رئيس التحرير
عصام كامل

في ذكرى رحيل محمود السعدني.. السادات رفض طلب القذافي للإفراج عنه.. سافر إلى بيروت بعد منعه من الكتابة.. وهذه أبرز أمنياته الساخرة قبل الرحيل 

محمود السعدنى مع
محمود السعدنى مع شقيقه صلاح السعدنى

محمود السعدنى، الولد الشقى، أحد كبار كتاب الصحافة الساخرة المصرية، له مشوار كفاح طويل  فى بلاط صاحبة الجلالة، كتب مقالات ساخنة فكان نصيبه السجن والاعتقال، وله ذكريات جميلة وعظيمة فى مقهى صغيرة بالجيزة تسمى قهوة عبدالله ضمتها أغلب مؤلفاته، وهو الشقيق الاكبر للفنان الراحل صلاح السعدنى، ورحل فى مثل هذا اليوم  4 مايو عام 2010 إثر أزمة قلبية.

هيئة الكتاب ترد على نجل محمود السعدني: لم نطبع أعمال والدك في معرض القاهرة

يقدم محمود السعدنى نفسه إلى القراء فيقول: أخوكم العبد لله محمود بن عثمان بن محمد بن على بن السعدنى الشهير بمحمود السعدنى، رحلة قطعتها عبر سنوات طوال على مقعدى فى مقهى بلدى فى الجيزة هى قهوة عبد الله، وعبد الله رجل بلا شأن لكنه دخل التاريخ من أوسع أبوابه، المقهى أنواره باهتة ومقاعده مهشمة لكن شهرته أوسع من ميدان الجيزة نفسه.

التقيت فى هذا المقهى بعشرات من الأدباء والشعراء والفنانين معظمهم تتلمذت على يديه وبعضهم زاملته وبعضهم تأستذت عليه.. نماذج من البشر لن يجود الزمان بمثلهم، اجتمعوا طويلا ثم انفضوا جميعا، بعضهم اختطفه الموت، والبعض هرسه الزمن الغادر وبعضهم طرده الجمود والنكران إلا أنهم جميعا من زبدة مصر وسحرها وحفنة من ترابها، إنهم مصر نفسها وبدونهم ربما لا تكون مصر.

أسرة محمود السعدني تلجأ إلى المحكمة الاقتصادية بسبب معرض الكتاب 2024، ما السبب

Advertisements

مجلة الكشكول بداية المشوار الصحفى 

ولد محمود عثمان إبراهيم السعدني الشهير بـ محمود السعدني عام 1927 في محافظة المنوفية، وعمل في بدايات حياته الصحفية في عدد من الصحف والمجلات الصغيرة التي كانت تصدر في شارع محمد علي بالقاهرة، وكانت انطلاقته الكبرى من مجلة " الكشكول" التي كان يصدرها مأمون الشناوي حتى إغلاقها، وعمل في مجلة روز اليوسف وقت كان إحسان عبد القدوس رئيسا لتحريرها.

فصل بيرم والسعدنى وطه حسين من الجمهورية 

بعد قيام الثورة انتقل إلى الكتابة بجريدة الجمهورية التي أصدرها مجلس قيادة الثورة، وكان رئيس مجلس إدارتها أنور السادات ورئيس تحريرها كامل الشناوي، لكن بعد تولي السادات منصب رئاسة البرلمان، تم الاستغناء عن خدمات محمود السعدني من جريدة الجمهورية، مع العديد من زملائه، منهم طه حسين وبيرم التونسي وعبد الرحمن الخميسي.

الكاتب الصحفى محمود السعدنى 

تعرض الكاتب محمود السعدنى للاعتقال أكثر من مرة في عهدى عبد الناصر والسادات، فأثناء زيارة صحفية إلى سوريا قبيل الوحدة بين البلدين، حيث طلب أعضاء الحزب الشيوعي السوري من السعدني توصيل رسالة مغلقة للرئيس جمال عبد الناصر، فقام بتسليمها لأنور السادات دون أن يعلم محتواها، وكان في الرسالة تهديد لعبد الناصر، فألقي القبض عليه وسجن ما يقارب العامين، وأفرج عنه بعدها وعاد للعمل في روز اليوسف بعد تأميمها، ثم تولى رئاسة تحرير مجلة “صباح الخير.

حكاوى زمان، حكاية محمود السعدنى مع البرد والأمطار في رمضان

محاكمته ضمن مراكز القوى 

وفى عهد السادات حدث صراع على السلطة بين الرئيس أنور السادات وعدد من المسئولين المحسوبين على التيار الناصري، مثل شعراوي جمعة وسامي شرف ومحمود فوزي وغيرهم، وانتهى الصراع باستقالتهم واعتقال السادات لهم، وتقديمهم للمحاكمة بتهمة محاولة الانقلاب، وكان اسم محمود السعدني ضمن أسماء المشاركين، فقبض عليه وتمت محاكمته أمام محكمة الثورة، 

 

حاول الرئيس الليبي الأسبق معمر القذافي التوسط للإفراج عن الكاتب محمود السعدنى عند السادات لكنه رفض وساطته وقال إن السعدني أطلق النكات عليه وعلى أهل بيته لاسيما زوجته جيهان السادات، ويجب أن يتم تأديبه ووعد بعدم الإفراط في عقابه.

