ذكرى رحيل بطليموس الخامس عشر، قصة النهاية الدموية لآخر ملوك البطالمة في مصر
في مثل هذا اليوم عام 30 قبل الميلاد، أسدل الستار على آخر فصول دولة البطالمة في مصر برحيل بطليموس الخامس عشر قيصرون، الذي يعد آخر ملوك الأسرة البطلمية التي حكمت وادي النيل لأكثر من ثلاثة قرون.
من البطالمة؟
البطالمة، أو الأسرة المقدونية الحاكمة لمصر، أسسها القائد بطليموس الأول أحد قادة الإسكندر الأكبر، بعد وفاته عام 323 ق.م. وبفضل مركز مصر الزراعي والتجاري والعلمي، تحولت الإسكندرية في عهدهم إلى واحدة من أعظم مدن العالم القديم، جامعة بين الحضارة اليونانية والروح المصرية.
حياة ونشأة بطليموس الخامس عشر
بطليموس الخامس عشر ولد عام 47 ق.م في الإسكندرية، وكان ابنًا للملكة الشهيرة كليوباترا السابعة من القائد الروماني يوليوس قيصر، ولهذا لُقّب بـ"قيصرون". لم يحكم حكمًا فعليًا طويلًا، إذ تولى العرش وهو طفل صغير إلى جوار أمه بعد اغتيال قيصر، وظل اسمه مقترنًا بعرش مصر كملك شكلي تحت وصايتها.
أهميته التاريخية لم تكن في إنجازات سياسية أو عسكرية، بقدر ما ارتبطت بمكانته كرمز لصراع القوى الكبرى في تلك اللحظة الحرجة، بين روما التي كانت تتمدد في الشرق، وكليوباترا التي حاولت الحفاظ على استقلال مصر عبر تحالفاتها مع يوليوس قيصر ثم أنطونيوس.
كواليس موته حملت مأساة نهاية البطالمة. فبعد هزيمة كليوباترا وأنطونيوس أمام أوكتافيوس (الإمبراطور أغسطس لاحقًا) في معركة أكتيوم، دخل الرومان مصر، وانتحرت كليوباترا، ليبقى قيصرون ابنها آخر أمل لاستمرار حكم البطالمة.
لكن أوكتافيوس أمر بقتله في أغسطس عام 30 ق.م، وهو لا يزال في السابعة عشرة من عمره، لينتهي بذلك حكم البطالمة نهائيًا وتدخل مصر مرحلة الحكم الروماني المباشر.
وبعد مقتل بطليموس الخامس عشر، تولى أوكتافيوس السيطرة المباشرة على مصر، لتصبح الولاية الخاصة للإمبراطور، ومنذ تلك اللحظة فقدت البلاد استقلالها السياسي لتصبح حجر الزاوية في مشروع الإمبراطورية الرومانية، ومصدرًا رئيسيًا للقمح الذي غذّى روما لقرون.
وتظل سيرة بطليموس الخامس عشر "قيصرون" شاهدة على آخر محاولة للحفاظ على هوية مصر في وجه صعود الإمبراطورية الرومانية، ورمزًا لنهاية أسرة حكمت بين شدّ وجذبٍ بين الهوية المصرية والإرث اليوناني، قبل أن يطويها التاريخ في صفحة خالدة من صفحات المشرق القديم.