لحماية الاحتياطيات ومواجهة التضخم، تعرف على أكبر حائزي الذهب حول العالم
يكتسب الذهب زخما غير مسبوق وسط تجدد الطلب من البنوك المركزية والمستثمرين على حد سواء، بعد أن ارتفع سعر الأونصة إلى مستويات قياسية بزيادة 26% خلال النصف الأول 2025، حيث تسابق البنوك المركزية في أنحاء العالم إلى تعزيز مخزونها من المعدن الأصفر.
مسح أجراه مجلس الذهب العالمي وشركة "يوغوف" في يونيو الماضي أظهر أن 43% من هذه البنوك تخطط لزيادة احتياطياتها من المعدن النفيس خلال 12 شهرًا مقابل 29% العام الماضي، وهو ما يعكس سعيها للتحوط من التضخم والصدمات السياسية.
هذا الإقبال رفع حجم مشتريات البنوك المركزية لأكثر من ألف طن للسنة الثالثة على التوالي، ودفع بعض الدول إلى إطلاق مبادرات صناعية للاستفادة من الذهب كقطاع اقتصادي مستقل، مثل مشروع "مدينة الذهب العالمية" في بغداد الذي يهدف إلى توطين صناعة الذهب وجعل العراق مركزًا إقليميًا للتجارة.

في هذا السياق، يسلط التقرير التالي الضوء على أكبر الدول حيازةً للمعدن النفيس، وأسباب تحول الذهب إلى ملاذ للاقتصاد العالمي.
أكثر الدول حيازة للذهب في العالم
وفقًا لتقديرات مجلس الذهب العالمي عن الربع الثاني 2025، تتصدر الولايات المتحدة قائمة أكبر الدول حيازة للذهب عالميًا بـ8133.5 طن تقدر قيمتها بنحو 628 مليار دولار، وتمثل 72.4% من إجمالي احتياطياتها النقدية.

وسجل احتياطي الذهب في ألمانيا حوالي 3351 طنا، بينما جاءت في المرتبة الثالثة إيطاليا باحتياطي 2451 طنا، فيما وصلت فرنسا للمرتبة الرابعة بنحو 2437 طنا، وبلغت روسيا باحتياطيات 2329 طنا.
جاءت الصين في المركز السادس عالميا من حيث حجم احتياطيات الذهب خلال الفترة نفسها، فيما عزز بنك الشعب الصيني احتياطياته من الذهب في يوليو، مواصلا عمليات الشراء للشهر التاسع على التوالي، في إطار مساعيه لتنويع أصوله بعيدًا عن الدولار الأمريكي.
لماذا تعزز الدول احتياطياتها من الذهب؟
تسعى البنوك المركزية حول العالم إلى زيادة احتياطياتها من الذهب لأسباب استراتيجية، كون المعدن الأصفر أداة تنويع أساسية تحمي الاحتياطيات من تقلبات أسعار الصرف، وتقلص الاعتماد على الدولار الأمريكي كمركز للاحتياطي.
ينظر إلى الذهب أيضا على أنه ملاذ آمن يمكنه مواجهة التضخم والأزمات المالية، وتداعيات النزاعات الجيوسياسية، وهو ما برز مع الحرب الروسية‑الأوكرانية وصراعات الشرق الأوسط. لذلك، تفضل البنوك المركزية إضافة الذهب إلى محافظها لمعادلة مخاطر العملات وتقوية موقفها إذا ما اضطربت الأسواق أو ارتفعت معدلات التضخم.
من جهة أخرى، يساعد الذهب هذه المؤسسات على تعزيز ثقة المستثمرين في عملاتها الوطنية ودعم الاستقرار المالي؛ إذ يُستخدم كأصل يضمن قدرة الدولة على الوفاء بالتزاماتها.
تراجع الثقة في الدولار كان أيضا دافعا أساسيًا لتحول البنوك نحو الذهب؛ فاستطلاع مجلس الذهب العالمي لعام 2025 أظهر أن غالبية المصارف المركزية تتوقع انخفاض حصة الدولار في الاحتياطيات العالمية خلال السنوات الخمس المقبلة، بينما يعتقد نحو 95% من المستطلعين أن احتياطيات الذهب العالمية ستواصل الزيادة.
وفقًا لاستطلاع مجلس الذهب العالمي 2025، فإن 95% من البنوك المركزية تتوقع زيادة احتياطياتها من الذهب خلال 12 شهرًا المقبلة.
ما هي أكبر الدول العربية حيازة للذهب؟
تصدرت المملكة العربية السعودية قائمة الدول العربية بحيازة الذهب خلال عام 2024، بنحو 323.1 طن، تلتها لبنان بحوالي 286.8 طن، ثم الجزائر بحوالي 173.6 طن.
وجاء العراق في المركز الرابع عربيا بنحو 162.7طن، بينما ليبيا في المرتبة الخامسة بنحو 146.7 طن، فيما احتلت مصر المركز السادس بحوالي 126.9 طن، تلتها قطر بنحو 110.8 طن.
وفي يوليو الماضي، أقر المجلس الوزاري للاقتصاد في العراق مشروع "مدينة الذهب العالمية" في إطار خطط الحكومة لتوطين صناعة المعادن الثمينة، من ذهب ومجوهرات وحلي.
يشار إلى أن البنك المركزي العراقي جاء في المركز الأول عربيًا والسابع عالميًا على قائمة البنوك المركزية الأكثر شراء للذهب خلال العام الماضي، حسب بيانات مجلس الذهب العالمي.
كيف أسهمت مشتريات البنوك المركزية العالمية في ارتفاع أسعار الذهب؟
دفعت مشتريات البنوك المركزية أسعار الذهب إلى مستويات غير مسبوقة، إذ أسهم هذا الطلب في رفع الأسعار بأكثر من 30% خلال 2024.
وبلغت الأونصة نحو 3450 دولارا في النصف الأول من 2025، وظلت قرب 3380 دولارًا خلال أغسطس. يرجع جزء كبير من هذا الصعود إلى أن البنوك المركزية اشترت أكثر من ألف طن من الذهب للعام الثالث على التوالي، في وقت بلغت فيه مشترياتها نحو ربع الطلب العالمي تقريبًا، ما يعادل ربع إلى ثلث الإنتاج السنوي.
يمثل هذا الطلب المؤسسي القوي دعامة للسوق، كما أن انخفاض أسعار الفائدة الأميركية جعل الذهب أكثر جاذبية مقارنة بالأصول ذات العائد الثابت، في حين أن ضعف الدولار قلل جاذبيته كعملة احتياط. كما ساهمت التوترات الجيوسياسية بدور إضافي في الارتفاع باعتباره ملاذًا آمنًا يحظى بالإقبال وقت الأزمات.