فيتو
رئيس التحرير
عصام كامل

الجنيه يخرج من الإنعاش مؤقتًا

هناك تساؤلات مشروعة من قامات علمية واقتصادية تقول ليس هناك أي سبب موضوعي يؤدي لارتفاع  سعر صرف الجنيه أمام الدولار، فلا صادراتنا زادت بشدة ولا عجز الميزان التجاري انخفض، ولا معدل التضخم في مصر أصبح أقل من معدل التضخم عند الشركاء التجاريين، ولا التزاماتنا تجاه الخارج قلت، وما زال علينا أعباء سداد مديونية ضخمة سنويا.. 

وربما يكون هذا التحرك الطفيف لعدة أسباب، الأول، أن نسبة الفقر ازدادت والطلب على كثير من السلع والخدمات المستوردة انخفض بشكل حاد، وبالتالي انخفض حجم الاستيراد للعديد من المنتجات وانخفض معها الطلب على الدولار، والثاني، أنه انخفاض بسيط متعمد لنقل إيحاء بأن من يحتفظ بالدولار سيخسر حتى يقوم ببيعه للحصول على هذا الدولار المُخزن.. 

والثالث، هو دخول الأموال الساخنة الملعونه كان لها تأثير في ذلك الانخفاض.. وخروجها بعد جني الأرباح سيكون كارثيا، وهي مضاربة من أصحاب الأموال الساخنة للخروج بربح مضاعف بعد حصولهم على فائدة البنك وفرق هبوط الدولار.. 

خاصة وأن معظم تقديرات الهيئات المصرفية الدولية تدفع في اتجاه ارتفاع صرف الجنيه المصري دون وجود أي مؤشرات حقيقية تدعم هذا التوجه، وهو اتجاه خبيث لا يخفي الهدف الحقيقي منه وهو تأمين خروج الأموال الساخنة في أي وقت بربح كبير، إلا إذا كان هناك اتفاق سياسي إقليمي قد يلوح في الأفق يأتي معه رفع لأعباء الدين وفوائده.

ومن ناحية رابعة، انخفاض الدولار أمام العملات الأجنبية الأخرى بشكل عام أدى إلى هروب رؤوس الأموال المقومة بالدولار إلى الأسواق الناشئة ومنها مصر، وهو ما يفسر زيادة دخول الأجانب بكثرة إلى سوق أذون الخزانة والسندات المصري.. الأمر اللافت هو انخفاض العائد على الاذون بعد الضريبة عن الكوريدور. ثم إن الجنيه ضعف أمام اليورو مما أدى لزيادة الصادرات المصرية باعتبار أوروبا الجهة الأساسية للتصدير..

من ناحية أخرى أدى انخفاض الدولار إلى انخفاض فاتورة الواردات. إضافة لانخفاض الدولار أمام العملات الأجنبية الأخرى بشكل عام أدى إلى هروب رؤوس الأموال المقومة بالدولار إلى الأسواق الناشئة ومنها مصر، وهو ما يفسر زيادة دخول الأجانب بكثرة إلى سوق أذون الخزانة والسندات المصري..

وترى الحكومة الآن أن هناك عرضا كبيرا للدولار في مصر، يتمثل في إنفاق المصريين بالخارج بالدولار عند عودتهم إلى مصر لقضاء الإجازات، وأيضا تنشط السياحة العربية في هذا الوقت من العام وما يصاحب ذلك من إنفاق العملات الاجنبية ثم الإقبال على شراء العقارات.. 

ومن المعروف أنه ينشط جدا فى هذا الوقت من العام ومعظم المشترين الآن من الأجانب ثم مصريي الخارج. وهي ملاحظة من سنين أن الدولار ينخفض في مصر ابتداء من شهر مايو حتى منتصف سبتمبر وقت إجازة المصريين في الخارج ويعود الفضل إلى قفزة في تحويلات المصريين بالخارج التي وصلت إلى 26.4 مليار دولار.. 

وارتفاع إيرادات السياحة إلى 12.5 مليار دولار مسجلةً أعلى مستوى منذ 14 عامًا، بما يعادل 4.6% من الناتج المحلي الإجمالي. ووفقا لتلك الأرقام فإن الجنيه المصري يكتب قصة صعود جديدة في أسواق العملات، لكنه يقف في اختبار حقيقي؛ فالحفاظ على هذه المكاسب يتطلب توسيع قاعدة الصادرات، جذب الاستثمارات الأجنبية، وتعزيز الشفافية المالية، إلى جانب الاستثمار في الطاقة المتجددة لتقليل الاعتماد على النفط.