فيتو
رئيس التحرير
عصام كامل

مدينة آمنة للنساء، عزبة البرج بدمياط تتحول إلى منصة شاملة للتنمية والوعي والابتكار(صور)

المدينة الصديقة للنساء
المدينة الصديقة للنساء بعزبة البرج بدمياط

في قلب مدينة عزبة البرج، ووسط أجواءها البحرية ذات الطابع المميز، بزغت تجربة فريدة جعلت من المدينة نموذجا يحتذى به في تمكين المرأة وصناعة الأمل مشروع "المدينة الصديقة للنساء" لم يكن مجرد مساحة عامة، بل تحول إلى منصة شاملة للتنمية والوعي والابتكار، ليصبح الأول من نوعه في محافظة دمياط والثاني على مستوى الجمهورية بعد الجيزة، وذلك بالشراكة بين محافظة دمياط والمجلس القومي للمرأة وهيئة الأمم المتحدة للمرأة، ضمن المبادرة العالمية لخلق مدن آمنة للنساء والفتيات.

لماذا عزبة البرج؟

اختيار عزبة البرج لم يكن مصادفة، فالمدينة الساحلية التي يعمل معظم رجالها في مهنة الصيد ويغيبون طويلًا في البحر، ألقت بعبء إدارة الحياة اليومية على النساء. هؤلاء السيدات كن يخضن معارك قاسية لكسب لقمة العيش عبر أعمال بدائية، مثل تنظيف الأسماك مقابل أجر زهيد، ما انعكس على ضعف الدخل وزيادة المشكلات الأسرية وتسرب بعض الأبناء من التعليم لذلك جاء المشروع كاستجابة حقيقية لاحتياجات النساء، ليمنحهن مساحة آمنة وفرصة حقيقية للنهوض.

تصميم مختلف يلبي الاحتياجات

المشروع الذي أقيم بجوار مكتبة مصر العامة على مساحة تتجاوز الألف متر مربع، لم يكن مجرد بناء حجري، بل صُمم بروح تشاركية تراعي البعد الاجتماعي والنوعي ضم وحدات للأنشطة الخفيفة، معارض لمنتجات النساء، ساحات خضراء وبرجولات للجلوس، منطقة ألعاب للأطفال، ومكتبة تحتضن جلسات القراءة، لتصبح المدينة بيئة مريحة وآمنة تجذب النساء وأسرهن.

أنشطة وبرامج متنوعة

لم يقتصر دور المشروع على البنية التحتية، بل امتد إلى قلب المجتمع عبر برامج عملية. فقد أتيحت للسيدات فرص تعلم الحرف اليدوية كالتصميم والخياطة وصناعة المنتجات الغذائية، إلى جانب تدريبات على إعداد دراسات جدوى ومهارات ريادة الأعمال.

كما تم تنظيم دورات لمحو الأمية، وأنشطة للأطفال في مجالات متعددة مثل الكمبيوتر، اللغات، الروبوت، الرسم، والشطرنج. إضافة إلى ندوات توعوية حول قضايا الأسرة، الصحة، التربية الإيجابية، مكافحة العنف ضد المرأة، والمحو الرقمي، بالتعاون مع أجهزة الدولة المختلفة.

إنجازات ملموسة واعتراف عالمي

هذه التجربة لم تمر مرور الكرام، فقد نالت "المدينة الصديقة للنساء" جائزة المنتدى الحضري العالمي عام 2024، بعد حصولها على المركز الثاني ضمن أفضل نماذج الفراغات العامة المفتوحة في مصر. وعلى أرض الواقع، أثمر المشروع عن تمكين عشرات السيدات من إطلاق مشروعات صغيرة خاصة بهن، الأمر الذي انعكس على نظرة المجتمع لدور المرأة، ورسخ مكانتها كعنصر منتج وفاعل.
كما برزت مبادرة "إيد على إيد" لإعادة تدوير الملابس وتوزيعها على الأسر الأولى بالرعاية، لتضيف بُعدًا إنسانيًا آخر للتجربة.

 

انشطة المدينة الصديقة للنساء بعزبة البرج بدمياط
انشطة المدينة الصديقة للنساء بعزبة البرج بدمياط

 

 

تحديات البداية والتوسع المستقبلي

ورغم ما واجهه المشروع في بدايته من بعض التحفظات المجتمعية، خوفًا من فكرة "تمكين النساء"، إلا أن جهود التوعية وشرح الأبعاد التنموية والخدمية للمبادرة ساهمت في كسب تأييد العائلات والرجال، ثم حماس السيدات والفتيات أنفسهن. هذا النجاح دفع الحكومة المصرية لدراسة تعميم التجربة في محافظات أخرى، ضمن توجيهات القيادة السياسية بدعم المرأة وتمكينها.

دمياط.. مدينة تتنفس التعلم والتمكين

اللافت أن هذه التجربة تتكامل مع ما حققته دمياط من قبل حين فازت بجائزة اليونسكو لمدن التعلم عام 2021، لتؤكد أن الإقليم يسير بخطى ثابتة نحو بناء مجتمع أكثر وعيًا وعدالة، يضع المرأة في صدارة التنمية ويمنحها المساحة التي تستحقها لصناعة مستقبل أفضل.