بعد تزايد الصراعات بسببها، كيف يحسم القانون نفقات الصغار؟
كم نفقة يجب أن يدفعها الزوج؟ وهل تختلف النفقة للزوجة عن نفقة الصغار أو نفقة المتعة؟
أسئلة متكررة في أروقة محاكم الأسرة، حيث تتقاطع القوانين مع المشاعر، وتتحول الخلافات الزوجية إلى معارك قضائية تثقل كاهل الطرفين. ورغم أن المشرّع حدد أنواع النفقات بوضوح، فإن الكثير من المواطنين ما زالوا يخلطون بينها، مما يفتح الباب للجدل وسوء الفهم.
نفقة الزوجة، التزام يبدأ من العقد
تنص المادة الأولى من القانون رقم 25 لسنة 1920 على أن:
"نفقة الزوجة تشمل الطعام، والكسوة، والمسكن، وكل ما يقضي به الشرع.
وتستحق الزوجة النفقة بمجرد العقد الصحيح حتى لو لم يتم الدخول، وتستمر ما دامت العلاقة الزوجية قائمة والزوجة غير ناشز. أما إذا تركت منزل الزوجية دون سبب مشروع، فيحق للزوج رفع دعوى "إثبات نشوز" لإسقاط نفقتها، لكن القرار النهائي يظل بيد المحكمة.
نفقة المتعة، تعويض عن الطلاق المفاجئ
هي حق للمطلقة طلاقًا بائنًا دون رضاها، وتقدّر غالبًا بما يعادل نفقة 24 شهرًا وفق تقدير المحكمة، وقد تزيد أو تقل بحسب دخل الزوج وظروف الزواج.
ولا تُمنح إذا كان الطلاق برغبة الزوجة أو بطلبها، كما تسقط إذا ثبت ارتكابها خطأ جسيمًا أدى للطلاق. وتبقى نفقة المتعة بمثابة تعويض معنوي ومادي عن الانفصال المفاجئ، وهي مستقلة عن نفقة العدة.
نفقة الصغار: حق لا يسقط
تظل نفقة الأطفال التزامًا ثابتًا على الأب منذ الولادة وحتى البلوغ أو القدرة على الكسب، وفي حالة البنات حتى الزواج. وتشمل النفقة: المأكل، الملبس، العلاج، التعليم، والسكن.
ولا علاقة لها بخلافات الزوجين أو سلوك الأم؛ حتى مع إثبات نشوزها أو وقوع الطلاق، يبقى الأب ملزمًا قانونيًا بالنفقة على أولاده.
تداخل النفقات وإشكاليات التنفيذ
الخلط بين الأنواع المختلفة للنفقات يؤدي إلى تضاعف القضايا داخل محاكم الأسرة:
دعوى نفقة زوجة.
دعوى نفقة صغار.
دعوى متعة وعدة.
دعاوى زيادة أو تخفيض النفقة.
دعاوى الحبس لعدم السداد.
ويعتمد الفصل فيها على إثبات الدخل الفعلي للزوج، وهو ما يشكل تحديًا كبيرًا خاصة مع أصحاب المهن الحرة. وهنا يطالب محامون وخبراء بضرورة تبسيط الإجراءات وسرعة صرف النفقات الأساسية للأطفال بشكل إداري مؤقت لحين صدور الأحكام.
النفقات في جوهرها ليست صراعًا بين رجل وامرأة، بل هي آلية لضمان حياة كريمة للأطفال واستقرار للأسرة. لكن ما بين النصوص القانونية والواقع الاجتماعي تظل هناك حاجة ماسة للتوعية والشفافية، حتى لا تتحول النفقات إلى أداة للانتقام، بل تبقى وسيلة لتحقيق العدالة.