بعد قرابة العامين في السجن أفرج عن محمود السعدني السعدني وصدر قرار جمهوري بفصله من صباح الخير ومنعه من الكتابة بل ومنع ظهور اسمه في أي جريدة مصرية حتى في صفحة الوفيات، مما اضطره إلى الخروج من مصر.

 

غادر محمود السعدنى  مصر متوجهًا إلى بيروت واستطاع الكتابة بصعوبة في جريدة السفير، ثم سافر عام 1976 إلى أبوظبي للعمل كمسئول عن المسرح المدرسي في وزارة التربية والتعليم بالإمارات، ولم ترق له الفكرة، ليعمل مرة أخرى في إدارة تحرير جريدة الفجر الإماراتية حيث طبق فيها مدرسة روز اليوسف الصحفية المصرية بكل ما كانت تتميز به من نقد مباشر وتركيز على الهوية القومية والابتعاد قدر الإمكان عن التأثير المباشر للحاكم وصانع القرار، وكان ذلك سببا في التضييق عليه مما اضطره  إلى مغادرة أبوظبي إلى الكويت ليعمل في جريدة السياسة الكويتية مع الصحفي أحمد الجار الله، ولكن الضغوط لاحقته هناك أيضًا، فغادر إلى العراق ليواجه ضغوط من نوع جديد ليغادر أخيرا إلى لندن.

الولد الشقى أشهر مؤلفاته 

بعد رحيل السادات عام 1981 عاد الكاتب الساخر محمود السعدنى الى مصر، وأصدر مجموعة من المؤلفات الساخرة كلها تسجيلا لسيرته الذاتية منها: الولد الشقى، أمريكا ياويكا، المضحكون، الموكوس في بلاد الفلوس، حمار من الشرق، تمام يافندم، مسافر على الرصيف، قهوة كتكوت، رحلات ابن عطوطة، وغيرها.

مضى قطار العمر 

 كانت آخر كلمات كتبها محمود السعدنى على سرير المرض يقول فيها: مضى العمر وولت سنوات الشباب من بين أصابعى دون أن أدرى، ماتت البسمة على شفتى لا أدرى لماذا، وانهارت ذاكرتى حتى شعرى راح يتآكل كأنه فروة خروف جربان، وازددت صلعا وقلة قيمة وأنا حي أرزق.. وبعد أن كان الأكل لذة أصبح لعنة، والليل الذى كان سميرى أصبح عدوى اللدود، وإذا سهرت ليلة نمت من المغرب كالفراخ، حتى صعود السلم أصبحت لم أقدر عليه، أتوكأ على عصا، وعلى عيني نظارة،

سهرة مرحة جمعت السعدنى ومحفوظ بقهوة عبدالله 

وأضاف محمود السعدنى: أسماء لمعت وأسماء انطفأت وخطوط طقطقت وخطوط اندثرت، بهم نشبت معارك وبسببهم تحقق الخلود لأيام وحكمة الله أن رواد المقهى من الأدباء سلكوا طرقا مختلفة لكن الغاية كانت واحدة وجميعهم هاموا حبا بمصر لكن أحد منهم لم يفز بها.. نماذج لن تتكرر وشخصيات كان يكفى أن تأتى واحدة منها فى كل عصر لتزينه وتبهجه وتنشر النور فيه: أنور المعداوى، زكريا الحجاوى، عبد الرحمن الخميسى، نجيب محفوظ،عبد القادر القط، زهدى، عبد الحميد قطامش،عباس الشيخ، نزار قبانى، محمود حسن إسماعيل، نعمان عاشور، محمد كامل حسين، صلاح عبد الصبور، صلاح جاهين، يوسف ادريس، رجاء النقاش، حسن فؤاد، طوغان،وغيرهم كثير.

أمنيات ساخرة قبل الرحيل 

ويختتم محمود السعدنى بقوله: لكنى أتمنى من الله ولا يكثر على الله أن يصدر قرار استثنائى بأن يظل بعض الناس الطيبين أحياء إلى آخر الزمان وأن أكون واحدا منهم، فأنا أخشى أن يحملنى الأصدقاء يوما ليقذفوا بى فى حفرة ثم يسهرون فى الليل يرددون نكاتى ومشاغباتى معهم، لقد دفعت دفعا من مرحلة الطفولة الى مرحلة الكهولة دون أن أمر بمرحلة الشباب، سأعيش صحفيا وأموت صحفيا وسأحشر يوم القيامة فى زمرة الصحفيين

ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوادث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.
 

الجريدة الرسمية