاب الضالة
انتشار ظاهرة الكلاب الضالة في مختلف الشوارع خاصة في محافظة القاهرة أصبح أزمة مؤرقة للمجتمع بأسره، وتزداد سوءا كل عام، نظرا إلى الارتفاع الكبير فى أعداد الكلاب والتى يبلغ عددها حاليا فى المتوسط نحو 30 مليون كلب، وذلك طبقا لتقديرات وزارة الزراعة.
حالات العقر المبلغ عنها فى مصر بلغت نحو 575 ألف حالة عام 2019، وظلت فى تزايد بنسبة 20 % حتى تجاوزت نحو مليون بلاغ كل عام، وتزيد معدلات تلك البلاغات فى فترة الصباح خاصة في فترة دخول المدارس، حيث يتعرض الكثير من التلاميذ لعمليات العقر من الكلاب الضالة المنتشرة في الشوارع.
ضحايا العقر ترتفع أعدادهم يوما بعد يوم وكثيرا منهم نزلاء الآن فى مختلف المستشفيات ومنهم الطفلة "حنان 3 سنوات" ابنة حى الجمالية بالقاهرة، والتى كانت تلهو منذ بضعة أيام مع أبناء الأقارب والجيران فى مدخل العمارة التى تسكن بها جدتها، المقيمة في نفس الحي..
حيث فجأة دخل العمارة كلب وبدأ يصدر صوتًا مخيفًا كما لو كان يعطى جرس إنذار للأطفال الذين فزعوا وهرعوا إلى داخل شقة الجدة فرارًا منه، غير أن الطفلة حنان اختل توازنها وسقطت على الأرض، فانقض عليها الكلب المسعور ليفترسها وبالفعل غرس أنيابه فى وجهها البريء، مما تسبب فى كسور مزدوجة فى الفك فضلا عن تمزقات واسعة فى الوجه وجروح غائرة فى مختلف أنحاء جسدها.
واقعة أخرى لا تقل إثارة عن واقعة فتاة الجمالية شهدتها منطقة السبع بنات بالمحلة الكبرى، وكان بطلها كلبا ضالا مسعورا، وضحيتها عامل أمن بشركة غزل المحلة، والذى فوجئ بهجوم الكلب المسعور عليه، وقضم أذنه وأصابه بعدة جروح فى وجهه ورأسه وكاد يفتك به لولا تدخل الأهالى لإبعاد الكلب، بقذفه بالحجارة والعصى لإنقاذ العامل من بين أنيابه.
تسبب العدد الهائل للكلاب في انتشار مرض السعار "داء الكلب"، ومع وجود أعداد كبيرة من الكلاب والقطط الضالة، خاصة في المناطق الحضرية والسياحية، لذا أكد الأطباء البيطريون ضرورة تجنب ملامسة الحيوانات الأليفة.
وداء الكلب هو مرض فيروسي مميت يمكن أن ينتقل من الحيوانات إلى الإنسان عن طريق العض أو الخدوش، ويهاجم الفيروس الجهاز العصبي ويمكن أن يسبب الوفاة إذا لم يتم علاجه، ولا يوجد علاج لداء الكلب بمجرد ظهور الأعراض، ولكن يمكن الوقاية منه، وأفضل طريقة للوقاية من داء الكلب هي التطعيم ضد المرض..
كما أن التطعيم مهم أيضًا للحيوانات الأليفة، لأنها يمكن أن تنقل الفيروس إلى الإنسان، علما بأن وزارة التنمية المحلية تؤكد أن مصر تستورد أمصالًا بتكلفة تبلغ 1,2 مليار جنيه سنويا.. القضاء على مرض السعار المتوطن فى نحو 150 دولة -من بينها مصر بالطبع- يحتاج إلى منظومة متكاملة تشمل وزارات الصحة والبيئة والتنمية المحلية، خاصة حين نعلم أن مرض السعار يتسبب في وفاة أكثر من 59 ألف شخص حول العالم سنويا..
وأن مصر تمتلك القدرات الطبية والبشرية ما يكفي للقضاء على مرض السعار غير أن التوعية بمخاطر المرض ووبائية أمر ضروري للقضاء عليه، أما تجاهل الأجهزة المعنية يساعد على حدوث المزيد من الكوارث.
لقد بات الكثير من المواطنين يخشون السير ليلا أو نهارا في الشوارع والطرقات العامة ليس خوفا من سرقة أو اختطاف بل خوف من الكلاب التي تهاجمهم، وحين يهاجم بعض الأهالى كلب مسعور ويقومون بمطاردته لمحاولة القضاء عليه نجد أساتذة التصوير يقومون بعرض هذه الفيديوهات، وهم يصرخون من غلظة الأهالى الذين انتزعت الرحمة من قلوبهم متجاهلين الكوارث التى ارتكبها الكلب المسعور فى حق الضحايا. وأصبح جميع الفئات العمرية معرضة لخطر الإصابة بالسعار إلا أن الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 5 إلى 14 عامًا هم الأكثر عرضة للخطر.
كل هذه الكوارث لا تعيرها الحكومة أى اهتمام وترضخ لآراء جمعيات الرفق بالحيوان وبعض الأشخاص الذين يدافعون عن حقوق الحيوان، والذين يدركون حجم الكارثة ولا يقدمون لها أى حلول بل يطالبون بعدم المساس بالكلب الضال، ولم نجد منهم من يتطوع ويقوم بمراعاة بعض الكلاب الضالة فى منزل مثلا..
ولأن هذا أمر مستحيل لأن لو كان هناك متطوعون، لذلك فإن كل منزل منهم سوف يستضيف على الأقل 5 آلاف كلب حتى تخلو الشوارع من تلك الظاهرة الخطيرة، إذا فالحل هو أن تقوم الحكومة بإستخدام أساليب الحماية المختلفة كما كان يحدث منذ نحو ربع قرن، من خلال اصطياد هذه الكلاب من الشوارع أو تعقيمها لمواجهة زيادة التكاثر وبالتالي تقل الأعداد مع الوقت، وذلك للحد من هذه الظاهرة الشاذة التى أصابت المواطنين بأضرار جسيمة.
وسوف يشهد نهاية الشهر الحالى وتحديدا يوم 28 سبتمبر الإحتفال باليوم العالمى لمرض السعار والذى يهدف إلى رفع مستوى الوعى حول داء الكلب والوقاية منه، ذلك الذى يتم تنظيمه تحت إشراف التحالف العالمى لمكافحة مرض داء الكلب.