قصة حوار عاصف بين أمينة السعيد وفكري أباظة، الكاتب: "متحررة وما كانش ليك جواز" والصحفية: أنت مدمر
أمينة السعيدـ رحلت في مثل هذا اليوم 13 أغسطس عام 1995، أول سيدة تحصل على عضوية نقابة الصحفيين، وأول مصرية تلتحق بالجامعة مع سهير القلماوي، وأول رئيسة تحرير مجلة، وهي مجلة حواء، وترأست مؤسسة دار الهلال، تؤيد الاختلاط بين الجنسين وخروج المرأة للعمل، وتعارض العزوبية.
ورغم أنها نشأت في بيئة صعيدية فإن اجتهادها وتربيتها على يد أب يعمل طبيبًا ساعدها على أن تلتحق بكلية الآداب في أول دفعة نسائية لتصبح أول فتاة تتخرج، وعملت صحفية دون أن تكون هي صاحبة المجلة أو الجريدة، في وجود أديبات كبار كن أصحاب صحف مثل ملك حفني ومي زيادة ومنيرة ثابت وفاطمة اليوسف.
لاعبة تنس ترتدي الشورت
تميزت أمينة السعيد بالجرأة والنظرة الثاقبة، وكانت أول من شجع الطالبات في المدرسة والجامعة على ممارسة الرياضة وبدأت هي تمارس رياضة التنس وهي ترتدي الشورت، أيضًا كانت صاحبة الصوت العالي ضد المتطرفين الذين يقسمون المجتمع إلى رجال ونساء، وكانت محبة لحضور الندوات الثقافية حتى إنها حضرت ندوة لمناقشة مسرحية أمير الشعراء أحمد شوقي "مجنون ليلى" فخرجت الأصوات المعارضة للمرأة تقول "وداعًا للحياء" لأن فتاة جامعية شاركت في الحديث عن مسرحية "مجنون ليلى".
حوار في الزواج والحب
أجرى الصحفي فكري أباظة حوارًا مع الصحفية المتميزة أمينة السعيد نشر في مجلة المصور عام 1947 حول آرائها في الاختلاط والحب والزواج والعزوبية تحت عنوان (كان يجب أن تتزوج.. وكان يجب ألا تتزوجي).

وعن رأيها في الاختلاط بين الجنسين قالت أمينة السعيد: أنا من أوائل الذين آمنوا بمبدأ الاختلاط وقد قضيت سنوات طويلة في الدعوة إليه وتحت يدي تجربتي وتجربة أولادي فقد آثرت التعليم المختلط من بداية المراحل الدراسية وقد زادت من إيماني بمبدأ الاختلاط الأثر الاجتماعي الطيب الذي تركه وجود أولادي مع الجنس الآخر في أحضان الحرم العلمي، ومن هنا أومن أن المجتمع العربي لن يصحح أخطاءه الحاضرة ويزيل العقبات التي تعترض طريق الارتقاء إلا بتعليم البنين مع البنات للقضاء على الكبت الذي يفسد أخلاق الجيل الجديد.
الحياة الزوجية أخطر ألوان الحياة
وعن الزواج قالت أمينة السعيد: الحياة الزوجية في نظري من أهم وأخطر ألوان الحياة، والمسؤولية الجسيمة التي تقع على كاهل الزوجين لا يمكن أن تتم على الوجه الأصح إلا إذا كان الاثنان على درجة من النضج والوعي تمكنهما من فهم واجباتهما وحقوقهما داخل مؤسسة الزواج وفوق ذلك الاهتمام بتربية الأولاد على الوجه الأكمل.
واتجهت أمينة السعيد إلى الكاتب فكري أباظة في ثورة قائلة: "كان يجب أن تتزوج، ورد عليها أباظة قائلًا: ما كان يجب أن تتزوجي".

قالت أمينة السعيد: ألا ترى أني تدخلت في مسألة شخصية بحتة؟ فأجاب فكري: عجبًا من الذي أثار الجدل، أنت التي هاجمتني بحملتك على العزوبية في كتاباتك، لكنكن أيتها النساء تشعلن الفتيل ثم تحملن الرجال المسؤولية، ومع ذلك فأحاديثكن في الصالونات والمجتمعات كلها شخصية وخاصة.
تتهم الرجال باحتراف النشر
قالت الصحفية أمينة السعيد: هذا يحدث.. لكن أحاديثنا عن النساء محصورة في جدران أربعة، وفي وسط معين، وهو كلام تافه ليس له نتائج سيئة، لكنكم أيها الرجال احترفتم النشر والإذاعة والدعاية فسودتم الصفحات بأخبار الصالونات وقرأها الملايين فدمرت بيوتًا وعائلات، ورسمت طريق الإغراء والتقليد فأضرت المجتمع.
قال فكرى أباظة: المرأة دائما هي عنصر، وفي نفس الوقت فتيل، والزوجة الصالحة في بيت السياسي والحزبي كان في وسعها أن توجهه الوجهة الصحيحة، لكنها لم تؤد دورها.
الرجال مسؤولون عن الأوضاع
قالت أمينة السعيد: إذا صح هذا فمعناه أننا نسيطر ونوجه وأنكم ضعفاء، وأنتم أيها الرجال مسؤولون عن هذا الوضع بعدما أقصيتم النساء عن المسؤولية الرسمية في السياسة والمجتمع فلم تحسن واجبها ولم تتدرب عليه.
قاطعها فكرى أباظة قائلًا: إن شخصية حرة جريئة متمردة مثلك ما كان يجب أن تتزوج وأن تقبل ضريبة ذل الزوجية ولا الأولاد، ومثلك كان يجب أن تكون ميدانها صحفية متحركة جوالة كبنات جنسك من الأمريكيات والإنجليزيات، لكنك لم تطاوعي استعدادك وتزوجتِ كأي عاطلة.

اعترضت أمينة السعيد على وصف الزوجية بالذل وقالت: إن الزوجة ملكة متوجة تفرض ديكتاتورية على مملكتها الصغيرة، وإنك لا تفهم هذا لأنك لم تمارسه، وقد أتاحت لي الزوجية أن أربي جنودًا للوطن.. أما أنتم أيها العزاب فمدمرون هدامون".